عصر الحكمة

مدة القراءة: 4 دقائق
حفظ (0)
ClosePlease loginn

No account yet? Register

كان دائما يبدو أن الحياة الحقيقية على وشك أن تبدأ ، و لكن في كل مرة كان هناك مِحنة علينا تجاوزها ..عقبة يجب عبورها … أو دين علينا دفعه …كي نبدأ الحياة .
و لكني أخيرا بدأت أفهم بأن هذه الأمور هي أحداث الحياة و ليست الحياة ، فالناس يتعاملون مع ما يحدث في الحياة و كأنه هو الحياة نفسها ..لكنها شيء أكبر من ذلك ، أكبر من شخصيتك ، منصبك ، نسبك ،أموالك ، عائلتك …هذا ما تملكه و ليست حقيقتك …ما يحصل في الحياة يندرج ضمن ثلاث مستويات …المستوى الجسدي و العقلي و النفسي ، يمارس من خلالها الانسان نمُوه باضافتها الى حياته …هو في الحقيقة يسعى دائما لاكمال هذه المستويات من أجل الاتصال بحالته الروحية الفطرية التي خلقها الله ، والتي تبدأ من الكمال و ليس من القصور ، لأن الخلق الالاهي كامل ، فلا يخلق ضعفا أو قصرا و انماّ هي أفكار تبنّاها أو برمجات و سلوكيات اكتسبها ثم مارسها على مستوى هذه المستويات …و المشكلة هنا تكمن في أن الناس تتعاملون مع ذواتهم من مبدأ النقص ..أنا لا استطيع ، أنا لا أملك المال ، أنا خائف …لكن عندما أعي أنني كامل ، و لكنني أقع في النقص بسبب الجهل أو الخوف …و الذي أستطيع سدّه بالعلم و المعرفة و مواجهة المخاوف و تجاوزها .
من يرى الحياة على حقيقتها يشعر بذاته ، بقدراته ، رغم نقصه الجسدي الحركي أو العقلي التفكيري أو النفسي المشاعري ، و هذا كله طبيعي و يدفعنا الى الارتقاء و الاستكشاف لبلوغ التواصل مع الذات ، مع الروح … و الانسان الذي يبقى في عزلة عن روحه هو بعيد عن الحياة ، هو يعيش في منطقة الألم باختياره حتى لو لم يكن يعي ذلك …طيّب لماذا يختار الألم و هو لا يريده ؟
لأنه ببساطة يأمنه …يأمن الدخل المتدني و لايريد انتهاز الفرص و الدخول في عالم الأعمال ..
يأمن الوحدة و الاستقلالية و لا يريد التعرف على شخص ، أو حتى اعطائه الفرصة أو المجال للتعارف أو الصداقة ..
هو أمن واهم محجوب بعلل نفسية أو جسدية أو عقلية ( دائرة مُفرغة ) ، يقاوم الحياة و يلعنها ، يتعامل معها بجبن حتى يستهلك عمره و هو غريب و بعيد جدّا عن معنى الحياة ،لا يعلم أنه يملك القيادة الداخلية التي يتحرك فيها و من خلالها في هذه الحياة ليحقق تطوره و نموه بزيادة وعيه و توازن مستويات روحه و عقله و جسده ، لأنه يحمل في داخله أسرار الروح و متطلبات النفس و مدركات العقل و حركات الجسد …كلها متكاملات نسعى من خلالها الى الشعور بالسعادة و تحقيق النجاح …لكن ماهو النجاح ؟
النجاح هو رحلة و لا يعني الانجاز فقط ، قد لا أنجز و أنا ناجح ، لأنني ببساطة داخل الرحلة ، ولو افترضنا أن النجاح هو الهدف ، واذا حققت الهدف ، هل استغنيت عن النجاح ؟ طبعا لا ، لأننا نضع أهدافا متتالية …
كثيرون هم الذين يخططون لأعمال و مشاريع ، وما ان يبدؤوا بتنفيدها حتى يتراجعوا دون أن يظفروا بنتيجة ملموسة لجهودهم لأنهم ببساطة مبرمجون على استهلاك ذواتهم و ليس على تحيسن جودتها و هذا الفارق يصنع نتائج مذهلة في الالم أو اللذة .
ينوي و يكتب أهدافه و اذا بدأ الكون يتحرك ، يخاف و يتراجع و يرفض العطاء الالاهي ..
تتدهور صحته أو مؤسسته لانه متصل بالألم و لا يريد الاستمرار في الممارسة و اكتساب الكفاءة و الفعالية …
عندهم اكتفاء بالحلول التي ينتجونها دون اللجوء الى “الحلول الروحية ” التي يهبها الله لهم “يؤتي الحكمة من يشاء ” أليست الحكمة حلّ ؟
الحكمة هي التواصل مع الروح و ارتقاء الوعي الانساني و عدم الاكتفاء بثلاثية الحلول ..العقل ، الجسد ، النفس …هي هبة ربانية .
بدأ الانسان يستلهم قوّة الروح الذي هو الالهام ، و هو من أكبر مصادر النجاح ، خاصة في هذا العصر و العدد البشري الهائل مع الانفتاح العالمي …شيء يتجاوز مقدرة حوّاس الانسان و حركتها …يحتاج الى الهامات كونية أكبر من محدوديته التي كان يتعامل معها ، هو يتعامل مع عالمه اللا مدرك الذي لا تدركه الأبصار ، فمثلا عندما يتواصل الانسان مع مستقبله ، فهو يرى حالة صورية دماغية و فيزيائية و نفسية ، قد تكون جيدة أو سيئة ، يقرأها العقل بناءا على المعلومة و يحللها ، أما الالهام فهو مرتبط باللا مدرك ، هو خارج التحليل و المعلومة ..
أو عندما يسأل الانسان هذا السؤال ” المهم ” لماذا خلقنا الله ؟
تختلف الديانات و الثقافات حول هذا الموضوع ، و لم نحصل على اجابات مقنعة ، لأن هذه الاجابة تعتبر اجابة عامة..خلقنا الله للعبادة ..عندما تجيب بها و تضعها رقم واحد …العائد على هذا التفكير هو الاتصال بمشاعر الألم و الذنب ، لأننا مهما عملنا نحن مقصرون في عبادته سبحانه ، و مهما علت “مكانتنا الدينية ” فهو غني عن أعمالنا أو عباداتنا …
فبدل أن تسأل هذا السؤال ، ابحث عن كينونتك قائلا ..من أكون ؟ انه كيانك ، انه الاتصال بالكون ، وهذا الاتصال يكون بحالة شعورية تتصف بالكمال و الحب ، حبك لنفسك ..عندما تحب نفسك ، يكون ذهابك للخالق أو الخلق بحب ، لأن حبك لذاتك تطّهر للمقام الالاهي ، هو منظورك و شعورك بالتوازن ، و هو مصدر توجيهك في هذه الحياة ، و هذا ما يجعل أيضا حياتك أكثر سهولة و راحة و ايجابية ..
عندما تتجه نحو الكمال …يتجلى لك بأسباب أنت تَفعلُها ، و أخرى تُفعَّل من أجلك ، فينتهي سببك لتدخل في سببه ، وما أجمل و أسهل أسبابه …أسباب يخلقها الله من أجلك ، يُسيرها من أجلك …انه العطاء الالاهي ، اخرج من خطتك و ادخل في خطته ، استقبل بكل حب و امتنان و احتفل بالحياة لأنك مخلوق كامل …و كلٌ كاملٌ بطريقته ، تعرف عل جنتك ، لأنك لن تدخل اليها وأنت ظالم لنفسك .

رجل من ذهب
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
نبذة عن الكاتب: Abbrak User
مستخدم إعتباري لكل المشاركات التي تم حذف حسابات أصحابها لأنها خاملة لأكثر من ١٨ شهر.

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

لا تعليقات حتى الآن
دورة سر الأنوثة