قبل أن نبدأ في الموضوع ، علينا أن نعلم أنّ كل شخص منا يملك طاقتين ” الذكورة و الأنوثة ”
قال الله تعالى { و خلقناكم من ذكر و أنثى } …هذه الطاقة الكاملة موجودة فينا جميعا مهما كان نوع جنسنا ، أو سننا .
و حسب نمودج الين و اليانغ (الين هو رمز لطاقة الأنوثة أمّا اليانغ هو طاقة الذكورة ) ، و هو نمودج ينص على أنّ كل المتضادات متكاملات ، أي أنّ كل شيئ يحمل ضدّه في داخله و بالتالي هو يكمله .
تتصل غالبا المرأة بطاقة الأنوثة لديها ، كما يتصل الرجل بذكورته ، لكن نظرا لعدة عوامل خارجية …تتغلّب احدى الطاقتين على الأخرى لتضعف الثانية ، و هذا ما يؤدي الى اختلال في التوازن و حدوث المشاكل …و سوف نأخذ مثال على ذلك …
قبل عدة سنوات ، كان هناك امرأة …هذه المرأة لم تكن متعلمة ، أصلا القليل من كانت تخرج من البيت في ذلك الوقت الا اذا كانت تنتمي الى عائلة أو بلد معين ، غير أن هذه المرأة كانت على دراية بالعالم الآخر …عالم الانفتاح و العمل ، وبأنه يوجد نساء عاملات في مختلف المجالات ، لذلك هي قررت أن تتحرك في عالمها الخاص و الذي لا يوجد فيه غير ابنها الصغير ، فأصبحت تهتم به …لبسه ، أكله …ثم كبر قليلا ، تابعت دراسته ، أصدقاؤه …بعدها قراراته ، زواجه …
في رأيكم هذه تعتبر مهام كل أم في كل بيت ، لكن هذه الأم كانت تحاول أن تمارس طاقتها الذكورية ( الانجاز ، التخطيط ،التحكم ….) على هذا الابن ، فظلت تلاحقه ، ثم بدأت شيئا فشيئا تتحكم في حياته …كبر هذا الابن ، وصار رجلا متعلما ، تزوج و أنجب بنتاً ، وبما أنه كان داعما للحركة النسوية ، كان يدفع ابنته للتميز و تحمل المسؤولية ،حيث كان دائما يشجعها قائلا ..برافو عليك أنتي فتاة قوّية،برافو عليك أنتي تقودين السبارة أحسن مني ، برافو عليك أنتي تشاركين في مصروف البيت ….في الحقيقة كان دائما مشغول ، لم يكن لديه الوقت ليحتضن ابنته و يخبرها كم هو يحبها و كم هي أنثى جميلة …كان يمن عليها بتصفيقات محفزة تحثها على العمل و الانشغال بحياتها المهنية بعيدا عنه ، و بما أنها كانت تبحث غن حبه و تقديره تقمصت دور البنت القوية و الذكية حتى تجذب اهتمامه يأي طريقة ، فتجدها هي كذلك تكرر …لا يوجد أحد مثل أبي ، انه رجل عظيم …
تعرفت هذه الفتاة على رجل ثم قررت الارتباط به ، ومع الوقت اكتشفت أنه انسان بارد في المشاعر ، مهما تحاول الاقتراب منه لا يستجيب ، أناني و لا تهمه الا مصالحه …و هو بدوره اصطدم بامرأة مسيطرة بسبب طبيعتها الملتزمة و المحافِظة ، و رغم محاولاته لارضائها و تقديم الهدايا …في النهاية لا بعجبها أي شيء ، هي فقط تركز على اخطاؤه ، و تشرح له كيف يصلحها ، تحاول التأثير على قراراته و التحكم فيه عن طريق العطاء المستمر .
…..هي.. نفس المحاولة المُستميتة للاغراء و جذب المحبة ، للحصول على الحب و التعاطف .
….هو …تلقى نفس طريقة أمه ، و بالتالي اتخذ موقف معاكس للدفاع عن ذكورته .
….هي الابنة لأب غير موجود مع ابن لأم دائما موجودة ….
عندما تكون طاقة الذكورة (في الرجل أو المرأة ) غير متوازنة ، تصبح طاقة خانقة ، منفّرة لكل من حولها ، وهذا الابن تعرض لسلطة طاقية طاغية ، فتعلم بذلك أن ببتعد دائما ، فهو غالبا ما يلجأ للحذر و العزلة الناتجان عن الشعور بالنقص من الآخرين ، وما يولده ذلك من عنف و قسوة تجاه ذاته و معاقبتها لانه يحمل بسبب عقدة النقص التي تلازمه ، عقدة الحقد على كل ماهو مفرح و ناجح ، لا يحب الالتزام و الانضباط و لا يتأثر بالمواعظ أو التوجيهات …ينتقل من علاقة الى أخرى بحثا عن الحب الذي لن يجده الا بفك هذه البرمجة .
و هي بسبب الكبت و الاهمال أصبحت تعيش في صراع مستمر لاثبات الهوية ، فلم تدرك أن تأثير نجاحها قد انعكس على طاقتها لتصبح طاقةً منافسةً و مسيطرة ، و برغبتها الشديدة للتفوق أصبحت تهاجم المجتمعات و تلعن ذكورها ، تنتقص من أدوار الرجال ، فتفقد ثقتها بأهليتهم في حمل المسؤوليات و مساعدتها …وهذا ما أدى الى نفور زوجها تدريجياً ، و لجوءه الى فرض كلمته بالقوة و الصراع الدائم ، أو التخلي عن مسئولياته في حبها أو حمايتها بالانكماش ، فيبحث عن طاقة أنثوية حقيقية تبرز طاقته الذكورية التي افتقدها معها …
هو يذكرها بأبوها الغير الموجود ، و هي بأمه المتسلطة …
مشكلتنا في العلاقات فيما يخص الذكورة و الأنوثة ، أننا لا نعترف بطاقتنا الحقيقية ، فمعظمنا يملك القوة و الذكاء الذي يساهم في رفع طاقته ، لكن من ينشأ في بيئة متحكمة سوف يستلم هذه الصفة ، ثم يقدمها و يتعامل بها في العلاقات العاطفية …
و من هنا نرى ان للبيئة الملائمة أثر كبير على اكتساب شخصية سوّية ، لأننا للأسف نعيش في مجتمع لا يحترم طاقةً كاملةً ، فبالنسبة له الأنوثة هي جمال خارجي و مكياج مع صوت رقيق ، لكنها في الحقيقة ذكورة مُقنعة …
الكل في حالة عمل و سعي للماديات و تحقيق النجاح ، وهذا ليس بالأمر السيء …أليس كذلك ؟
لكن السؤال المطروح في المقابل …لماذا الكلّ يشجع على المهن الذكورية و يحترمها ، على عكس المهن التي تتمتع بحسّ من الأنوثة ، كالفن ، الرسم أو الرقص …و التي لم تحظى باهتمام و دعم ، بل اعتبرها المجتمع عيبا أو ضعفا ، علمونا ان لا نتكلم عن الحب ، و أنه انتقاص للرجولة ،و انتهاك للأنوثة …لكن رغم كل هذا يبقى الانسان حراًّ ، و عليه أن يخرج من هذه البرمجيات ، و يخلق عالمه المتوازن ، و اعادة استخدام هذه النعم و الطاقات بكل وعيٍ ، فالغلط ليس بعذرٍ لايقاف المحبة عن ذاته أوّلا ثمّ عن الآخرين …كونوا بحب .
ولد أمّه و بنت أبوها
9 أكتوبر, 2016
نشر بواسطة Abbrak User
مدة القراءة: 4 دقائق
إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
ما رأيك في الموضوع؟
التعليق والحوار