فرِّق تسد
نظرية فرّق تسد، ليست نظرية إستعمارية كما يعتقد الكثيرون ولكنها نظرية أصيلة يستخدمها الناس منذ عصور قديمة. في القرآن الكريم الآية صريحة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ وهي تنبيه للناس ليحذروا مثل هذة المواقف المهلكة. فعندما يقوم الإنسان بإتخاذ قرارات أو مواقف بناء على نبأ غير مؤكد فإنه يظلم شخصا بريئا لم يرتكب ذنبا. هذا يحدث على مستوى العمل والصداقة وحتى في العائلة الواحدة.
فعلى مستوى العائلة قد يبث الفاسق أنباء وإتهامات صريحة لأحد أفراد العائلة لينقلب الإخوة والأخوات أو الأبناء ضده. هذا الفعل الجبان يقوم به الفاسق إما للنيل من شخص آخر أو لتفريق الجماعة حتى يتمكن من السيطرة عليهم. عادة يلجأ الفاسق إلى إستخدام هذا الإسلوب لضعف شخصيته ولذلك هو يستخدم المكر والدهاء. سياسته تقوم على عزل الضحية عن محيطها وتلقينها أفكار عن أحد أفراد العائلة على أن يبقى الأمر سرا بينهما، ثم يتوجه للضحية التالية ويبث فيها سموم مشابهة وهكذا حتى يحمل الكل في قلبه شيئا على الآخر بينما يحتفظ الفاسق بوضع صديق الكل. هو الصديق الذي يحذر وهو المتفهم وهو الناصح الأمين لكل أفراد العائلة كلٌ على حدة.
يستخدم الفاسق سياسة فرّق تسد، ليتمكن من تحريك الكل لمصلحته فلا يستطيع أحد مقاومته لأنه في غضون ساعات قليلة عندما يجد معارضة من أحدهم أو مطالبة من أي نوع فإنه يتحرك بسرعة البرق ليذكر كل شخص بالنبأ الخبيث الذي زرعه فيه عن غريمه، وبهذا يضمن تعاطف وتعاون كل أفراد العائلة معه. هذة السياسة تنجح كثيرا في العائلات التي يتمتع أفرادها بالغموض والذين يحاولون الظهور بمظهر المثاليين للآخرين. بكل بساطة كل شخص فيهم يمثل أنه طبيعي مع أنه يبطن غير ذلك.
هذا السلوك يرفع نسبة التوتر في العائلة ويجعل أفرادها يتعاملون بشك وريبة من بعضهم بعضا ولا يعرفون تماما كيف تسربت الأفكار السيئة إلى كل منهم. ما يعرفونه تماما أنهم بلا سبب واضح يجدون أنفسهم ضد شخص واحد. هو الذي يتم تجاهله أو عزله أو تهميشه وكأن بينهم إتفاق مسبق. الوقاية من سياسة فرّق تسد تتطلب أخذ الحيطة والحذر ولا يجب على أي إنسان أن يتخذ موقف من الآخرين دون التأكد من صحة الخبر أو الإتهام. ولذلك من الأفضل في حال سماع بعض الأقوال المغرضة والتي قد تصدر على شكل نصائح أو تنبيهات أو تلميحات أو حتى شفقة على أحدهم، أن لا تؤخذ بعين الإعتبار وأن يتم تجاهلها تماما وكأنها لم تقال. فإن كان متلقي النبأ من أصحاب الشخصيات المؤثرة في العائلة فعليه أن يرد الفاسق عن فسقه إما بتكذيب الخبر أو بعدم الإنصات له مرة أخرى.
هذا الأمر لا مزاح فيه سواء في البيت أو في أي مكان آخر. يجب أن يتوقف الناس عن سماع التحريض وعليهم التأكد من الشخص المعني نفسه حتى لا تحدث خلافات وإنقسامات جسيمة تؤدي إلى عداء مبطن وقد يتطور في المستقبل إلى عداء معلن وشقاق بين الأقارب أو بين الأصدقاء أو فرق العمل. كل ما عليك القيام به هو عدم الإنصات وعدم قبول الأخبار التي تسيء إلى أي إنسان تعرفه. إن كنت تحترم الآخرين فإستمر في إحترامهم حتى في غيابهم. أن تحسن الظن وتخطىء خير من أن تسيء الظن وتظلم أخاك أو أختك أو والدك أو والدتك أو صديقك أو أي إنسان آخر في العالم.