يحاول الكثير من مدربي تطوير الذات ..دمج تقنيات التطوير مثل التأمل والاسترخاء والطاقة وربطها بالصلاة والخشوع والوضوء ..ومحاولة تفصيلها على مقاس المتدينين ...يحدث هذا بسبب اعتقادهم انه من الصعب تبني وانتشار هذه التقنيات المستوردة من الغرب او الصين الا اذا تم ربطها بالدين...تم بناء ذلك على المفهوم المتداول على ان كل شيء يجب أن يستنبط من القرآن او حتى الأنجيل وأنهم لا يجب ان يتبعوا شيء لم تتطرق إليه الدين ..بالرغم ان هناك الكثير من العلوم لم تذكر بوضوح في الكتب السماوية مثل علم البرمجيات والكمبيوتر إلا أنه من الملاحظ ان العقل الواعي المبرمج يرفض فصل هذه العلوم الجديدة عن الدين خشية ان تكون بديل لمعتقداته الدينية او ان تبعده عن الله ...هذه المخاوف تجعله يحاول بطريقة ما مطابقة تفسير الدين مع تقنيات التطوير او دمجها بأي طريقة حتى يقنع نفسه والآخرين انه متدين ومؤمن...
العديد من الشباب في عصرنا هذا يستمع إلى الدعاة والمرشدين ويتبنى أفكارهم وهذا شيء محمود وجيد إلا أن توجيهاتهم لم تعد ترقى لمستوى الضغوط التى يتعرض لها يوميا وتعد محاولاتهم في التوجيه والارشاد ضعيفة وهزيلة..هي تنجح علي مستوي العبادات ولكنه المستمع يجد صعوبة علي مستوي المعاملة...هذا ايضا يحدث مع الطب النفسي وعلم النفس يخشى الأطباء النفسيين ان علوم تطوير الذات أن تصبح بديل عن الطب النفسي ولا يؤمنون انه علم منفصل بذاته حتى إنهم يرفضون تسميته علماً ...كلا الطرفين يحاربه لانه دخيل على عالمه ويظنه سيحل محله ويضعف من شأنه لأجل ذلك لم يتم الاعتراف به كعلم جديد ومستقل ..بل أصبح كالطفل اليتيم الذي ليس له عائلة تم وضعه فى دار أيتام يديرها اناس أكبر همهم الحصول على المال واستقطاب المعجبين ولا يعنيهم مصلحة هذا الطفل ولا أثبات نسبه.. ..
محاولة تغيير تفاسير الدين لتطابق علوم الوعي أمر لا يجوز أبداً ..ايضا تغيير التقنيات وتحويرها لتلائم الدين غير لائق ايضاً..انه تشويش لكليهما...اذا كانت الناس لا تقبل التقنيات كما هي لا يجب التحايل عليهم ليقبلوها ..لا جدوى من إقحامهم وإقناعهم بها..لا يجب تبني تطوير الذات من قبل علم النفس او من قبل الدين السماوي...هو لا ينتمي لكليهما ..هو طفل وليد لا يزال يحبو ويبحث عن مكان ..التطوير يجب ان يحدث بأي تسمية لكن لا يجوز ان يفرض ليلائم العقول المبرمجة ..ان الانسان يسعى لتطوير منزله وديكور بيته ويقتني كل الآلات والسيارات والهواتف الحديثة سعياً لتطوير نفسه إنها جميعاً أدوات للتطوير وتحسين مستوى حياته أيضاً التطبيقات والتقنيات وسائل لتحسين الأداء الفكري للإنسان لا تتعارض مع إيمانه ودينه ..الدين هو علاقة الانسان الروحانية مع الله ..طب النفس هو علم متخصص في علاج المرضى المصابين بأمراض نفسية...اما تطوير الذات فهو للشخص السليم الذي لا يعاني من أي مرض نفسي وعلاقته مع الله ربما تكون جيدة او ضعيفة ولكنه لا يعرف كيف يطور نفسه ولا يتعامل معها بصورة جيدة في ظل الظروف والضغوط التى تحيط به في نواحي كثيرة من حياته هو يحتاج لتطوير وتنمية للشخصية والوعي بمتطلباتها ..لا يجب الخلط وإقحام الديانات السماوية وتفسير الآيات وفرضه على هذ المجال لإرضاء واستقطاب الناس..بلا شك انهما يتفقان في الاخلاق والقيم الإنسانية وهذا لا يعني أن نخلط بينهما.. فالانسان يحتاج ان يطور نفسه في الجانب الروحي والديني وهذا الاكثر اهمية ويحتاج ايضا ان يطور الجانب الصحي..الشخصي..المهني ..في كل جوانب حياته..التطوير هو أداة تساعده في ذلك ولكن لا يجب ان تتداخل مع اي من هذه الجوانب انها جزء تكاملي بحث ولا ينبغي ان تكون بديلاً عنه..تسنده فقط..من خلال تاريخ الناجحين والعظماء والعلماء.عديد منهم لم يكونوا متدينين او حتى قريبين من الله ولكنهم كانوا يتسمون بالأخلاق السامية والمداومة علي تطوير انفسهم...ربما تكون نهاية بعضهم تعيسة وانتهت بالموت المفاجيء او الانتحار بسبب قصور هم في الجانب الديني او النفسي ولكن هذا لا يعني ان هناك خلل بالتطوير الذاتي وأنه يبعد الإنسان عن عقيدته ودينه ...بل هو اداة واستراتيجية فقط...يمكن ان تكون متطوراً وقريبا من الله في الجانب الديني ولكنك غير ناجح ويعاني من أزمات وفشل كبير على كل الأصعدة الأخرى مثل المال او الوظيفة..او العائلة لهذا فأنت تحتاج إلى استخدام التطوير والتحسين من ذاتك وتحسين أفكارك حتى تحسن من الجوانب الأخرى من حياتك ...
لا بأس ان تطور ذاتك وتكون شخص متديناً وتستخدم التطوير في تحسين علاقتك مع الله ولكن كن واعياً بأنه أداة للتحسين فقط ولا تحملها اكثر مما تحتمل ..حافظ على هذه الأداة ولا تعدلها إرضاء للمتدينين ومحاولة إستقطابهم..