ما هي العنصرية؟ لنبدأ بهذا السؤال لأنه سيوضح لنا الكثير من المعاني. العنصرية هي تحقيق مكاسب أو حرمان منها بناء على اللون أو العرق أو الدين. هذا هو كل شيء ويمكنني إنهاء المقال هنا، لأن هذة هي العنصرية تدور حول المكاسب إما الحصول عليها أو الحرمان منها وكل ما يحدث بعدها هو نتيجة لاحقة لأن العنصري إما يريد أن يحقق مكاسب بإستبعاد المختلفين عنه أو يخاف على مكاسب لا تتحقق بسبب المزيد من المنافسين الذين يمكنه إستبعادهم بناء على أصولهم أو لونهم أو حتى إعاقتهم.
الأمر إلى هنا طبيعي جدا وعلى من يتعرض لممارسة عنصرية أن يدافع عن نفسه بنفسه وينهي الموقف في الحال. في هذة الحالة سيتعلم العنصري أن هناك من سيتصدى له لو إستحوذ على مكاسب معينة أو مارس سلوكيات ضد المختلفين عنه. الغير طبيعي هو أن يتحول الأمر إلى هوس جماعي ويتحول إلى ثقافة عالمية إلى درجة أن الناس صارت لا تجد الكلمات لوصف الإختلاف وصرنا نتلاعب بالكلمات لنخفف على الطرف المتحسس. مثلا تم إستبدال كلمة معاقين إلى جملة طويلة هي أصحاب الإحتياجات الخاصة. نحن جميعا نعلم أنهم معاقين عندما نقول أصحاب الإحتياجات الخاصة. ما هي إحتياجاتهم يا ترى؟ لا نعلم ولكن يدعون أنهم أصحاب إحتياجات خاصة. إذا جهزت المباني بممرات للكرسي المتحرك ووفرت دورات مياه بها أذرع المساعدة والإتكاء وقبلت بتوظيف المعاقين أنت في هذة الحالة قمت بكل ما عليك القيام به نحوهم. لا يوجد شيء آخر. أما تعامل الناس مع المعاقين وكيف يتصرفون في وجودهم وما يقولونه عنهم هو من التفاعل البشري. على المعاق أن يتعامل مع الأمر كحقيقة ولا ينغمس في الوهم كثيرا حتى إن كثير منهم أصبح الإيغو متضخما لديهم بدرجة كبيرة. أنت معاق وقد تم توفير كل وسائل المساعدة لك الآن عليك أن تتعامل مع زملائك كإنسان عادي. هناك من سيضحك معك وهناك من سيضحك عليك وهناك من سيتعاطف معك وهناك من لن يكترث لأمرك. هذا هو بالضبط ما يتعرض له كل الزملاء فمن الذي صور لك أنك ستجد معاملة مختلفة لأنك معاق؟ هي نفس التصرفات التي سيواجهها الطويل جدا والقصير جدا وصاحب الحواجب الغليظة وصاحب الرأس الكبير وصاحب الوزن الزائد والنحيل جدا وحتى من يختار عطرا سيئا سيجد من يسخر منه وربما يفصله من العمل على ذوقه السيء.
الأسود والأسمر والأقل سمرة. اللون هو أحد أوضح أنواع العنصرية. صرنا نقول للأسود أسمر وكأن صفة أسود مذمة أو عيب. الأسود أسود والأسمر أسمر وهذا واضح جدا فلماذا التلاعب بالكلمات؟ ليس الأسود عيب والا الأسمر ولا الأبيض مقياس الألوان. كل ما في الأمر أن السود والسمر بلغ بهم الغباء درجة جعلتهم يعتبرون التعليق على الوانهم إهانة. أنت أسمر، أنت أبيض، أنت أسود، لا يهم. المهم هو أن تعرف كيف تتعامل مع الأمر وتثبت نفسك في عملك ونجاحك في الحياة. عندما تصبح فاشلا في الحياة سيزدريك الناس وسيكون لونك هو الأكثر وضوحا لهم لذلك سيستغلونه ضدك، تماما كما سيستغلون هذا على الطويل. الكل سيسخر من طوله وقلة عقله إذا فشل. إذا هي ممارسات طبيعية يقع تحت تأثيرها الجميع ولا يتأثر بها إلا العنصري. العنصري يرى نفسه مختلفا ولذلك تزداد حساسيته ضد إنتقادات الناس له وحتى كلامهم العفوي والطبيعي. الكلمة تقع في نفسه أضعافا مضاعفة لأنه يحمل أضعاف العنصرية في داخله.
ما يحدث الآن ليس عنصرية بقدر ما هو حساسية مفرطة لدى العنصريين السود والسمر والمعاقين والبدناء والنحفاء والذين ينحدرون من أعراق مختلفة. تعرف العنصري من ردة فعله المبالغة تجاه أي ذكر لإختلافه ويعتبر التحدث عن إختلافه إهانة لا تغتفر. عندما يفشل الإنسان في كسب إحترام الناس يبدأ بإختلاق الأعذار وليس هناك أسهل من إدعاء التفرقة العنصرية. عندما يعتقد الإنسان أنه مميز بالسلب أو بالإيجاب تحدث إختلالات نفسية جسيمة فإما يصاب بالغرور أو يشعر أن كل كلمة هي إهانة.