اختلفت المذاهب حول موضوع الامامة للمراة , فاجاز الشافعي و منع ذلك مالك قائلا ..”لا ينبغي للمراة ان تؤم احدا..” , و اكد الفقهاء ان الله خص الرجال بالعبادات التي تحتاج الى قوة و تحكم , كالجهاد او الولاية او الامامة …و لادخل للنساء فيها , حتى المساجد , فمن المستحب ان تبقى المراة في بيتها “مكرمة ” حتى تامن من الفتنة و التبرج و الزينة , رغم ان الرجل امر بالتزين و التعطر عند ذهابه الى المسجد لانها “سنة مؤكدة “, مع احتلال الصفوف الاولى , لان خير صفوف الرجال اولها , و شرها اخرها , اما صفوف النساء فخيرها اخرها , و شرها اولها …بمعنى اقلها ثوابا و فضلا , كما انها يجب ان تكن بعيدات عن صفوف الرحال حتى لا يتاثروا بهن و بحركاتهن , و سماع كلامهن …حتى التسبيح يستحب بصوت منخفض لانهن مامورات بخفض اصواتهن خشية الفتنة …اما عن دخولهن الى المسجد , فخصص لذلك ابواب خلفية و بعيدة ….هنا السؤال لماذا هذا الحرص الشديد لابعاد المراة عن الحضور الى بيوت الله بشتى انواع الطرق , بحجة عزلها عن الرجال , رغم انها تختلط معهم يوميا …في الطريق , في السوبر ماركت , في العمل ….
لقد بدا الشرخ يظهر ما بين الاسلام المحافظ , و المبني على الفكر الوهابي , و ما بين الاسلام الليبيرالي , الذي بدا متابعوه التحرك بجراة ,رغم مخاطره …مثلا فما حدث في مدينة بيرن في سويسرا , يعتبر استثنائيا و فريدا , و كسرا للموروث دفعة واحدة , حيث قامت مديرة المسجد الشامل في بريطانيا بامامة الصلاة , ثم القت الخطبة امراة اخرى , امام مصلين من الجنسين , و بدون حجاب , ثم طلبتا من عازف العود بعزف مقطوعة موسيقية روحانية , كاستراحة في منتصف الخطبة .
انها فعلا حركات غير مالوفة , خاصة في عالمنا العربي , تعدت كل التعاليمم الدينية الموروثة على مدى قرون , ومن اهمها امامة المراة للصلاة , و القاء الخطبة مع صلاة مختلطة و بدون حجاب ….و مع موسيقى ايضا .
هذا ما يجعلنا نتوقع ردة الفعل من طرف المجتمع الديني المتطرف , الذي اصبح متشددا فيما يخص المراة من حقوق هضمت عبر السنوات , مقارنة بما منحه لها الاسلام من مقامات .
يشترط في الامامة عدة معايير للخطباء من اهمها , العلم بالقران و السنة , و طلاقة اللسان و سرعة البديهية , و اظنها ليست حكرا على الرجال . فلعل اول مثال يخطر ببالنا عن نساء كن يخطبن في الرجال , هي السيدة ام سلمة وعائشة رضي الله عنهما , و التي كانت من افقه النساء و اكثرهن معرفة بامور الدين , حتى ان الصحابة كانوا يستشيرونهما , علما انهما لم تكونا الوحيدتين , فقد عرف تاريخنا الاسلامي مئات بل الاف من العالمات اللائي تلمذن عليهن كبار المفسرين و المحدثين , مما يكون هذا دليل على ان الاسلام لا يمنع المراة من تدريس الرجال …اما الصلاة المختلطة فهو ما يحصل يوميا في الحرم المكي امام الكاميرات …ليس هذا فقط , فعمر بن الخطاب قد صححته امراة خلال خطبته له عن مهور النساء , فقام بتقبل الموضوع قائلا..”اصابت امراة , و اخطا عمر ” ..نعم انه خلبفة المسلمين , لكن علماء الدين الحاليين ياتون بثقافة ذكورية بحتة , استنادا لتفاسير و فتاوى بعيدة عن الحيادية , بغية ابعاد المراة عن الادوار القيادية في الدين , رغم ان السيرة النبوية و التاريخ الاسلامي يعجان بقصص نساء قياديات …لكن ليس في زماننا و بلداننا …ربما علينا ان نسافر الى الصين او امريكا او بريطانيا …..حتى نرى ذلك .
اسس في الصين مساجد خاصة بالنساء , منهم مسجد وانغجيا الي الذي يقال عنه انه اقدم مسجد للنساء بمدينة كايفنغ ..
فلماذا هذه العنصرية تجاه المراة و محاولة ابعادها عن اي مشاركة لها حتى في المساجد , لاننا بذلك نعود الى عقلية الجاهلية , عندما كان اسياد قريش ينتقدون الرسول الكريم , بسبب ادخاله للمراة و العبيد الى مجالسه ,حيث كان يشاركهن ايضا في المبايعة , في بيعتي العقبة الاولى و الثانية , وهذه المشاركة تعتبر اقرارا لحقوق المراة السياسية عند تاسيس الدولة الاسلامية الاولى في يثرب , حتى يروى انه قد اذن لام ورقة للامامة, و خصص لها مؤذنا , لكن كالعادة عارض رجال الدين , وقالوا ان ذلك خاص بام ورقة و لا يشرع لاحد غيرها .
و عندما ذكر القران امراة عمران ’ التي ارادت ان تلد ذكرا كي يشرف على المعبد , لكنها وضعت انثى “مريم”التي اصطفاها الله على نساء العالمين , واصبحت قيادية روحية , وهناك ايضا ملكة سبا التي كانت مثالا عن القيادة السياسية .
نحن هنا لا نتكلم عن مزاحمة المراة لادوار الرجال و منافستهم , بل عن امكانية المبادرة لاحداث التغيير في مجتمعاتنا العربية التي اصبحت تهمش المراة و تختزل ادوارها بحجة الدين , هذا الدين وجميع الاديان يخاطبون الارواح لا الاجناس , و التوجه الى الله لا يكون بفتوى او موعظة او فقه …البداية تكون من القلب السليم ,و الاصلاح يشمل اسلوب العبادة , فلا يوجد ايمان و اعتقاد بلا عمل مترجم بفعل , صدقه عقلك وقلبك , ثم جسده فعلك.
امامة المراة
20 سبتمبر, 2016
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 4 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار