هذة وحسب منظوري الشخصي هي أكبر جريمة تم إرتكابها في حق الفكر الإسلامي وبالتالي في حق كل الذين يؤمنون بالإسلام. هذة الجريمة تم إرتكابها في حق ديانات أخرى أيضا ولكن ما يعنينا هنا هو الفكر الإسلامي فقط لأنه دين هذة المنطقة التي نعيش فيها من العالم. لقد تم الإعتداء على آلية تصحيح المسار الطبيعية من خلال أفكار بعض رجال الدين الذين لا يمكن وصفهم بغير رهبان حقيقيين لأنهم أفسدوا على الناس الآلية الوحيدة والبسيطة التي خلقها الله لهم لتصحيح مفاهيمهم عن الحياة وبالتالي تصحيح مسارهم فيها.
للتهيئة للفكرة سأضرب بعض الأمثلة التي من المؤمل أن توضح القصد. لو أن شخصا حمل طبقا زجاجيا بطريقة خاطئة وإنزلق من يده وطاح على الأرض وإنكسر ماذا سنقول له؟ سنقول له بأن طريقة حملك للطبق خاطئة. قم بتصحيحا. ولو أن شخصا إخترع جهازا بقياسات غير صحيحة فلم يعمل الجهاز، فبكل تأكيد سيعرف أنه أخطأ وعليه أن يعيد حساباته. إذا نحن متفقين أن العمل بطريقة خاطئة يؤدي إلى نتائج خاطئة وأن هذا الخطأ سيستمر حتى نقوم بتصحيح طريقة عملنا. لا يمكن تصور أن شخصا سيستمر في حمل الأطباق بطريقة خاطئة أنه سينجح أبدا، وأيضا لن نقول له أن الطبق إنكسر ربما لحكمة أنت لا تعلمها. هذا لن يخطر ببالنا أبدا أن الخطأ وقع لحكمة فوق إدراكنا.
مع ذلك فنحن كمسلمين نؤمن أن النتائج الخاطئة التي نحصل عليها في الحياة قد تكون لها حكمة إلهية لا نستطيع فهمها. ليس هذا وحسب وإنما نؤمن أنها سترفع درجاتنا في الآخرة وأن الله سيؤتينا أجرا مضاعفا فيما بعد. هذة الفكرة الغبية مهما كان الشخص الذي إخترعها أول مرة أفسدت علينا الآلية الدقيقة لإصلاح أخطائنا. الآلية بسيطة جدا. عندما تقوم بفعل خاطىء، تحصل على نتائج خاطئة. بسبب فكرة سخيفة إنتشرت بين الناس فحواها أن الله له حكمة مختلفة لا يعلمها أحد تكونت لدينا حالة غريبة يتساوى فيها الصح والخطأ وهذا ما يجعل أكثر المسلمين لا يصححون أخطائهم الفكرية أو العقائدية لأن كل النتائج تعتبر في صالحهم. فالمسلم يعتقد أن النتائج الصحيحة هي مكافأة على جهوده الطيبة والنتائج الخاطئة هي عملية تطهير له ورفع درجات. بإختصار الفرد المسلم يعتقد أنه صح في جميع الأحوال وسواء كانت النتائج في صالحه أو ضده لا فرق، ففي النهاية كلها في مصلحته إما في الدنيا أو في الآخرة.
هذة الفكرة مريحة جدا وتجعل الإنسان يسير بكل ثقة وإن في طريق هلاكه. نسي المجرم الأول الذي إخترع هذة الكذبة أو لعله كان يقصد بها القضاء على الإسلام، مهما كان قصده فهو نسي أن النتائج التي نحصل عليها هي المقياس الذي من خلاله نستطيع تحديد مدى قربنا أو إبتعادنا عن الصواب وعليه نحدد هل نستمر أم نتراجع ونصحح. وكما أن الطبخة تظهر نتيجتها في مذاق الطعام فكذلك الحياة تظهر نتيجتها من خلال الأحداث. مكونات الطبخة مواد عضوية ومكونات الحياة أفكار ومعتقدات وسلوكيات فإن إختلت تلك المكونات ظهرت على شكل نتائج ضد ما يتوقعه الإنسان.
لا أعلم هل هو الغرور بالإنتماء للإسلام ام أنها السذاجة التي يتمتع بها بني البشر ولكن هناك إعتقاد قوي أن المسلم بمجرد أن يصلي ويصوم ويمارس عباداته فهذا يكفي لدخوله الجنة ومادام هو عابد لله وموحد له فإن كل ما يصيبه هو في صالحه وليس عليه إلا الإستمرار. على الأغلب هو الغرور بالدين. لقد إغتر أكثر المسلمين بدينهم وظنوا أن كونهم مسلمين يغنيهم عن تصحيح مسارهم لأنهم أساسا على الصراط المستقيم. هم أساسا عابدون لله ولذلك لا يمكن أن يكونون على خطأ. لقد إختزل المفكرون الإسلامييون الحياة في عبادة الله ولم يكترثوا للجوانب الأخرى فغابت عن الناس قيمة القيام بالعمل الصحيح وحتى الذين إشتكوا منهم من إختلال النتائج وصعوبات الحياة، أخبرهم الرهبان أنها لحكمة إلهية وليس عليهم القلق أبدا فمصيرهم الجنة في جميع الأحوال.
أجيال عاشت وبادت وهي تعتقد بأنها على خير وإلى خير وهي لا تعلم أنها توقفت عن إستخدام إلية الحياة لتصحيح المسار. مئات ملايين المسلمين قضوا حياتهم في الظلام وعاشوا في جحيم على الأرض وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا. كيف لا وهم قد توقفوا عن الإنتباه لرسائل الله لهم. كل يوم هو يرسل لهم رسالة من خلال أحداث مأساوية تحدث في حياتهم وكل يوم هو يرسل لهم رسالة من خلال عدم تحقيق دعائهم لهم وكل يوم هو يتواصل معهم من خلال مشاعر حزن وألم تنتابهم ولكنهم لا يدركون المعنى ولا يزحزحهم عن أفكارهم الخاطئة الألم. السبب واضح تماما، هم يؤمنون أن النتائج الخاطئة ليست منهم ولكنها من الله الذي يريد تطهيرهم من ذنوبهم. المضحك حقا أنهم يقضون حياتهم في ألم دون بلوغ درجة تطهر تخفف عليهم شيئا من معاناتهم. يتخيلون أنهم مجرمون وآثمون وبذلك يستحقون كل الألم الذي يتعرضون له. لقد كذب بعضهم على الله سابقا فجائت أجيال من بعدهم وصدقتهم.
عد إلى نفسك وأعد حساباتك فلربما تكون قد عشت الكذبة وصدقتها.
تأكد من هذا، الله لم يخلقك ليعذبك وإنما لتقوم بدورك في الحياة وهو يدعمك ويساعدك عن طريق النتائج التي تراها في حياتك. ستعرف بأنك إقتربت من الله أكثر وأنك تقوم بالفعل الصحيح وتعتقد الإعتقاد الصحيح عندما تصبح حياتك سهلة ومشاكلك تزول تدريجيا حتى تكاد تختفي بالمرة. الله يريدك أن تكون إنسان منتج وليس من المنطقي أن يشغلك في المشاكل والهموم. كيف ستقوم بعمارة الأرض وأنت مكبل بالقيود ومحاط بالنتائج الفاشلة؟ ما تراه من مشاكل في حياتك الآن هو رسالة لك لتصحيح مسارك وعندما تفعل ستختفي المشكلة لتتفرغ لعملك الحقيقي وهو عمارة الأرض وتطوير الإنسانية والإرتقاء بفكرك ومشاعرك وتترفع عن صغائر الأمور. لا تكابر وأنظر للنتائج وغير أفكارك ومعتقداتك حتى تبدأ بالحصول على نتائج إيجابية. هذة وسيلة مساعدة إلهية واضحة فإستخدمها لمصلحتك.