لطالما كانت الرغبة في تحسين الوضع ، من الطبيعة الانسانية …و هي صفة مفيدة و بنّاءة في أغلب الأحيان ، و اضافة الى ذلك المحاولة المستمرة في الظهور بأبهى صورة ..بمعنى أصح أن تكون ..”انسان ايجابي ” ، لكنك خلال رحلة حياتك ، لازلت تواجه الكثير من المواقف السلبية التي تشدك احيانا الى الوراء ،فتجد أغلب المعلمين و المدربين يدعوننا الى تبني هذه الايجابية : كن ايجابيا …be positif …ركز على الايجابية , و استخدم القانون السحري و الشهير : “قانون الجذب” ، تجاهل كل ماهو سلبي و ارفع دائما من طاقتك ، العب رياضة و تنزه قليلا أو سافر ، اسمع موسيقى أو ارقص ….كل هذا جمييييل جدا …لكن ماذا بعد ؟؟
أغلب ما يهم الناس هي صورتهم و كيف يحافظون عليها ، دائما تكون الدعوة الى التركيز الى الخارج ، لأنه ببساطة هذا هو المتوقع من الجميع : الايجابية المطلقة و استعمال التوكيدات اليومية …أنا جميل أو جميلة ، انا غني أو غنية ، أنا ، أنا ، أنا ….فممنوع التعبير أو حتى التلميح عن أي كلام “سلبي ” ، ممنوع تظهر غير بالشخصية الايجابية ، و خصوصا أمام الناس المقربين ، لانهم أول من سيحكمون عليك .
هل ستتوقع من نفسك أن تكون ايجابي 24 ساعة أو حتى أغلب الوقت ..؟؟ لا تبكي ، لا تغضب ، لا ترد على أحد ، اضحك و ابتسم دائما …ما هذا ؟ آلة بشرية تتحرك فوق الأرض .
لأنك عندما تتجاهل لغة مشاعرك و كيفية تواصلك معها ، لتضع قناع الايجابية …معناه أنك تتخلى عن نفسك ، عن تجاربك و ألمك ، و صلتك الحقيقية بروحك و مركز وجودك ، و من يلبس هذا القناع سوف يحترف التمثيل ، بل سيأخذ جائزة الأوسكار مع مرتبة الشرف خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي ، فتزيد اللايكات و التعليقات ، و يهاجمون أي شخص يحدثهم عن حقيقتهم .
أغلب الناس الذين يعيشون في حالة من التناغم و المثالية ، هم حقيقة في مقاومة عدم التناغم ، فمن المستحيل التركيز على الايجابية عندما تتجاهل السلبية منها ، خصوصا اذا كانت قوية مثل : الخوف ..أنت هنا تتهرب منها ، لتُبدلها بأخرى “ايجابية ” ، فيتحول الموضوع من الوعي الى اللاواعي و يتولى هذا الأخير المهمة و يركز عليها ، فتعاملك مع هذه المشاعر على أنها شيء خاطئ أو مُخجل ، هذا ما يؤدي الى عدم تطورك أو شفاؤك ، لأنها جزء منك ، و الكل مهما كان مقامه مُجبر على اختبارها ، و لن تستطيع انكارها مهما حاولت ، عادي طنش ، ارفع من طاقتك ثم عاود الكرة …امامك ملايين الوسائل و المُحفزات …لكنك سوف ترجع الى نقطة البداية ، لأن هذه المشاعر هي جزء من نظام التوجيه الداخلي ، و عندما نُنكر هذا الكلام و نتّهم أو نحكم على بعض ، نحن ننتقص حق من حقوق الكائن البشري ، و كأنه لا يكفيه ما عاشه من ألم ليصبح ألميْن …
فالناس التي تنصح بالايجابية المطلقة بدون معالجة جذور المشكلات ، هنا و كأنهم يدفعون الى خلق مقاومة ايضافية على المقاومة الأولى ، لأنك عندما تحس بهذه المشاعر ، لن تستطيع تحملها طويلا ، فيخلق لك عقلك طريقة فعّالة و سريعة للهروب و النفاذ بك ، و هذا ما يعرف بمقاومة المقاومة .
أعلم ماذا ستقولون …عندما تركز على هذه المشاعر سوف تجذب المزيد منها و نُصبح سلبيين ، لكن هنا المقصود أنه عندما تُكلم نفسك بها أو مع من تعتبرهم جديرون بثقتك ،و تُعطيها حقها في التواجد و الظهور الغير المشروط ، هنا أنت تتصل بأعماقك عن طريق هذه المشاعر ، و لن تستخدم الفكر أو المنطق للوصول الى هذه المرحلة ، فكل الصدمات أو التجارب التي عشناها هي أساس مشاكلنا أو أي مشاعر سلبية ، بمعنى أصح هي مجرد انعكاسات لها ، كما علاقاتنا و خياراتنا أيضا ، و الذي يعتبر الجزء الاساسي من قانون الجذب …لانه مجرد مرآة لكل ماهو بداخلنا من مشاعر عميقة و حقيقية ، فمهما كابرت أو أغمضت عينيك عن النظر الى هذه المرآة ، سوف يظل هذا الانعكاس هو واقعك الذي يُطاردك ، لذا فتّح عينيك بكل قوة و اطلّع على ما لا يعجبك من جوانب سلبية ، اقبلها ، افحصها ، تفهمها ، واجهها ثم عالجها بجلسات صادقة ، عميقة و بتدريبات نفسية مختلفة ( اختر ما يناسبك ) ، و الا ستظل تجذب نفس التجارب ، فقط الأماكن و الوجوه تختلف .
أوقف المقاومة أو الهروب ، و انصت الى هذه المشاعر ، فأكيد عندها ماهو قيّم تحاول ايصاله لك ، فبدونها لن تعرف مشاعر الحب و السلام و كل هذه المشاعر السامية التي نسعى اليها كلنا ، لانك ببساطة ستكتشفها بنقيضها ، فكيف ستعرف الجواب اذا لم تطرح السؤال أصلا ، و اذا كنت في حالة ايجابية “مستمرة” ، هل ستمتلك دافعا او رغبة في التغيير و التطور أو حتى السؤال .
اختبار المشاعر السلبية هو الطريق الوحيد للانتقال الى الايجابية و التوسع و الذي هو نتيجة أسئلتنا عن أنفسنا …
فالسعادة ليست قرارا أو اختيار كما يظن الأغلبية ، كم يبدو هذا سهلا و ممتعا …أخيرا أنا سعيد ..wooopss…
حسب تجربتي الشخصية و لكل انسان تجاربه مع كل الاحترام ، السعادة هي نتيجة عملنا على أنفسنا و على وعينا ، هي الطريق الذي من خلاله نتحرر من أعباء و أثقال كل هذه المشاعر و البرمجات الأسرية و الاجتماعية ، هي ثمرة نجاحك و مثابرتك و ايمانك بخالقك و بنفسك فلن يشجعك أو يدعمك أي أحد أكثر من نفسك .
اذا تجاوزت هذه المراحل بسلام و اصرار ، مهما كان ثمن المواجهة ( الخارجية أقصد )، هنا أنت تنظف لاوعيك من كل الترسبات ، و بالتالي تُدخل كل ماهو ايجابي و جمييل حتى تجذب أخيرا ما تريده أو تحبه فعلا .
حان الوقت لتعمل العكس و تفهم نفسك و مشاعرك السلبية بكل ايجابية بمعنى استخدم الايجابية لفهم نقيضها ، و ليس بالتصنع أو الكذب ، لأنه جزء مهّم من اختباراتنا الحياتية ، و كلما شفينا أكثر ارتقينا أكثر ، و تحررنا من سجن هذه المشاعر ، هنا فقط يمكنك تحفيز قانون الجذب لصالحك …جذب صادق و ممتع للجميع .
الجذب الحقيقي
29 يناير, 2017
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 4 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار