شبكة التعاطف

»  شبكة التعاطف
مدة القراءة: 3 دقائق

تشعر بالضعف والوهن. تشعر وكأن هناك من يسحبك نحو القاع. كلما حاولت الإنتفاض من أجل نفسك وتحرير روحك من قبضة جلادها الخفي، تجد أنك بردت فجأة وتبلد إحساسك وتوقفت عن المحاولة. دائما هناك حديث داخلي يدور في رأسك. حديث غير مفهوم وغير واضح المعالم لكنه يقول لك « إنتبه - أنت على وشك القيام بشيء خاطىء في حق أحدهم، تراجع، تراجع، تراجع » الصوت الذي في رأسك لا يقول لك ولكنه يضغط على أكتافك لتجثو على ركبتيك في يأس.

ربما تحاول أن تفهم فتبدأ بتحليل كل الأحداث والمواقف لكنك لا تصل إلى شيء. فكل شيء يبدو طبيعي جدا. كل شيء يبدو منطقي وفي محله. تصاب بالإحباط الشديد وتتسرب إلى قلبك قناعة أن هذة الحياة ليست عادلة وأن الله قد تركك وحيدا تعاني. من جانب أنت مطالب بالعمل والتقدم ومن جانب آخر لا تجد الدعم الإلهي الذي تسمع عنه منذ الصغر، رغم أنك إنسان صالح ومتوازن وتحاول أن تساعد الآخرين وتحسن إليهم وتحبهم وتقدرهم. ما بينك وبين الناس رائع فعلا، وما بينك وبين الله خالص صادق، ومع ذلك تشعر بالضعف وتشعر وكأن الحياة تسير ببطىء شديد. أنت تتألم، هذة هي الحقيقة.

إذا واصلت مسيرتك بهذة الطريقة لن تصل أبدا وفي النهاية ربما توهم نفسك أنك من أصحاب الآخرة فتصبر وتحتسب ويستمر الألم. إنه الهروب الكبير من يقوم به أكثر الناس عندما يعجزون عن فهم الواقع والإعتراف بالحقيقة. الحقيقة أنهم مرتبطون ومتعلقون بشبكات تعاطف عائلية تستنزفهم شر إستنزاف. لا يستطيعون التحرك في أي إتجاه لأن أي حركة يقومون بها ستؤدي إلى إيذاء أحدهم. يريدون التحرك والتقدم دون أن يتأثر أحد في محيطهم. هذة الشبكة المعقدة من المشاعر والأفكار، هي ما يحد من فعالية ما تقوم به أنت أيضا. في كل مرة تريد أن تتقدم في حياتك ستكتشف أن تقدمك سيكون على حساب أحدهم. ربما أم ستبتعد عنها، ربما أولاد ستطلب منهم مغادرة المنزل، ربما أخ أو أخت ستسوء أوضاعهم لو قمت برفع قضية على أحد أقرباء أزواجهم.

ستجد أن أكبر قيد يقيدك هم الأشخاص الذين تكترث لأمرهم. أنت تحملت مسؤلية أشخاص آخرين غير نفسك لذلك أنت تعاني من مشاكلك الشخصية ومشاكلهم أيضا. أنت تحولت إلى سبعة أو عشرة أشخاص في آن واحد. إكتسبت كل ضعفهم ولم تحصل على القوة أبدا. لأنك ترحمهم لا تريد أن تدافع عن نفسك لأن المستبد سيؤذيهم. تعيش حياتهم تماما وتتعرض إلى نفس الإضطهاد مع أنه ليس موجها لك مباشرة، أنت فقط تشاركهم الألم. هذا يحدث كثيرا في معظم العائلات. تنشأ شبكة تعاطف خصوصا بين أحد الوالدين وأبنائهم وبناتهم. ويتعرض جميع من في الشبكة للألم الموجه لأحد أفرادها.

إذا أردت أن تدرك حجم المعاناة التي تشتغل في رأسك دون أن تدري فقط خذ ورقة وقلم وإصنع التالي:

  1. إرسم خط يقسم الورقة بالطول من الأعلى إلى الأسفل.
  2. على يمين الورق أكتب كل الأشياء التي تريد القيام بها لكنك متردد.
  3. على يسار الورقة أكتب أسماء الأشخاص المهمين في حياتك - أمك، أبوك، أخوك، زوجتك، أولادك، إلخ...
  4. إرسم خط بين العمل والشخص الذي يشكل السبب الأكبر لعدم القيام به - لأنك لا تريده أن يتضرر
  5. عد الخطوط المتجهة نحو كل شخص لتكتشف أكبر مصدر لضعفك، ثم الذي يليه والذي يليه وهكذا.
  6. حدد نوع الرابط بينك وبين ذلك الشخص ( خوف عليه، تعاطف مع قضياه، شعور بالشفقة، خوف منه، مشاعر أخرى )
  7. خذ نفس عميق ثم قرر كيف ستتعامل مع الرابط الذي بينك وبينه.

على الأرجح وعندما تكتشف الشخص الذي يجرك نحو الأسفل، ستكتشف أنه شخص يرفض أن يدعم نفسه ويرفض أن يدافع عن كيانه أو يعمل أي شيء من أجل نفسه. هو فقط يشجعك على الخوف والخنوع والتراجع، بل لو لاحظت فسترى أنه مصدر رئيسي لمشاكلك اليومية. هو يريد تعاطفك، إنتباهك، وقتك، يتحدث إليك، يشتكي، يبكي، يفسد عليك خططك بضعفه، يثبطك، يفتح العيون عليك، يطلب منك التراجع عن خططك، يحملك مسؤلية الضرر الذي سيقع عليه، يبث فيك الخوف دائما، يؤخرك، يماطلك، يتردد، يتعب بسرعة، يستنزفك شر إستنزاف.

إنتبه، فقد يكون هناك أكثر من شخص، لأنها كما قلنا شبكة تعاطف. ستجد المتعاطفين الآخرين ينقلبون عليك تعاطفا مع الشخص الأول. هم يتعاطفون مع بعضهم بعضا كما كنت أنت تتعاطف معهم. كيف ستتخلص من هذة المشكلة؟ هذة هي مشكلتك. أنت بحاجة لأن تقول كفى، وهذا ما قد يتطلب قدرا لا بأس به من الشجاعة وأسلوب مؤثر لإدارة العلاقة والسيطرة على الحياة.

  • أفضل منصة تداول
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    شبكة التعاطف

    مدة القراءة: 3 دقائق

    تشعر بالضعف والوهن. تشعر وكأن هناك من يسحبك نحو القاع. كلما حاولت الإنتفاض من أجل نفسك وتحرير روحك من قبضة جلادها الخفي، تجد أنك بردت فجأة وتبلد إحساسك وتوقفت عن المحاولة. دائما هناك حديث داخلي يدور في رأسك. حديث غير مفهوم وغير واضح المعالم لكنه يقول لك « إنتبه - أنت على وشك القيام بشيء خاطىء في حق أحدهم، تراجع، تراجع، تراجع » الصوت الذي في رأسك لا يقول لك ولكنه يضغط على أكتافك لتجثو على ركبتيك في يأس.

    ربما تحاول أن تفهم فتبدأ بتحليل كل الأحداث والمواقف لكنك لا تصل إلى شيء. فكل شيء يبدو طبيعي جدا. كل شيء يبدو منطقي وفي محله. تصاب بالإحباط الشديد وتتسرب إلى قلبك قناعة أن هذة الحياة ليست عادلة وأن الله قد تركك وحيدا تعاني. من جانب أنت مطالب بالعمل والتقدم ومن جانب آخر لا تجد الدعم الإلهي الذي تسمع عنه منذ الصغر، رغم أنك إنسان صالح ومتوازن وتحاول أن تساعد الآخرين وتحسن إليهم وتحبهم وتقدرهم. ما بينك وبين الناس رائع فعلا، وما بينك وبين الله خالص صادق، ومع ذلك تشعر بالضعف وتشعر وكأن الحياة تسير ببطىء شديد. أنت تتألم، هذة هي الحقيقة.

    باي نتورك

    إذا واصلت مسيرتك بهذة الطريقة لن تصل أبدا وفي النهاية ربما توهم نفسك أنك من أصحاب الآخرة فتصبر وتحتسب ويستمر الألم. إنه الهروب الكبير من يقوم به أكثر الناس عندما يعجزون عن فهم الواقع والإعتراف بالحقيقة. الحقيقة أنهم مرتبطون ومتعلقون بشبكات تعاطف عائلية تستنزفهم شر إستنزاف. لا يستطيعون التحرك في أي إتجاه لأن أي حركة يقومون بها ستؤدي إلى إيذاء أحدهم. يريدون التحرك والتقدم دون أن يتأثر أحد في محيطهم. هذة الشبكة المعقدة من المشاعر والأفكار، هي ما يحد من فعالية ما تقوم به أنت أيضا. في كل مرة تريد أن تتقدم في حياتك ستكتشف أن تقدمك سيكون على حساب أحدهم. ربما أم ستبتعد عنها، ربما أولاد ستطلب منهم مغادرة المنزل، ربما أخ أو أخت ستسوء أوضاعهم لو قمت برفع قضية على أحد أقرباء أزواجهم.

    ستجد أن أكبر قيد يقيدك هم الأشخاص الذين تكترث لأمرهم. أنت تحملت مسؤلية أشخاص آخرين غير نفسك لذلك أنت تعاني من مشاكلك الشخصية ومشاكلهم أيضا. أنت تحولت إلى سبعة أو عشرة أشخاص في آن واحد. إكتسبت كل ضعفهم ولم تحصل على القوة أبدا. لأنك ترحمهم لا تريد أن تدافع عن نفسك لأن المستبد سيؤذيهم. تعيش حياتهم تماما وتتعرض إلى نفس الإضطهاد مع أنه ليس موجها لك مباشرة، أنت فقط تشاركهم الألم. هذا يحدث كثيرا في معظم العائلات. تنشأ شبكة تعاطف خصوصا بين أحد الوالدين وأبنائهم وبناتهم. ويتعرض جميع من في الشبكة للألم الموجه لأحد أفرادها.

    إذا أردت أن تدرك حجم المعاناة التي تشتغل في رأسك دون أن تدري فقط خذ ورقة وقلم وإصنع التالي:

    1. إرسم خط يقسم الورقة بالطول من الأعلى إلى الأسفل.
    2. على يمين الورق أكتب كل الأشياء التي تريد القيام بها لكنك متردد.
    3. على يسار الورقة أكتب أسماء الأشخاص المهمين في حياتك - أمك، أبوك، أخوك، زوجتك، أولادك، إلخ...
    4. إرسم خط بين العمل والشخص الذي يشكل السبب الأكبر لعدم القيام به - لأنك لا تريده أن يتضرر
    5. عد الخطوط المتجهة نحو كل شخص لتكتشف أكبر مصدر لضعفك، ثم الذي يليه والذي يليه وهكذا.
    6. حدد نوع الرابط بينك وبين ذلك الشخص ( خوف عليه، تعاطف مع قضياه، شعور بالشفقة، خوف منه، مشاعر أخرى )
    7. خذ نفس عميق ثم قرر كيف ستتعامل مع الرابط الذي بينك وبينه.

    على الأرجح وعندما تكتشف الشخص الذي يجرك نحو الأسفل، ستكتشف أنه شخص يرفض أن يدعم نفسه ويرفض أن يدافع عن كيانه أو يعمل أي شيء من أجل نفسه. هو فقط يشجعك على الخوف والخنوع والتراجع، بل لو لاحظت فسترى أنه مصدر رئيسي لمشاكلك اليومية. هو يريد تعاطفك، إنتباهك، وقتك، يتحدث إليك، يشتكي، يبكي، يفسد عليك خططك بضعفه، يثبطك، يفتح العيون عليك، يطلب منك التراجع عن خططك، يحملك مسؤلية الضرر الذي سيقع عليه، يبث فيك الخوف دائما، يؤخرك، يماطلك، يتردد، يتعب بسرعة، يستنزفك شر إستنزاف.

    إنتبه، فقد يكون هناك أكثر من شخص، لأنها كما قلنا شبكة تعاطف. ستجد المتعاطفين الآخرين ينقلبون عليك تعاطفا مع الشخص الأول. هم يتعاطفون مع بعضهم بعضا كما كنت أنت تتعاطف معهم. كيف ستتخلص من هذة المشكلة؟ هذة هي مشكلتك. أنت بحاجة لأن تقول كفى، وهذا ما قد يتطلب قدرا لا بأس به من الشجاعة وأسلوب مؤثر لإدارة العلاقة والسيطرة على الحياة.

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين