الإكتئاب من الأمراض القلبية، أي هو مرض يعذب فكر و مشاعر الإنسان.
فالإنسان الذي يخالف فطرت الله و لا يحافظ على الأمانة سيعذبه الله بذلك المرض المنتشر و الذي يسميه الناس بالإكتئاب.
الله سمى صفات الإكتئاب بداخل الإنسان "باليأس و الكفر و القنوط".
✔ يقول الله : "وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ ۖ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا"
✔ يقول الله : "لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ"
✔ يقول الله : "وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ"
الإكتئاب أو كما سماه الله القنوط و اليأس و الكفر هما نتائج طبيعية تظهر في حياة الإنسان الضال.
و الضال هو كل شخص يضخم الدنيا و يلتصق بها.
و لهذا فهو معرض أكثر من غيره لدخول في دائرة الإكتئاب.
فمن يضخم الناس و أقوالهم و أفعالهم و يلتصق بهم، فهو لا شك سيعرض نفسه لشر النابع من الناس و بالتالي سيكون ذلك هو السبب وراء ظهور الإكتئاب في حياته.
و من يضخم الظروف و يلتصق بها سيكتئب بسبب الظروف.
و من يضخم المال سيكتئب بسبب المال.
و من يضخم الزواج سيكتئب بسبب الزواج.
أي شيء دنيوي و أرضي تضخمه و تلتصق به و تعطيه أكثر من قيمته سيكون هو السبب وراء اليأس و القنوط و الكفر الذي يعذبك في حياتك.
هل تعلم بأن الأنبياء عاشوا حياتهم و استطاعوا التغلب على الإكتئاب بكل سلام؟
هل تعلم أن النبي يوسف ظروفه كانت ستدفع أي شخص مؤمن بالظروف و الناس و المال إلى الإكتئاب؟
هل تعلم أن يوسف لم يكتئب و لو أنه عاش ظروف صعبة في حياته؟
هل تعلم لماذا؟
بكل بساطة لأن يوسف كان يستمد أمنه و اطمئنانه من الله و من علم الله و من وعود الله و من قدرة الله و من تدبير الله و من آيات الله.
فالإنسان الذي يُعَظِّم الله في تفكيره و مشاعره لن يعاني من الإكتئاب أبدا.
لأنه يصبح منفصل عن الواقع و بالتالي لا يتأثر به و لا يتعذب بسببه.
فالله يكفيه و يغنيه عن الظروف و الناس و المال و الشهوات.
الإكتئاب هو نتيجة طبيعية لكل إنسان لا يعبد الله في تفكيره و مشاعره، بل يعبد الناس و الظروف و المال و جسمه و فكره و مشاعره و الشركات و الشهادات و المناصب و الدنيا و زينتها.
الإكتئاب يصيب فكر الإنسان و مشاعر الإنسان الغير عابد لله، عندما يصبح الله هو فكرك و هو مشاعرك فسيختفي الإكتئاب من حياتك بقدرة كن فيكون.
فالناس ليسوا أمر تابث حتى تعبدهم، و سيأتي يوم و ستصدم فيهم و ستتعذب بسببهم، و عندما سيأتي ذلك اليوم فكن متأكد أنك ستكتئب بسبب الناس ما دمت تعبدهم و لا تعبد الله.
المال ليس أمر تابث حتى تعبده، و عبادتك للمال هي السبب الرئيسي وراء ظهور المشاكل في حياتك و بالتالي ظهور الإكتئاب.
الظروف ليست تابثة حتى تعبدها، فالظروف لن تكون دائما في صفِّك، بل هي رسول من الله تستجيب بالشر عندما تصبح عبد لها، و تستجيب بالخير عندما لا تعبدها و لا تتعلق بها و عندما تبدأ تراها على أنها إلا وسيلة لزيادة العلم و الفضل و القرب من الله.
فلا تعبد المتغيرات فتكتئب.
بل أعبد الله فهو الأحد الصمد الذي خلقك و يعلم ماضيك و حاضرك و مستقبلك.
?خلاصة سبب ظهور الإكتئاب :
عندما تصبح الدنيا هي المتحكمة في فكرك و مشاعرك و حركتك ستكتئب.
عندما يصبح الروح الذي ينزل على العباد المخلَصين و الصالحين هو المتحكم في فكرك و مشاعرك و حركتك فلن تكتئب.
?أسرع طريق للإكتئاب : عبادة الأسباب و النتائج
أي شخص يأخذ بالأسباب و يعبد و ينتظر النتيجة فهو معرض للإكتئاب.
و أي شخص يريد النتيجة و لكنه يعبد الأسباب فهو معرض للإكتئاب.
خذ بالأسباب و تحرك و لكن لا تنتظر النتيجة حتى لا تكتئب.
فالمؤمن لا تهمه الأسباب و لا نتائج، المؤمن يعمل بالأسباب المتاحة بين يديه و يرضى بالنتائج التي شائها له رب العالمين.
لهذا فهو لا يكتئب أبدا، بكل بساطة لأنه انفصل عن عالم المتناقضات و لم يعد مهتم لا بالسبب و لا بالنتيجة.
الطفل لا يكتئب لأنّه منفصل عن السبب و عن النتيجة.
انفصل أنت كذلك عن حركتك و نتائج حركتك و لن تكتئب بعد الآن.
?نصيحة لك حتى لا تكن سبب في ظهور الإكتئاب في حياة الناس :
دع دائما مساحة واسعة بينك و بين غيرك، و لا تسعى لتضييق على الناس و تحويل حياتهم إلى جحيم.
كن كعابر سبيل أينما تذهب تترك ريحا طيبة لا تعقد به حياة الناس و فكرهم و مشاعرهم و حركتهم.
الشخص الذي يُحِب السيطرة على فكر الناس و مشاعرهم و حركتهم، هو السبب الرئيسي وراء ظهور الإكتئاب في حياة الناس.
تذكر لا إكراه في الدين.
ما أن تبدأ تُكْرِه الناس على شيء معين حتى تكون أنت السبب في عذابهم و تشويه فكرهم و مشاعرهم و فطرتهم.
كن رحيما و يسيرا على غيرك حتى لا تكن سبب في قتل النفوس و زرع الحزن و الخوف و القنوط و اليأس و الكفر في القلوب.
-----------------------------------------------------
كتبه "أسامة حنف"