السبب الرئيسي للتعاسة و الكآبة ليس وضعك الحالي ، و لكنه افكارك حول هذا الوضع لأن السعادة مرتبطة بشعورك الحالي ، و الطريقة التي تتصرف بها بناءا على هذه الافكار و الاحاسيس ، و بالتالي انت تملك القدرة على استخدامها أو توجيهها ، بالانتقال من القلق و التردد و الخمول الى الفرح و القبول و القوة …و يكون ذلك من خلال إدراك سرّ بسيط الذي لا يكمن في كثير من الاحيان في امتلاك اشياء غالية الثمن او الذهاب الى أماكن جديدة ، بل في رؤية الارض التي تقف عليها بطرق جديدة …رؤية مختلفة و متوازنة بين ماهو لديك الآن و متاح لك ، و بين ما تطمح له …عندما تصدق مع نفسك أولا و تحسن استخدام النعم التي منحها الله لك ، لتعيش بها ببساطة و بثقة حب الله لك ، حب الله الذي لم يحسن أحد ارشادنا اليه ، انه ليس حبا وراثيا او عقائديا ، أو حزمة من الوعظ و المشاعر المرعبة ، هو حب محسوم بقرار عقلي و قلبي ، لأن الدين لا يدعونا الى اعماء العقل و هزيمته ، بل جاء ليدعونا الى التأمل و التفكر ، و التعارف شعوبا و قبائل حتى نخوض في الحياة و نرتقي فيها .
عندما تتأمّل في حياتك تجد أن السبب وراء الاتجاه الخاطئ ، هو أنك تفضل الاعتماد على الآخرين لوضع معيار الاختيار لك ، أنظر لنفسك ..ماذا ترتدي ؟ و أين تسكن ؟ و أي نوع من العمل تقوم به ؟ ،فأحيانا تجد أن الآخرين هم مقياسك ، وهذا لانك لا تثق برأيك أو ذوقك ، لذا تشتري ماهو غال الثمن ، أو ترغب في امتلاك سيارة لونها نادر …و عندما تمر عليك المشاكل لا تستطيع حلّها ، فتلجأ اليهم ليجدوا لك الحلول المناسبة ، رغم انك تحل مشكلات مشابهة لغيرك ،لكن اذا تعلق الامر بك …تتوتر و تتشتت و تقف عاجزا أمام ذلك ، يكمن الفرق في ذلك انك عندما تقوم بذلك للآخرين تكون في وضع من الهدوء النفسي و الاستقرار الذهني …القاضي لايحكم وهو غضبان ، هو مراقب ، يرى المشكلة من جميع النواحي و يدرسها ، يحللها …كيف حصل ذلك ؟ و لماذا تكرر ؟ ، و المراد هنا انك عندما تبحث عن السبب ، فانك تغوص في المشكلة لتحلها من جذورها ، و لا تركز على النتيجة أو تتعلق بها و بما يخدم مصلحتك أولا …المعنى في ذلك اننا دائما ما ننصب اعيننا الى النظر الى المستقبل ، جاحدين كل نعمة لدينا ، نفتقد الى ذلك الشعور الطيب الذي فطرنا الله عليه …مثل ذلك الذي يسمونه “وقع في الحب “..لاحظ و راقب شعوره ، يحب العطاء …يشتري الهدايا ، يحب كل شيء يحيط به …عائلته ، عمله …تراه لا يشتكي ابدا ، حتى اذا سبّه او شتمه احدهم …يبتسم له و يتحرر منه بسهولة ..يصير اكثر جمالا و ،نضارة …في هذه الفترة كل الوظائف الحيوية تتغير …حتى الناس تحس به وتقول له : ازددت جمالا و لطفا …و عند حدوث مشكلة ما ، او فقدانه لهذا الحب ، سرعان ما يتبدل حاله ليكره الدنيا وما فيها ، وهذا في الحقيقة مشاعر طبيعية و تقلبات مزاجية يمر بها اي انسان ، لكن لا يجعل منها الغالب في حياته ، و يمحي اي لحظة حلوة تمر عليه لمجرد موقف أو كلمة أو مشكلة …و هناك مثال آخر لبعض المشاهير أو اصحاب المراتب يفقدون لذة الحياة ، و ذلك لانهم فقدوا المعنى و حقيقة وجودهم في هذه الحياة ، لكن رغم ذلك الكون يهديهم مشكلة ثم مصيبة ثم كارثة لعلهم يعقلون ، ويدركون هذا المعنى و يفهمون مغزى الحياة …
فهل انت متزوج و لست مرتاح ؟..فقدت معنى الزواج ، هل انت غني و لست مرتاح ؟ فقدت معنى الثراء …الوصول الى المعنى يؤدي الى اتزانه ، لان الاتزان مقيد بصواب المعنى .
الحب هو حالة ، ندخل فيها و نبادلها مع من حولنا ، هو فهم لقوانين الكون و طبيعته ، لاننا عندما نفهم فطرة الكون بشكل حقيقي نجد الجواب الكافي لنمارس معاني الحياة باتزان …
الحب هو كل قوة داخلية يتجلى من خلالها كل شيء ، هو ليس ما درسته او عهدته ، هو كما يصوره لك حدسك و قلبك ، بالحب نتدرب على العطاء ، و نتعرف على رسالتنا في الحياة ، فتهون الدنيا ، وتصغر في اعيننا المشاكل …الانسان الذي يملك قلبا محبّا هو ليس انسانا كاملا أو مثاليا ، هو انسان واعي لمشاعره و أحاسيسه ، بل يسمح لنفسه بالخطأ و الفشل ، لكنه سرعان ما يهضم تلك المشاعر بصدر رحب و متقبّل لكل ما تتيحه له الحياة من دروس لا حصر لها ، لانه يعي تماما بأنه يكتسب بذلك مناعة نفسّية قوّية ، ليصبح انسانا يقظا لكل ما يحيط به من أشخاص و مواقف و أحداث ..كن بحب.
حالة حب
30 سبتمبر, 2016
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 3 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار