احسن تقويم

مدة القراءة: 3 دقائق
حفظ (0)
ClosePlease loginn

No account yet? Register

قال الله تعالى “و خلقنا الانسان في احسن تقويم ” سورة التين
هذه الاية جاءت في منتصف سورة التين , و هي سورة مكية , قصيرة مكونة من ثماني ايات
الانسان…الانسان هو مخلوق قادر على التفكير و استخدام اللغة و النطق , لانه يمتلك دماغا مؤهلا يستطيع من خلاله توظيف قدراته لصناعة الادوات التي يحتاجها , حيث يتميز ايضا بحسه الجمالي مما يدفعه الى الابداع , و اشباع حاجته المستمرة و الملحة الى الفهم و الاستفسار عن الظواهر الطبيعية , و محاولة فهمها و معرفة القوانين التي تضبطها .
و يعتقد المؤمنون بالديانات السماوية بان الله عز وجل خلق الانسان بكافة تفاصيله من طين , ثم قام بنفخ الروح فيه باعتباره يتكون من المنظور الديني من الجسد و الروح , فوفق الديانة اليهودية التي تتفق مع الاسلامية و المسيحية , بانه خلق من حما مسنون كصلصال او كالفخار …ثم دخل على هذا المنظور عدة مفاهيم اخرى و بحوث تعمقت في معرفة و اكتشاف هذا المخلوق المعجزة , باعتباره الكائن الاكثر تطورا منذ بداة النشاة .
تقويم …معنى تقويم هو قوام الشيء , و جعله في احسن صورة كما فسره علماء الفقه و الدين , لكن الكلمة وردت في القران الكريم على وزن “تفعيل “, اي انه قابل للتقويم اي “التغيير” ….حيث ان كل انسان خلق على الفطرة الكاملة و السليمة التي انشاها الله فيه منذ الازل , مزودا له العقل و الارادة الحرة , لتسيير اموره و التحكم في حياته , الا انه نسي امانته , ولم يحافظ على مكانته التي اقرها الله له امام جميع خلقه , لان هذا التكريم يقتضي التزامه بالمحافظة على هذه الامانة , و الارتقاء الى اعلى المقامات , اولها واهمها ..فهم رسالته في الحياة و حقيقة عبوديته لله , و كيفية استخلافه على هذه الارض , بعمارتها و اقامة العدل فيها ….و هذا لا يكون الا بالتقويم المستمر …اي بتقويم نفسه…بان يغيرها دائما للاحسن كما صرحت الاية ” احسن تقويم “, و بالتالي هي تلفت نظرنا الى ان الانسان منذ خلقه مؤهل الى احسن عملية تقويم , اي انه لم يخلق بقوامه النهائي , الا بما منحه الله من شكل و بنية و فطرة سليمة و عقل معجز , و مع ذلك هو يعيش في تغيرات دائمة …اليس جلودنا تتغير كل بضعة ايام و كذا كرياتنا الحمراء …و خلايانا و انسجتنا …اليس هذا تقويما و تغييرا مستمرا …كل ثانية يتغير الكون و يعيد تشكيل نفسه ” وكل يوم هو في شان ” , يتحرك حسب نوايانا و افكارنا …حتى المفاهيم العلمية و الابحاث العملية التي يسير عليها العالم تتغير كل اثنا عشر شهرا …اليس هذا تقويما وتغييرا مستمرا…
اذن اين الثبات …
ثبت الانسان عندما تراجع و تضاءل , ليصبح قصة انسان عادي …ياكل , يشرب , يلبس ,ينام و يعمل ثم يموت …و عندما يموت , صار كل ما يعنيه تحت الارض , ولم يذكر منه شيء فوقها .
هناك بشر تتحرك وفق الية عفوية تموت و تحيي كل يوم , و تموت معهم فرص و جهود طيبة و نجاحات موعودة , وهناك بشر تتحرك وفق سنن كونية , تتوسع بتوسع الكون و وفرته , عندها يقين بالوفرة و بان التغيير هو سبيل كل انسان ليرى ما بداخله من قدرات و امكانيات , و طاقة …هذه الطاقة التي في داخلنا لا تتحمل الصبر و السكون و تبحث عن الفراغ لتتحرك و تنطلق لكن بوعي, وفق خارطة نرسمها و نوجهها بعناية …لان كل لحظة هي فرصة جديدة , فكيف نواجه هذه الحياة السريعة بادوات عتيقة و افكار بالية ,و هذا ماينتج و يخلق عنه تصادم و جمود فكري , فتصبح هذه الطاقة المكبوتة عاجزة عن الحركة و التغيير , مما يؤدي ذلك الى نتيجة عكسية و عمل عشوائي لا يخضع الى اي قوانين .
نحن خلقنا لنتحرك و نتطور و نبدع , لننتج و نستنفع , الانسان المتغير ..كل يوم متجدد ..كل يوم هو في سريان , هو لا يحتفل بنجاحاته , لانه دائما يريد المزيد ..انه دائما في احسن تقويم .

دورة نفرتاري
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
نبذة عن الكاتب: Abbrak User
مستخدم إعتباري لكل المشاركات التي تم حذف حسابات أصحابها لأنها خاملة لأكثر من ١٨ شهر.

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

لا تعليقات حتى الآن
رجل من ذهب