احتياجاتك …هي من حقّك

مدة القراءة: 4 دقائق
حفظ (0)

No account yet? Register

منذ اللحظة الأولى لوصولنا الى هذه الحياة ، يحتاج الانسان الى الرعاية و الاهتمام ، الحنان و الدعم ….و كل هذه الأمور التي من شأنها أن تدعم نمّوه الجسدي ، النفسي و الروحي ، فيتبادل خبراته على مدار مراحل حياته ، يكتشفها و يختبرها من خلال هذه الاحتياجات …
فكل كائن على وجه الأرض يملك أنواع مختلفة من هذه الاحتياجات التي يجب أن تُلبّى له ، فما بالك بالانسان الذي يعتبر من أهم المخلوقات و أرقاها …فلمّا نتطرق الى موضوع تلبية احتياجاتنا ، يوجد خيار واحد و وحيد : هو تلبيتها فعلا ، لماذا ..؟
لأنك ببساطة اذا لم تُلّبي هذه الاحتياجات عن طريق وعيك ، سوف يتولى اللاواعي المهمة ، و يستعمل كل أساليب اللف و الدوران ، و التلاعب بالحيل و امتصاص طاقات الناس ..ففي الأخير هذا هو دوره .

من الممكن أنّ كل شخص يرى من نفسه مستقلا ، و لا يحتاج الى أي شيء معنوي أو مادّي ، لكنك أتيت الى هذه الحياة و انت معتمد على غيرك في احتياجاتك ، و بعد ذلك يحصل ما يسمى بتبادل الاحتياجات …لانك عندما تعيش مع فكرة أنك لست محتاجا لأي شيء ، هنا أنت خائف ..خائف من اظهار طبيعتك البشرية و ضعفك الانساني ، و بالتالي لن تطلب ما تحتاجه ، فيتدخل اللاواعي ليُلبّي لك ذلك مستعملا كل الطرق الملتوية ، و على درجة عالية من التلاعب بالآخرين ، و كل هذا يحصل بدون وعي أو انتباه منك .
عندما نرجع الى الوراء قليلا ، بمعنى في مرحلة الطفولة يحتاج الطفل الى التعبير عن مشاعره و الحصول على التقدير و الحب من طرف أسرته ، لكنه يتلقى رفضا كنوع من ردة الفعل ، فبالنسبة له اي موضوع ، حتى لو كنا نراه تافها هو يعتبره مُهما و ضروريا ، باعتباره يختبر كل ماحوله عن طريق مشاعره ، و زيادة على ذلك الرفض يزيد الاهل الطين بلة ، بالتعييب عليه أو على طلبه ، و التقليل من شأنه ، و مع الوقت و التكرار ، تُزرع فيه مشاعر سلبية عميقة مثل الخجل و عدم الثقة بالنفس ، فيتوقف عن عملية الطلب بشكل مباشر ، ليبدأ في تطوير أساليب أخرى غير واعية للحصول على رغباته بشكل غير مباشر .

دورة نفرتاري

مثلا :
الانسان المحتاج لشعور الامان ، ممكن يُخلق له ظروف أو مواقف كحوادث او الاصابة بمرض معين ، حتى يتلقى المساعدة أو الانقاذ من طرف الآخرين .
و الذي يحتاج الى الشعور بالقبول : ممكن يتقمص غير شخصيته للحصول على القبول، أو الشعور بالانتماء او الاستحسان من المحيطين .
و كل انسان مهما كان ، يستخدم و لو أسلوب واحد من اساليب التلاعب ، فالكل يعمل على المتاح له و الذي يخدم مصالحه ، رغم أن هذه الأساليب تُحسّس الانسان بمشاعر العار و عدم النزاهة ، الا انه يضطر الى اتباعها من اجل الشعور بالراحة أو الهروب من المسؤولية ، مسؤولية اظهار حقيقة شخصيته التي تميل للحصول على هذه الاحتياجات ” الغير المقبولة ” و التي لم يستطع الحصول عليها بوعي .
أمّا الذي يصبح واعيا لهذه الأساليب ، سيعترف بها رغم نظرة الآخرين لها و التي تعبر عن النقص أو الضعف ، و بأنها مرفوضة بالنسبة له أو لثقافة مجتمعه الذي تربى فيه ، و الذي لم يسمح له حتى بالتعبير عنها ، و هذا يعتبر أول خطوة نحو كسر هذه البرمجة ، و اكتشاف حقيقتك و توسيع خياراتك في هذه الحياة .
فالمشكلة لا تكمن في طلبك لهذه الاحتياجات ، بل بايجاد الطرق الصحيحة ، الواضحة و المباشرة لتلبيتها ، فالفقر و الطمع أو الحسد ليسوا من الصفات الجيدة ، لكنها تعتبر ردات فعل أو نتائج لعدم تلبية جاجيات ، أما الأنانية أو الرغبة في تخزين الثروة فهي أيضا نابعة من حاجة أو شعور عميق بالخوف و عدم الأمان .

مثال آخر :
الرغبة أو الحاجة الى الحضن باستمرار ، يمكن يكون هذا في نظر البعض حاجة صبيانية ، فينكرها الناس بل و يسخرون منها ، لاننا بالغون و راشدون لطلب هذه الحاجة …
اذا كانت عندك هذا النوع من الحاجة في سنك ، هذا معناه أنها لم تُلبى كفاية في مرحلة الطفولة ، و اذا لم تكن كذلك فانك لن تنضج أو تنتقل الى أبعد من هذه المرحلة …لا تخجل من طلب ذلك ، و اترك هذا الطفل الداخلي يعبر عن حاجاته بكل قبول و تفهم ، لكنك في المقابل عليك أيضا أن تجد من يُلبّي لك هذا أو من تتناسب معه في الاحتياجات ، و هذا لن يحصل الا باعترافك بحاجاتك الحقيقية ، لانك اذا فعلت هذا ، ستجذب ما يتوافق معك ، أما الذي لا يستطيع ذلك سيخرج من دائرة حياتك و ينفر منك تلقائيا ، لأن الشخص الذي سينجذب لك سيُلبي لك حاجاتك و هو يشعر بالسعادة ، بالسعة ، لأنها ببساطة ستكون متبادلة ، فتخيل لو كانت تلبية احتياجاتك هي من تلبية احتياجاته أيضا …كم ستتغير حياتك و تصفى من كل الشوائب المزيفة .
اذا كان الشريك يشعر بالخمول أو اليأس ، ألن تشعرين بالسعادة عند دعمه و تحفيزه …
اذا كان صديقك يحتاج الى الدعم النفسي من استماع أو احتواء ، ألن تفرح عندما تلمس فيه الراحة و التحسن …
اذا كانت شريكتك ترغب منك دعمك و ثقتك ، ألن يبهجك نجاحها و سعادتها كامرأة …

أنت بهذا لن تُلبّي احتياجتهم ، بل لبيت احتياجاتك أيضا من خلال هذا التواصل ، فهو من أكبر و أسمى الاحتياجات الانسانية .
و في الأخير تلبية الاحتياجات أو التعبير عن ذلك هو من حقك ، و ليست أنانية أو نقص ….انما هذا ما يُغذي الرُّوح ، و يسمو بها الى التطور و التوسع ، بقلب سليم و طاهر …عليك فقط اكتشاف نفسك و تقييم هذه الاحتياجات الطبيعية بدون اللجوء الى اساليب اخرى غير مشروعة ، بل كن صريحا ، واضحا و مباشرا في طرح هذا الجانب الانساني منك ، فعموما و في كل الحالات هذه الاحتياجات ستجد الطريق لتلبية نفسها بنفسها ، فمن الأحسن أن تتحلّى بالشجاعة الكافية لذلك ، و هذا ما سيتطلب منك أن تكون مفتوحا لاي رفض أو نقد خارجي ،لكن في المقابل سيضعك أمام حقيقتك ، ففي النهاية كل انسان يملك الارادة الحرة لكيفية العيش في هذه الحياة مهما كان خطأه أو تجاوزاته …لكن الأهم أن لا تتجاوز على نفسك أوّلا .

إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
نبذة عن الكاتب: Abbrak User
مستخدم إعتباري لكل المشاركات التي تم حذف حسابات أصحابها لأنها خاملة لأكثر من ١٨ شهر.

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

@peepso_user_1046(خولة بريهمات)
لقيت جواب لتساؤل محيرني هالفترة الاخيرة. شكرا لك. اللي عندي وعطيتيلي امل واكدتيلي ان مقابل تلبيته في تلبية للاخرين.
19 يونيو, 2020 7:53 م