ننهض من النوم كل صباح ، نشرب قهوتنا ، ثم ينطلق الآباء نحو الوظيفة ، و الأبناء الى المدرسة بانضباط زمني واحد …و عند الوصول تُقرع الأجراس في المصانع كما في المدرسة ، كل يوم ، وخلال أسابيع ، وطيلة سنوات ، كما يطلب لكل منهم مهام قياسية ثابتة ، بايقاعات متكررة في فضاءات منظمة و محددة ، بناءا على قوانين مُعتمدة منذ عهود أو أجيال : بالقيام بنفس المهام بانضباط وحزم …وهكذا نعيش معظمنا من خلال ” الأسس و القيم العميقة للحياة”..التعلم و العمل ..و يحصل كل هذا بشكل سطحي ، نعيش هذه التجارب بمسميات نألفها ، وتصبح واقعنا اليومي …
فكيف نتعلم لنعمل ؟ و لماذا نعمل ؟
عندما تتعلم فانك تتزود بالعلم و المعرفة ، وفي المقابل ماذا تقدم عند سماعك لهذه المعلومات ؟
من أهم مايملكه كل انسان على وجه الأرض ، و من عدل الله أنّه خص به جميع البشر منذ الولادة ، مهما كانت انتماءاتهم و طبقاتهم ، حتى أطفال الصومال الذين يموتون جوعا و البطالون …انها قدرة شرائية مجانية للعالم …الانتباه و الوقت …
الانتباه و الوقت ، بمعنى أنه عندما تريد شراء أو امتلاك علم أو معرفة معينة ، مجانية أو برسوم كانت ..ما تدفعه يكون من انتباهك و وقتك ، وبالتالي من يمنحهما ..فهو يمنح حبا و شغفا ، وهذا ما نفتقده في عالم العمل و التعلم .
عالم العلم أو كما أحببت أن أسميه اقتصاد المعرفة و التعلم هو الاقتصاد الوحيد بقدرة شرائية متاحة للجميع ، فاذا أردت أن تتعلم بسرعة و بأقل مجهود ، عليك أن تقع في حب المعرفة التي تريد تعلّمها ..عندما تحب عملك فانك تجمع بين قدرة العمل أو التميز في مجال ما مع الاتقان ، لتتنتج ابداعا ، أما التابع للعمل هو انسان يعرف عمله ، يعمله جيدا ، و يقوده بطريقة سليمة ، لكنه لا يكترث له ..لا يكترث للحب ، بل يعتبره سخيفا و مضيعة وقت ..فأغلب المؤسسات تنتج فقط عندما تتواجد سوق معينة ، وهذا هو التابع للعمل ، أما المُبدع يعمل لأنه يحب ذلك و يؤمن به حتى بدون وجود أسواق مُسبقة ، الكل يستهزئ به ، بافكاره ، التي ولدت و نشأت في اماكن بسيطة جدا و من أشهرهم ..آبل ، أمازون ، ديسني …هؤلاء جعلوا من المحنة منحة ، ابتدأوا أعمالهم في مرآب للسيارات .
الكاتبة البريطانية ” رولينج ” مؤلفة سلسلة هاري بوتر ، كانت امرأة عاطلة عن العمل ، طردها زوجها هي و ابنتها ، واصلت الكتابة الى حين أصبحت أغنى من ملكة بريطانيا نفسها .
والت ديسني كان محررا في احدى الجرائد ، ثم طرد من العمل بسبب ضعف افكاره كما أخبره رئيس تحريره ، نهض و واصل مشروعه ، أفلس خمس مرات قبل أن يُكتب له النجاح العظيم .
مؤسسة آبل ، عندما تتصل بالبنك لتسأل عن رصيدها ، تجده يساوي ميزانية دولة الفيليبين ..مائتان مليار دولار ..
هؤلاء الأشخاص لم تكن لديهم المعرفة أو التجربة الكافية ، لا شهادات ، لا علاوات أو واسطات ..كان هناك اصرار و ايمان وشغف ، فعندما تضيف هذه العناصر الى أي مشروع مهما كان بسيطا ، تجد نفسك تقول لنفسك : ” لا أعلم ان كان ممكنا ، رغم ذلك سأفعله ” ، و الآخرون يردون عليك : ” مستحيل ما تفعله ” …لكنك تتجرأ و تفعلها .
العمل الناجح و المبدع لا يأتي من فكرة منطقية ، أو مألوفة.. لأنها ان كانت كذلك : فستمر عبر ثلاث مراحل :
أولا ..يرونها سخيفة ، و عندما تتبناها تصبح مُخيفة ،و بعد فترة يقتنع بها الناس ..و الأمثلة كثيرة مثل : الأرض كروية الشكل ، حقوق المرأة ، الطيران ….
فكل فكرة لا تمر على هذه المراحل لا تعتبر ابتكارا للانسانية ، لأن هذه الافكار تنبع من الحب و المثابرة ، حتى الفشل يصبح لعبة و تحدي ، فالتحدي الأكبر في اللعبة هو كيفية الخروج منها لان الدخول سهل .. وهذا هو الدرس الصحيح : سهولة الدخول مع صعوبة في الخروج ..و على حسب اصرارك و عزيمتك تحصد النتائج ..
في خمس ساعات : يمكنك أن تدخل في أي مجال من العلم .
في خمسون ساعة : تستطيع ان تتعلم بمفردك .
في خمسمائة ساعة : بامكانك أن تُعلمه أو تُدرِسه .
في خمسة آلاف ساعة : تحصل على جائزة نوبل .
خمسون ألف ساعة مثلما يقول اليابانيون : هذا هو كنز الحياة .
وهذا لايحصل الا اذا تعلمت بحب ،و بأقصى انتباه مع كثير من الاصرار و الصبر .
أفضل مصمم مجوهرات في العالم : والالس شان ، هذا الياباني المبدع اشتغل مائة ألف ساعة في اختصاصه ( تستطيع أن تبحث عنه في الأنترنيت لترى ابداعاته ) ، ينحت الأحجار الكريمة بشكل خيالي ، فنان بما يمكن أن يتصوره عقلك من ابداع ، عندما سُئل : ” هل بامكانك أخذ عطلة ؟ ” قال : ” أنا أصلا في عطلة ، في مصنعي أنا في عطلة ، وهذا ما يسعدني حقا ” .
أن تعطي اهتمامك و وقتك لعمل أو مجال معين أو حتى معلومة تقرأها ،معنى هذا ..أن القطار سيفوتك ، الطبخة تحترق فوق النار ، آذان الفجر يؤذن عليك ، ينعدم الزمن ببساطة ..لأنك مركز على عالمك ، تطوف بك المتعة ، يغيب عنك الاهتمام بالكيفية لأن مشاعر الشغف و الحب هي التي تحركك ، تعمل بهدوء و بدون جهد عصبي مهما كانت التحديات .، قدرة خارقة يتحول من خلالها الصعب الى يسير ..
..و بالتالي اذا قرأت هذه المقالة ، و وجدتها سخيفة ..فهنيئا لي ههه .
من محنة الى منحة
13 ديسمبر, 2016
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 4 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار