تاريخ العائلة
الخوف ليس شيء طارىء وإنما هو خبرات متوارثة من جيل إلى آخر، تنتقل من الآباء إلى الأولاد فالأحفاد. ولو بحثت في تاريخ العائلة فستكتشف تكرار لنمط الخوف ونوعه وأحيانا كثيرة لنفس الأحداث والمواقف التي حدثت للجد أو الجدة أو الأب أو الأم. يكفي أن ترى وضع عائلة ما الآن لتعرف تاريخها مع الخوف. حتى لا نبتعد كثيرا لأن القضية لها تشعبات كثيرة، سنركز على الخوف الموجود في العائلة الآن. لو نظرنا إلى خوف البنت مثلا سنراه إمتداد طبيعي لمخاوف الأم. مخاوفها من أحداث معينة في حياتها طبعتها على نفسية إبنتها وأولادها. أو قد تكون من الأب وعادة يظهر خوف الرجال على شكل شكوك وريبة وسوء ظن. يستطيع الرجل بكل سهولة برمجة الأم على الخوف وبالتالي هي تقوم بنقل المشاعر إلى أبنائها بكل أمانة.
هذة العملية لا منتهية وتستمر في التوالد مع كل مولود للعائلة. كل شيء، العنف، الضعف، الخوف، الشك، التردد، التدمير الذاتي وبقية المشاعر السلبية التي تولد مواقف مشابهة لمواقف سابقه عاشها الآباء. هذا لا يجب أن يستمر لأن الحل بسيط جدا وهو أن ينتفض أحد الأبناء أو البنات ويقرر أن يتخلص من مخاوفه بالطرق العادية كتقوية الشخصية أو العلاج النفسي أو الطاقي وهذا بدوره يبدأ تسلسل أحداث جديدة في العائلة تخرجها من دائرة الخوف التي عاشتها ربما لمئات السنوات عبر الأجيال.
الخائفون يجتمعون
هذة ميزة أساسية في الخوف العائلي إذ نرى تكتلات تقسم العائلة إلى خائفين ومقاومين. عادة ما يتكتل الجبناء ويدعم بعضهم بعضا فيشكلون حزبا قويا ضد أي فرد من أفراد العائلة يحاول كسر طوق الخوف أو الخروج عن المألوف العائلي. ذلك التكتل يعزل الشجاع ويبعده عن دائرة النور ويحيك له المكائد وينفذ المؤامرات الخفية ويشوه سمعته وقد يصل الأمر إلى حد القذف أو تخريب الممتلكات وإشاعة الفتنة أو حتى الإعتداء الجسدي في بعض العائلات المتدنية الأخلاق. هذا السلوك البشع للأسف ينتشر حتى بين العائلات التي تبدو مثقفة أو عادية. الخوف يفرز التحزب ويضعف الشخصيات فيجعلها تتكتل حول شخصية أحد أفراد العائلة الأقل خوفا أو الأكثر دهاءً من أجل حماية مصالح المجموعة من تهديدات المطالبين بالإستقلال. إن كنت في مثل هذا الوضع فتذكر أن تستمر في المقاومة وتتفهم أنهم مجرد مجموعة جبناء يحمي بعضهم بعضا والسبيل الوحيد للتفوق عليهم هو الصمود وتقليل حساسية المشاعر لتتمكن من المقامة لمدة أطول. أما إن كنت أحد الجبناء المتحزبين فإخجل من نفسك قليلا وعد إلى رشدك.
الخوف من الفضيحة
هذا ما يميز الجبناء بشكل عام. أكبر ما يخافون منه هو أن يفتضح أمرهم أو شخصياتهم أو أعمالا مارسوها في الخفاء. هذا يجعلهم يتكتلون أكثر ويتحولون إلى مقاتلين شرسين عن خصوصيتهم وأسرارهم الوهمية فتصبح شخصياتهم مبهمة ويكتسبون صفة المراوغة وعدم الوضوح، فيميلون إلى السرية التامة في كل شيء حتى الأمور العادية وتتغلف حياتهم بالتكتم الشديد على كل شيء وهذا ما يجعلهم أكثر ميلا لحياكة المؤامرات الخفية ضد المطالبين بالحرية والإستقلال أو ضد الكتل الجبانة الأخرى.
الخوف من الخسارة
أكبر خوف يواجهه الإنسان على الإطلاق هو الخوف من الخسارة. الكل يخاف من الخسارة سواء كان تابعا لتكتل جبان أم مدافع عن إستقلاليته وإنفراده بالقرار. لا أحد يريد أن يخسر، لا أحد يريد أن يصبح حاله أسوأ قبل أن يبدأ معركة التحرر وهذا ما يجعل أكثر الناس الذين يعيشون في مثل هذة العائلات يتراجعون عن قراراتهم ويتوقفون عن تحقيق أحلامهم وفي مواقف ينظمون إلى التكتل الجبان وهنا تحدث أعظم خسارة يمكن أن يتصورها الإنسان. عندما يخسر الإنسان نفسه تصغر كل الخسائر الأخرى مهما كانت فادحة. دافع عن نفسك لأنها الشيء الوحيد الذي تملكه فإن أنت خسرتها لم تغني عنك كل كنوز وسطوة ونفوذ الأرض لو تحققت لك. ستصبح في حيرة من أمرك وتتنازعك الهواجس بين أهلك ونفسك لكن هذا طبيعي وبمجرد أن تكسب نفسك ستبدأ بالتنفس من جديد وتعود لك الحياة.
يجب أن يكسر
الخوف يجب أن يكسر، ومن يسبب لك الخوف يجب أن يكسر. توجد نوعية من الجبناء التي لا يمكن التغلب عليها إلا بكسرها خصوصا إن كانت تملك خبرة في الحياة أو تلك التي تحمل نفسية خبيثة جدا. لا يمكنك التعايش والإستمرار مع مثل هذة الشخصيات ولا يمكنك التفاهم معها ولا يمكنك الوصول إلى نقطة وسط والسبيل الوحيد هو كسرها بطريقة أو أخرى. عادة يمكن كسر تلك الشخصية بالثبات على الموقف. يجب أن تتخذ قرار وتتشبث به دون تنازل أو تحلحل عن موقفك وأن تستخدم كل الآليات المتوفرة لك للتفوق على الجبان. لا تقلق كثيرا قد يبدو صلبا من الخارج لكن بمجرد أن تخترق قشرته تكتشف مدى هزالته.