سلسلة القوة للجميع ٤

»  سلسلة القوة للجميع ٤
مدة القراءة: 3 دقائق

الرّعب الأكبر

أكبر مصدر للخوف في الثقافة العربية هما الوالدان. تبدأ المشكلة منذ الولادة ولا تنتهي إلا عند الموت. لا يتحرر العربي من الخوف إلا في القبر، فهو ميت في الحياة وميت بعد الموت. منذ الطفولة يبدأ الوالدان بتربية أطفالهما على الخوف والإنصياع الكامل لأوامرهما بدون ترك أي مجال للإختيار أو للحركة. ولا يتورع الوالدان عن ضرب أولادهما عندما يخطئون إذ ترتكز التربية بشكل عام على الضرب المتراوح بين الخفيف والمبرح وقد يصل إلى التعذيب الجسدي. تصادر كل حريات الطفل ويصبح بلا شخصية مستقلة أو إرادة حرة، لأن الحرية في الثقافة العربية تعتبر إعتداء صارخ على سطوة الكبار.

يستخدم الوالدان أو أحدهما أساليب التعذيب النفسي المختلفة لترويض الطفل. بالنسبة للوالدين الطفل المميز هو الطفل الخاضع لهما خضوعا كاملا بلا مقاومة. فقط عندما يفقد الطفل شخصيته وإرادته ويتنازل عن طبيعته يصبح إبنا مطيعا في نظرهم ويمكنه أن يحصل على الحب والرعاية والإهتمام. يستخدم الوالدان المثقفان ظاهريا « طريقة العصا والجزرة » فعندما يقوم الولد بعمل جيد من وجهة نظرهما تتم مكافئته بالحب وربما بعض الهدايا وإن هو أخفق في شيء يتم عقابه نفسيا بعزله عن طريق إظهار الغضب أو الإمتعاض ولا يتورعان عن تعييره ومقارنته بإخوانه أو أصدقاءه المطيعين. أسلوب العتاب بالمقارنة هذا بشكل طبيعي يشوه نفسيته ويجعله يعيش حياة المقارنة بالآخرين والتنافس معهم على إهتمام والده وهذا بدوره يفرز نفسية عدائية أو تنافسية بشراسة من أجل الحصول على إهتمام ورضى الوالدين وفي أحسن الحالات يتولد لديه الشعور بالغيرة أو الحسد. هذا بالطبع يفسد عليه حياته لاحقا لأن مثل هذة المشاعر تكبر مع الوقت وتتحول إلى أمراض نفسية متعددة.

باي نتورك

أسلوب العصا والجزرة أيضا يولد الإدمان على الطاعة من أجل الحصول على الحب. فالطفل صار يربط بين حصوله على الحب وبين أعماله ولذلك تميل شخصيته إلى الإستسلام وتبدأ نفسه بالذبول في سبيل تحقيق الوضع الملائم لتلقي الحب. حالة الإدمان تحدث بسبب وضع نفسي يشار إليه بـ « أسلوب تعزيز الإستمرارية المتناقضة النمط » كما تقول الدكتورة تينا عواد. بإختصار هو أسلوب ثواب وعقاب غير منتظم يسبب حالة إحتياج متزايد نتيجة عدم توقع متى سيرضى الوالدان وما هي المكافئة أو إن كانت هناك مكافئة أساسا. وبمعرفتنا بمدى إستهجان الإنسان العربي لوعوده فإن الحالة تتحقق بسهولة. يحدث إضطراب في النتائج التي يحصل عليها الطفل فيتحول إلى مدمن كامل على رضى الوالدين.

شاهد الفيديو التالي لتعرف كيف يحدث الإدمان على الطاعة.


بعد أن يدمن الطفل على الطاعة يصبح من الصعب عودته للحياة الطبيعية عندما يكبر لأنه هو نفسه سيتحول إلى مصاص طاقة نتيجة ما تمت ممارسته عليه من ضغوط نفسية على مدى سنوات طويلة. هذا يفسر لماذا يتفاقم الخوف في النفسية العربية. فهي نفسية مدمنة على طاعة الوالدين ومستعبدة بالكامل مما يجعلها تدافع بشدة عن الوضع الذي هي فيه. ومن هنا تم تمرير سلوك يشبه العبودية للوالدين تحت إعتبارات دينية كالبر والإحسان للوالدين، وذلك من خلال تحريف المعنى الواضح والقصد الصريح من الآيات الكريمة لتواكب حالة الإدمان التي يشعر بها العربي.

هذا أيضا أنتج معضلة أخرى إذ أصبح الإدمان مدعوما دينيا مما جعل التخلص منه أمر شبه مستحيل. الكل يتأثر بالدين ويضعه في موضع عالٍ جدا وعندما يربط أمر ديني بحالة نفسية قائمة على الإدمان فإن هذا يسبب كارثة حقيقية لو أراد المصاب العودة للحياة الطبيعية، لأنه سيجد معارضة دينية تدعمها مشاعر قوية وصريحة فيعتقد المدمن أن الطاعة العمياء بلا عقل للوالدين هي أمر إلهى بدليل أنه يشعر بالحب عندما يفعل.

سلسلة القوة للجميع ٥

  • أفضل منصة تداول
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    سلسلة القوة للجميع ٤

    مدة القراءة: 3 دقائق

    الرّعب الأكبر

    أكبر مصدر للخوف في الثقافة العربية هما الوالدان. تبدأ المشكلة منذ الولادة ولا تنتهي إلا عند الموت. لا يتحرر العربي من الخوف إلا في القبر، فهو ميت في الحياة وميت بعد الموت. منذ الطفولة يبدأ الوالدان بتربية أطفالهما على الخوف والإنصياع الكامل لأوامرهما بدون ترك أي مجال للإختيار أو للحركة. ولا يتورع الوالدان عن ضرب أولادهما عندما يخطئون إذ ترتكز التربية بشكل عام على الضرب المتراوح بين الخفيف والمبرح وقد يصل إلى التعذيب الجسدي. تصادر كل حريات الطفل ويصبح بلا شخصية مستقلة أو إرادة حرة، لأن الحرية في الثقافة العربية تعتبر إعتداء صارخ على سطوة الكبار.

    يستخدم الوالدان أو أحدهما أساليب التعذيب النفسي المختلفة لترويض الطفل. بالنسبة للوالدين الطفل المميز هو الطفل الخاضع لهما خضوعا كاملا بلا مقاومة. فقط عندما يفقد الطفل شخصيته وإرادته ويتنازل عن طبيعته يصبح إبنا مطيعا في نظرهم ويمكنه أن يحصل على الحب والرعاية والإهتمام. يستخدم الوالدان المثقفان ظاهريا « طريقة العصا والجزرة » فعندما يقوم الولد بعمل جيد من وجهة نظرهما تتم مكافئته بالحب وربما بعض الهدايا وإن هو أخفق في شيء يتم عقابه نفسيا بعزله عن طريق إظهار الغضب أو الإمتعاض ولا يتورعان عن تعييره ومقارنته بإخوانه أو أصدقاءه المطيعين. أسلوب العتاب بالمقارنة هذا بشكل طبيعي يشوه نفسيته ويجعله يعيش حياة المقارنة بالآخرين والتنافس معهم على إهتمام والده وهذا بدوره يفرز نفسية عدائية أو تنافسية بشراسة من أجل الحصول على إهتمام ورضى الوالدين وفي أحسن الحالات يتولد لديه الشعور بالغيرة أو الحسد. هذا بالطبع يفسد عليه حياته لاحقا لأن مثل هذة المشاعر تكبر مع الوقت وتتحول إلى أمراض نفسية متعددة.

    أسلوب العصا والجزرة أيضا يولد الإدمان على الطاعة من أجل الحصول على الحب. فالطفل صار يربط بين حصوله على الحب وبين أعماله ولذلك تميل شخصيته إلى الإستسلام وتبدأ نفسه بالذبول في سبيل تحقيق الوضع الملائم لتلقي الحب. حالة الإدمان تحدث بسبب وضع نفسي يشار إليه بـ « أسلوب تعزيز الإستمرارية المتناقضة النمط » كما تقول الدكتورة تينا عواد. بإختصار هو أسلوب ثواب وعقاب غير منتظم يسبب حالة إحتياج متزايد نتيجة عدم توقع متى سيرضى الوالدان وما هي المكافئة أو إن كانت هناك مكافئة أساسا. وبمعرفتنا بمدى إستهجان الإنسان العربي لوعوده فإن الحالة تتحقق بسهولة. يحدث إضطراب في النتائج التي يحصل عليها الطفل فيتحول إلى مدمن كامل على رضى الوالدين.

    شاهد الفيديو التالي لتعرف كيف يحدث الإدمان على الطاعة.


    بعد أن يدمن الطفل على الطاعة يصبح من الصعب عودته للحياة الطبيعية عندما يكبر لأنه هو نفسه سيتحول إلى مصاص طاقة نتيجة ما تمت ممارسته عليه من ضغوط نفسية على مدى سنوات طويلة. هذا يفسر لماذا يتفاقم الخوف في النفسية العربية. فهي نفسية مدمنة على طاعة الوالدين ومستعبدة بالكامل مما يجعلها تدافع بشدة عن الوضع الذي هي فيه. ومن هنا تم تمرير سلوك يشبه العبودية للوالدين تحت إعتبارات دينية كالبر والإحسان للوالدين، وذلك من خلال تحريف المعنى الواضح والقصد الصريح من الآيات الكريمة لتواكب حالة الإدمان التي يشعر بها العربي.

    هذا أيضا أنتج معضلة أخرى إذ أصبح الإدمان مدعوما دينيا مما جعل التخلص منه أمر شبه مستحيل. الكل يتأثر بالدين ويضعه في موضع عالٍ جدا وعندما يربط أمر ديني بحالة نفسية قائمة على الإدمان فإن هذا يسبب كارثة حقيقية لو أراد المصاب العودة للحياة الطبيعية، لأنه سيجد معارضة دينية تدعمها مشاعر قوية وصريحة فيعتقد المدمن أن الطاعة العمياء بلا عقل للوالدين هي أمر إلهى بدليل أنه يشعر بالحب عندما يفعل.

    سلسلة القوة للجميع ٥

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين