الأمر محير فعلا، كلما تحدثت إلى أحدهم قال أهلي. طيب بما أنك في طاعة أهلك وهم يوفرون لك كل شيء ولا تستطيع التخلص من قبضتهم لماذا تبحث عن حلول خارج نطاق العائلة؟
لماذا ترهقني وتضيع وقتي عندما تكون قيمة أهلك أعلى من قيمتك أنت؟ أهلك يمثلون عالمك الذي يمكنك التحرك فيه ومن خلاله لذلك لا توهم الناس بأنك تبحث عن حلول شخصية ولكن كن جريئا وقل أنا أبحث عن حل لعائلتي. قلها منذ البداية حتى أعرف بأنني أتعامل مع مجموعة كبيرة من الناس.
كل الحلول التي أقترحها أنا أو غيري أينما ذهبت ستستثني أهلك هذا إلا إذا كنت تبحث عن حلول ترقيعية. في هذة الحالة سأعلمك كيف تصبح منافقا جيدا. جرب النفاق بما أن أهلك يسيطرون عليك، إلعب بهم وتلاعب بعواطفهم ومشاعرهم وأخلق لهم المشكلات وإجعلهم يدورون في دوائر لا نهاية لها.
تظاهر بالمرض وتظاهر بالشفاء وإمدحهم كثيرا ثم تمارض مرة أخرى. كن مطيعا لهم لكن متطلبا أيضا وكلما أعطوك خذ وأطلب المزيد بأدب وبأخلاق عالية ثم تمارض.
أرهقهم حتى يكرهوا حياتهم معك بينما أنت في الظاهر إنسان مطيع ومتعاون وفي النهاية سيتركونك وشأنك.
عندما يكونون أهلك هم ربك سيصعب على أي كان مساعدتك. لا أستطيع أن أجعلك تكفر بربك.
في أي مشكلة سواء في الحب أو الزواج ستجد الأهل يطلون برؤوسهم. إبحث في تاريخ مشاكلك وستجد الأهل هم السبب الأول. هم يحددون لك من تحب ومن تتزوج وكيف يتم الترتيب لكل تلك الأمور، هم يتدخلون في خلافاتك وفي تربيتك لعيالك. هم الأشخاص الذين تفكر في إرضائهم وأنت تتخذ قراراتك. أنت مرتبط بهم إرتباط تام وهذة هي مشكلتك.
نحن في سنة ٢٠١٤ وكل الحلول ستدور حول التحرر والحرية. هذا هو منطق البشر في هذا الزمان، لو جئتني قبل خمسين عاما لقلت لك أطع أبوك وأمك وإن أهلكوا عمرك. أما الآن فالحل هو الحرية الفردية لأنك فعلا لا تدري هل الذي سترتبط به متحرر أم لا. إن كان شريك العمر متحررا فستكون قد أعددت العدة للفراق القريب.
الأهل ليس إلا مفهوم يعيش في رأسك عندما تتخلص منه وتبعدهم عن تفكيرك يبتعدون. لا تعرهم إهتماما ولا تفكر في ردود أفعالهم وسترى بأنهم فيك من الزاهدين. هم يدخلون في حياتك بسبب تفكيرك فيهم وفي ردود أفعالهم. أنت تقحمهم في حياتك لذلك هم يدخلون.
فقط لا تفكر فيهم وسترى بأنهم بأنهم يتركونك وشأنك.
على نفس المنوال تجري قصة المجتمع. من هم المجتمع؟ لا يوجد شيء إسمه المجتمع. المجتمع فكرة تعيش في خيالك أنت وحدك. تعيش في بلاد من ملايين البشر هل فعلا تعتقد بأنهم يكترثون لك ولوجودك؟ لا أحد يدري عنك وما هي مشكلتك وهل أنت صالح أو طالح.
كم حشاش تعرفه؟ كم مختلس أنت وأصحابك تتهامسون عند رؤيته؟ كم واحدة تعرف بأنها تقيم علاقات متعددة؟ كم إنسان نذل سمعت بقصته. ماذا صنعت لهم؟ ولا شيء وكذلك هم بالنسبة لك. لا يستطيعون إلا الكلام وعندما تبعدهم من عقلك تصبح غير مرئي بالنسبة لهم. تكون قد فككت الإرتباط بهم فلا يجدونك هدف، لا يجدون متعة في الخوض في أمرك.
عندما لا تفكر فيهم لا تخطر على بالهم، ينقطع الرابط بينك وبينهم. مع الأهل أو مع المجتمع الأمر سيان، ما تبعدهم عن تفكيرك يبتعدون.
المجتمع في الواقع ليس أكثر من ٢٠ إلى ٣٠ شخص تعرفهم. نصفهم أهلك والباقي أصدقاء أو معارف مقربين. بقية الناس الذي تتشارك معهم الحياة مشغولين في أنفسهم مثلما أنت مشغول في نفسك فأين المجتمع الذي تخاف منه؟
الأهل والمجتمع إن كنت في موقف ضعف ولا تستطيع مقاومة تسلطهم أو سطوتهم فتلاعب بهم. كن ذكيا أو قويا. التلاعب ليس الحل الأمثل ولكنه الأخف ضررا حتى تفلت من قبضتهم. الأهم هو أن تكون حرا في أعماقك.
كن ذكيا لا عاجزا وعندما تسنح لك الفرصة حرر من هم تحت يدك ولا تعيد تجربة أهلك. حرر أولادك، حرر زوجتك وكل من هم في أمرك. حررهم حتى لا تتكرر المأساة.