من سيدخل الجنة؟
السؤال الذي قضى الكثير من الناس والمشايخ أكثر من نصف وقتهم إما في الإجابة عليه أو التفكير فيه، من سيدخل الجنة؟ ومن سيكب على وجهه في جهنم؟ وهو سؤال زارني وطرح للنقاش في مناسبات عديدة، نقاش كان يطول ويتمدد دون فائدة ترجى سواء لي أو لمحدثي على حد سواء، فكما هو معلوم لجموع المسلمين أن الكفار في النار وهنا نقصد عادة الأشخاص الذين لا يؤمنون بما جاء به رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، سواء عن جهل به أو عن معرفة و سماع، وبالتالي فإن مخترع المصباح الكهربائي سيدخل النار وسيغلى فيها هو وجميع أصحابه منهم مخترع آلة التليغراف والغسيل والطبخ والمكواة والسيارة والطائرة والمكيف والنظارة الطبية والهاتف النقال وصنبور المياه والحاسوب والانترنت وآلات البناء الضخمة ومواده الحديثة إلى آخر اللائحة الطويلة، وفي الجهة الأخرى نجدنا نحن المسلمين مع وضع الكلمة بين قوسين، نقول أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، نذهب متثاقلين إلى أعمالنا أو ربما لا نذهب، نقضي نصف ساعات الدوام بدل أن نقضيها كلها، مع العلم أننا لا نعمل فيها شيئا يذكر عدا تسلق صفحات العالم الأزرق ونشر الفضائح والفيديوهات السخيفة، هذا العالم الذي ينضم صاحبه إلى لائحة المحروقين أعلاه ، هو والمئات من مالكي المواقع التي نقضي فيها معظم يومنا… و نعود إلى منازلنا لنشعل فيها النار حربا مع والدينا، أبنائنا، أزواجنا وجيراننا، و نقضي يوم العطلة نياما في أسرتنا (هذا إن لم تكن كل أيامنا عطلة) أو قد نقرر على غير العادة الخروج إلى الطبيعة مع عائلتنا لنمضي فيها وقتا لطيفا مليئا بالمشاحنات والمشاجرات ثم نعود أدراجنا مخلفين ورائنا الكثير من الهدايا للطبيعة الخضراء (أزبال وحرائق)، وننام قريري العين ونحن نعد النخل الذي نملكه في مكان ما في جنة ما.
لن أقول من سيدخل الجنة ومن سيدخل جهنم لسبب بسيط جدا هو أن الوحيد الذي يملك الجنة ويملك جهنم ويملك الكون كله بما فيه من بشر وحيوان وحجر هو الله الذي لا إله إلا هو، الأمر الذي لا ينتبه له معظمنا حين ننصب أنفسنا آلهة على عباده نفتي في حرقهم وشنقهم وشويهم وما خفي من نياتهم، سواء كانوا ممن نحسبهم منا أو ممن نحسبهم منهم، وننسى أن أقصى ما بوسع أي بشري فعله هو أن يلتمس طريقه وحده واعيا إلى الله وإلى جنته، وأول خطوة يمكن أن يفعلها هي أن يهتم أكثر بنفسه وأفعاله ومعتقداته حتى لا ينتهي به المطاف في الجحيمين، جحيم الدنيا وجهنم الآخرة ويعيش عمره غافلا مغيبا موقنا أن له في الجنة قصرا باسمه وسربا من الجواري، فقط لأنه ورث عن أجداده دينا اسمه الإسلام، دينا لا يعرف عنه شيئا سوى من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار!
إن كان لابد لنا من لوائح التصنيف وانتحال دور خزنة جهنم فعلى الأقل لنعد لأصحابها ممتلكاتهم، كل الاختراعات التي نتعم فيها وتسهل حياتنا وتمكننا من نشر فتاوانا عبر العالم كله، لأنها ليست ملكا لنا نحن أصحاب الجنة! وأختم مقالي بالسؤال عن أي جنة نتحدث وعن أي جهنم؟ وهل فعلا يدري أحدنا إلى أيهما هو أقرب؟
من سيدخل الجنة؟
28 يونيو, 2016
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 2 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار