كشعوب إعتادت القمع بجميع أنواعه، صارت الحرية تزعجنا، لا نعرف كيف نتعامل معها. نضيع في متاهات من صنع عقولنا. نريد إرشادات مستمرة في كل خطوة حتى في الأمور البسيطة في الحياة. يجد معظم الناس صعوبة في تصور أن هناك مساحة للحركة وحرية في الإختيار وتحديد ما يناسبنا ويناسب ظروفنا، وهذا الذي يناسبنا قد يكون مختلفا عن الآخرين.
أحب أن أصور وضع الفكر العربي بمكن دعي على مأدبة غداء وقيل له « تفضل » فوقع في حيرة من أمره. هل تفضل تعني إجلس، أم أنها تعني تناول ما شئت؟ ستأتيه أفكار كثيرة. هل يأكل؟ هل هذا الطعام للضيوف المهمين فقط؟ هل آخذ الطعام وأجلس على الكراسي الجلدية الحمراء أو أتوجه لناحية الكراسي المخملية؟
هكذا معظم الناس في حياتهم اليومية. لا يجيدون إستخدام مساحات الحرية التي تمنح لهم. يبدأون بطرح أسئلة تقيدهم. يخافون من الخطأ، يخافون من الظهور بمظهر مختلف. بعد فترة من ذلك سيبدأون بتكوين قيود حول أنفسهم وسيخبرون الآخرين بها ولن يمضي وقت طويل حتى يكون قد تكون نظام كامل يقيدهم ويقيد من يأتي بعدهم. هكذا من لا شيء.
في المرات القادمة راقب نفسك وراقب الأسئلة التي تطرحها وقد تجد بأنك مبرمج مسبقا على تقييد نفسك بنفسك. أنظر الأسئلة التي تسألها في المواقف التي فيها خيارات مفتوحة أو لا تعطي تعليمات كثيرة وسترى بأنك أنت الذي يقيد حركتك.