كيف تتصرف عندما تكثر الأشياء التي تزعجك؟

»  كيف تتصرف عندما تكثر الأشياء التي تزعجك؟
مدة القراءة: 3 دقائق

من الطبيعي أن هناك أشياء تزعجك فأنت لا تختلف عن أي إنسان آخر. هناك ما يزعجك وهناك ما يرضيك وهناك ما يجعلك تطير من الفرح وهناك ما يجعلك تثور غضبا. هذا طبيعي إلى حد ما فكل منا له لحظاته صعودا وهبوطا. مرة أخرى هذا طبيعي. لكن هذا لا يعني أنه صحيح فكثير من الأمور التي نراها طبيعية ومنتشرة هي سبب شقاء الناس وتعاستهم رغم إنتشارها في كل مكان. الأساس في الحياة هو عدم إتفاقنا مع أكثر الأحداث التي تدور حولنا. أحيانا حتى المكان والرائحة والطقس والوان المنازل ربما تزعجنا ، لكن ما العمل وكيف التصرف؟

الآن لنرى. كل ما سبق معروف للجميع ولكن هناك نوعية من الناس لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب. ترى الإنسان متجهم ومعترض على كل شيء. لديه معايير عالية ومبالغ فيها للحياة وكيف يجب أن تكون. فهو غير راضِ عن أي شيء يعترض طريقه وكل شيء فيه عيب وكل إنسان يقابله يضعه تحت المجهر وكل حدث يثير إمتعاضه وكل مناسبة له رأي سلبي حولها. الرضى عنده محدود فقط بالأمور التي تسير حسب مزاجه ومعتقداته بنسبة لا تقل عن ١٠٠٪ وإلا فإنها مناسبة لإبداء الإنزعاج. هذا الإنسان منزعج من كل شيئ تقريبا. ربما أنت كذلك دون أن تعلم، ربما تزعجك أشياء كثيرة تريدها أن تتخذ شكلا آخر غير ما هي عليه الآن وهذا ما سنبحثه بعمق أكثر في السطور القادمة. إربط حزامك وإستعد.

لماذا ننزعج؟ في الغالب الشعور بالإنزعاج هو شعور شخصي نابع من الإنسان نفسه لأي سبب خاص به. ربما تجاربه السابقة الغير موفقة أو مشاعره وذكرياته أو قد تكون توقعاته حول الأشياء والأشخاص لكنها جميعا تعبر عن شعور بالعجز. نحن ننزعج من الأشياء التي لا نستطيع تغييرها أو لا يريد تغييرها أو لا يريد تحمل مسؤلية تغييرها. هذا كله مفهوم لأنه فعلا إن كان هناك شيء أو شخص أو سلوك لا يناسبنا ولا نستطيع فعل أي شيء حياله فهذا بكل تأكيد سيجعلنا ننزعج وربما نشعر بالضيق وهناك من يفقد توازنه في بعض المواقف. ما يزعجنا هو الشعور بالضعف وقلة الحيلة وكل ذلك نابع من مفهومنا للحياة. يريد الإنسان حياة تفصيل على مقاسه وهذا غير ممكن ولذلك يبدأ بتصنيف الأحداث على مزاجه فيقرر هذا مزعج وهذا كئيب وهذا لا يناسبني وهذا لا أقبل به وهذا فيه عيوب وهكذا يستمر الإنسان في تصنيف المواقف وكأنه فعلا لا يوجد أحد سواه في هذا العالم.

يعتقد الإنسان أن الله خلقه وحده وخلق له العالم ليعجبه ويلبي رغباته. لذلك يتوقف عن تحمل مسؤلية حياته لأنه من الأسهل أن نلوم الآخرين ونلوم الظروف. فقط الكسالى ينزعجون لأنهم أضعف من الوقوف والمواجهة أو التقبل والتعايش مع الظروف. إن كنت كثير الإنزعاج فعليك أن تعيد حساباتك مع نفسك. الحياة ليست مخلوقة لك وحدك وأنت لا تعيس في عالمك منفصلا عن الآخرين. ما يزعجك حقا هو عدم رغبتك في القيام بدورك في الحياة أو في المجموعة التي تعيش فيها سواء كانت عائلة أو بيئة عمل أو أصدقاء. على الأرجح لا تعرف أن الحياة مخلوقة للجميع وكل إنسان له أسلوب حياة مختلف عنك إما أن تقبله كما هو أو ترحل للعيش في مكان بعيد.

ليعيش الإنسان بسلام عليه أن يحرر الآخرين من أحكامه وإعتراضاته. ما المشكلة في وجود أشخاص مختلفين؟ لا مشكلة أبدا إن تركتهم وشأنهم. ما المشكلة في الظروف التي تجعلك تقبل بأمور ليست كما تريدها تماما؟ لا مشكلة أبدا فأنت تعيش ظروفك الحقيقية وعندما يتحسن وضعك سيتحسن كل شيء حولك. أكبر عائق أمامك وأكبر ما يسبب الإنزعاج هو أنت نفسك وليس الأشياء أو الأشخاص. لا تريد أن تتعلم ولا تريد أن تتأقلم ولا تريد أن تترك الناس وشأنها ولا تريد أن تكتسب معاني أعمق للحياة لذلك تنزعج.

على النقيض الإنسان السعيد هو يصنع سعادته في أعماقه. لا يمنانع عدم قدرته على شراء أثاث جديد. لا يمتعض من الظروف التي وضعته في مكان غير مناسب، لا ينزعج من وجود أشخاص مملين أو مزعجين، لأنه يعلم أن هذا أمر مؤقت والأفضل تجاهل كل ذلك البدء في إكتساب المعارف والقدرات والمهارات التي تجعله قادرا على تحسين وضعه أو إستبدال ما لا يعجبه لأنه يعلم أنه في مسيرة تطوير مستمر وأن الوضع لن يطول قبل أن يتغير.

دائما من يقويك أو يضعفك هو أنت نفسك. عندما تقرر أنك ستنزعج من كل شيء فهذا إختيارك لكن لا تتوقع أن الكل سيتجاوب معك ويمتثل لإنزعاجاتك. إكبر قليلا

إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة

ما رأيك في الموضوع؟

التعليق والحوار

@peepso_user_8442(Basheer Alromihi)
معلومات جميله .. لكني انزعج في حالتين ..
اتهامي بما ليس فيني ..
ومن يحرش نفسه في مشكله صغيره حتى يجعلها كبيره .
@peepso_user_1(عارف الدوسري)
@peepso_user_8442(Basheer Alromihi) من يتهمك بما ليس فيك من المفروض أنه لا يعنيك لأنه ليس فيك. يكفي أن تسكت عنه وتترك له حرية التعبير عن أمراضه النفسية. لا تحاول شرح وجهة نظرك أو الدفاع عن موقفك لأنك لست متهما. كل ما حاولت الدفاع عن نفسك ستدخل في صراع أكبر.

والآن نأتي للعقاب. كل من يصدق الإتهامات توقف عن التعامل معه. عاقب من يستمع إلى كلام الذي يتهمك بالبرود وعدم التفاعل وأخبره من الآن وصاعدا عليه أن يتعامل مع الذي إتهمك إن كان يصدقه. إكتسب هذة المهارة في الحياة وستجد أنها تنفعك أكثر مما تتصور. كل من يصدق الإتهامات فيك يجب أن يدفع الثمن. شخصيا أعاقد الأصدقاء بالحظر عندما يتجاوبون مع شخص يتهمني بأي شيء ليس حقيقي. الفكرة هي كيف تكون صديقي مادمت تظن فيني ظن السوء؟ أما من يتهمك فإتركه يتهم ويتهم وإستمر بمعاقبة كل من يستمع له إلى أن ينقلب عليه كل من كان يستمع له وحينها عندما تضربه الضربة القاضية لن يجد من يتعاطف معه.

أما من يحاول تكبير المواضيع فأمره سهل جدا. إهدأ وتحدث إليه بروية. إسأله هل تريد أن يكبر الخلاف أم يصغر؟ هل أنت هنا لتحسين الوضع أم جعله أكثر سوءً؟ دائما إستدرجه إلى ناحية العقل وستجد بأن المشاعر تفتر وينتبه إلى ما يفعله.

يجب أن تحافظ على هدوئك وتوازنك في جميع الأوقات لأن كل كلام البشر مجرد كلام من هواء وليس صلبا كالحجارة. مادام كذلك فيمكنك أن تراقب الموقف وتترك من يتحدث يأخذ راحته في الوقت الذي تحلل أنت فيه الموقف وتختار أفضل رد يخدم مصلحتك.

أعطيك مثال: لو حدث تسريب في مواسير الماء وإحتجت إلى إصلاح العطل دون إيقاف التدفق ربما لصعوبته فإنك ستستمر في العمل إلى أن توقف التدفق تماما. نعم ستصاب بالبلل لكن لن يكون الأمر خطرا على سلامتك. تخيل أن الكلام هو كتسريب الماء لكن فقط هواء. يعني حتى لا يوجد بلل.

دورك هو الوصول للتوازن والثبات في جميع المواقف. كن فوق، تسامى فوق كل الكلام. أما إن تعدى الأمر الكلام وإتجه للإعتداء الجسدي، فلا تنتظر إضرب ولا ترحم، إضرب لتوجع، إضرب ولا تسامح أبدا.
@peepso_user_8442(Basheer Alromihi)
@peepso_user_1(عارف الدوسري) وااااو ممتن لردك الجميل 💞 شكرا جزيلا لك استاذنا ⁦👨🏻‍🏫⁩
@peepso_user_3235(نيفين ابوهلال)
رائع جدا
من خلال رحلتي معك على الفيس بوك تعلمت منك الوعي تعلمت اتحمل مسؤولية حياتي وكل ما فيها .. كل كلامك حافظتو وبعرفو و متاثرة فيه .. وكل المكتوب بالمقال بعرفو من زمان عن طريقك انت .. شكرا عارف
@peepso_user_1306(هاجر الحبابي)
هذا هو الوعي الحقيقي داىما عارف كلامه يثبتتي على الارض و بخطوة ثابتة
  • Weight loss product
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    كيف تتصرف عندما تكثر الأشياء التي تزعجك؟

    مدة القراءة: 3 دقائق

    من الطبيعي أن هناك أشياء تزعجك فأنت لا تختلف عن أي إنسان آخر. هناك ما يزعجك وهناك ما يرضيك وهناك ما يجعلك تطير من الفرح وهناك ما يجعلك تثور غضبا. هذا طبيعي إلى حد ما فكل منا له لحظاته صعودا وهبوطا. مرة أخرى هذا طبيعي. لكن هذا لا يعني أنه صحيح فكثير من الأمور التي نراها طبيعية ومنتشرة هي سبب شقاء الناس وتعاستهم رغم إنتشارها في كل مكان. الأساس في الحياة هو عدم إتفاقنا مع أكثر الأحداث التي تدور حولنا. أحيانا حتى المكان والرائحة والطقس والوان المنازل ربما تزعجنا ، لكن ما العمل وكيف التصرف؟

    الآن لنرى. كل ما سبق معروف للجميع ولكن هناك نوعية من الناس لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب. ترى الإنسان متجهم ومعترض على كل شيء. لديه معايير عالية ومبالغ فيها للحياة وكيف يجب أن تكون. فهو غير راضِ عن أي شيء يعترض طريقه وكل شيء فيه عيب وكل إنسان يقابله يضعه تحت المجهر وكل حدث يثير إمتعاضه وكل مناسبة له رأي سلبي حولها. الرضى عنده محدود فقط بالأمور التي تسير حسب مزاجه ومعتقداته بنسبة لا تقل عن ١٠٠٪ وإلا فإنها مناسبة لإبداء الإنزعاج. هذا الإنسان منزعج من كل شيئ تقريبا. ربما أنت كذلك دون أن تعلم، ربما تزعجك أشياء كثيرة تريدها أن تتخذ شكلا آخر غير ما هي عليه الآن وهذا ما سنبحثه بعمق أكثر في السطور القادمة. إربط حزامك وإستعد.

    Weight loss product

    لماذا ننزعج؟ في الغالب الشعور بالإنزعاج هو شعور شخصي نابع من الإنسان نفسه لأي سبب خاص به. ربما تجاربه السابقة الغير موفقة أو مشاعره وذكرياته أو قد تكون توقعاته حول الأشياء والأشخاص لكنها جميعا تعبر عن شعور بالعجز. نحن ننزعج من الأشياء التي لا نستطيع تغييرها أو لا يريد تغييرها أو لا يريد تحمل مسؤلية تغييرها. هذا كله مفهوم لأنه فعلا إن كان هناك شيء أو شخص أو سلوك لا يناسبنا ولا نستطيع فعل أي شيء حياله فهذا بكل تأكيد سيجعلنا ننزعج وربما نشعر بالضيق وهناك من يفقد توازنه في بعض المواقف. ما يزعجنا هو الشعور بالضعف وقلة الحيلة وكل ذلك نابع من مفهومنا للحياة. يريد الإنسان حياة تفصيل على مقاسه وهذا غير ممكن ولذلك يبدأ بتصنيف الأحداث على مزاجه فيقرر هذا مزعج وهذا كئيب وهذا لا يناسبني وهذا لا أقبل به وهذا فيه عيوب وهكذا يستمر الإنسان في تصنيف المواقف وكأنه فعلا لا يوجد أحد سواه في هذا العالم.

    يعتقد الإنسان أن الله خلقه وحده وخلق له العالم ليعجبه ويلبي رغباته. لذلك يتوقف عن تحمل مسؤلية حياته لأنه من الأسهل أن نلوم الآخرين ونلوم الظروف. فقط الكسالى ينزعجون لأنهم أضعف من الوقوف والمواجهة أو التقبل والتعايش مع الظروف. إن كنت كثير الإنزعاج فعليك أن تعيد حساباتك مع نفسك. الحياة ليست مخلوقة لك وحدك وأنت لا تعيس في عالمك منفصلا عن الآخرين. ما يزعجك حقا هو عدم رغبتك في القيام بدورك في الحياة أو في المجموعة التي تعيش فيها سواء كانت عائلة أو بيئة عمل أو أصدقاء. على الأرجح لا تعرف أن الحياة مخلوقة للجميع وكل إنسان له أسلوب حياة مختلف عنك إما أن تقبله كما هو أو ترحل للعيش في مكان بعيد.

    ليعيش الإنسان بسلام عليه أن يحرر الآخرين من أحكامه وإعتراضاته. ما المشكلة في وجود أشخاص مختلفين؟ لا مشكلة أبدا إن تركتهم وشأنهم. ما المشكلة في الظروف التي تجعلك تقبل بأمور ليست كما تريدها تماما؟ لا مشكلة أبدا فأنت تعيش ظروفك الحقيقية وعندما يتحسن وضعك سيتحسن كل شيء حولك. أكبر عائق أمامك وأكبر ما يسبب الإنزعاج هو أنت نفسك وليس الأشياء أو الأشخاص. لا تريد أن تتعلم ولا تريد أن تتأقلم ولا تريد أن تترك الناس وشأنها ولا تريد أن تكتسب معاني أعمق للحياة لذلك تنزعج.

    على النقيض الإنسان السعيد هو يصنع سعادته في أعماقه. لا يمنانع عدم قدرته على شراء أثاث جديد. لا يمتعض من الظروف التي وضعته في مكان غير مناسب، لا ينزعج من وجود أشخاص مملين أو مزعجين، لأنه يعلم أن هذا أمر مؤقت والأفضل تجاهل كل ذلك البدء في إكتساب المعارف والقدرات والمهارات التي تجعله قادرا على تحسين وضعه أو إستبدال ما لا يعجبه لأنه يعلم أنه في مسيرة تطوير مستمر وأن الوضع لن يطول قبل أن يتغير.

    دائما من يقويك أو يضعفك هو أنت نفسك. عندما تقرر أنك ستنزعج من كل شيء فهذا إختيارك لكن لا تتوقع أن الكل سيتجاوب معك ويمتثل لإنزعاجاتك. إكبر قليلا

    إنظم إلى عائلة أبرك للسلام. توجد أشياء كثيرة غير المقالات - أنقر هنا للتسجيل ستكون تجربة رائعة • أو سجل دخول للتعليق والمشاركة
    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين