حين تحدث الكارثة وتسقط الطائرة .. يبحث الكل عن صندوقها الاسود .. يبحث عن السر ..لمَ سقطت ؟ .. كيف سقطت؟ .. خطأ من كان ؟ .. لكن لا احد يبحث عنه قبل الكارثة ... فهو مهمل ببساطة ..كذلك نحن ..
لا احد يبحث عن نفسه مادامت الكارثة لم تحدث .. مادمنا نأكل ونشرب .. حتى لو كنا شبه احياء .. حتى لو كنا ننام كل يوم على بحر من الدموع .. حتى لو كنا نغصّ مع كل ضحكة .. ونتحسر على ابسط الحقوق .. فما دمنا على قيد الحياة لا يهم ..
لا احد ينظر الى صندوقه الاسود .. كيف يشعر؟ .. ماذا يريد؟ .. ما يؤلمه؟ .. ماذا يرفض؟ .. ولمَ ؟.. لا احد يفكر بالجلوس مع نفسه .. يرتب افكاره .. يتخلص من ما عفى عليه الزمن .. او من تلك التي ورثها دون ان يشعر وما عادت تصلح اليوم ..او تلك المحبطة التي يضج بها رأسه كل حين.. لا احد يجرؤ ان يرتب مشاعره .. يتحرر من الألم .. يعالج الصدمات .. يسامح نفسه.. غيره .. يغلق الملفات الفتوحة لسنين طوال .. تأكل من اعصابه وأيامه .. ولا تزال مفتوحة ..
يترك نفسه يغرق كل يوم اكثر .. ويخاف من طلب المساعدة من مختص .. من معالج .. او حتى صديق .. حتى تحدث الكارثة .. حتى يفقد كل قواه .. ولا يعود فيه ما يقاتل به .. حينها فقط يبحث الكل عن الصندوق الاسود .. لكن بعد فوات الاوان ..
ارجوك .. ابحث يا صديقي عن صندوقك .. عن نفسك .. اعد التواصل معها من جديد .. تعرف عليها بعد عمر من الاهمال .. ماذا غيرت بها الايام .. ماذا فعلت بها الدمعات .. كيف هي الآن .. هل مازالت تحب ما تحب وتكره ما تكره .. هل مازالت كما تركتها وأنت طفل صغير مبتهج بأبسط التفاصيل .. أم ما زالت تبحث عن الحب والتقبل .. ستتفاجأ من كمية التغيير .. أعدك .. فقط ابحث .. ولا تنتظر الكارثة ..
دمتم بحب
#سرى_البدري