مع وجود شبكات السوشال ميديا ، وتعددها ، وشدة المنافسة لإيجاد متابعين ومتفاعلين ، خاصة مع الذين لا يعرفونا في الواقع ، مما يطمئنا لقول ما نريد عن أنفسنا في هذا الفضاء .
الشكوى ، من أكثر المنشورات التي تجلب التفاعلات ، الشكوى من أي شيء ؛ ألم جسدي / نفسي / مشكلة مع أهل / عمل ... الخ ، هذه الشكوى تجعلك محل اهتمام حتى ممن لا تعرف في عالم شبكات التواصل ، الشكوى تستثير مشاعر وفضول الناس مثلما يستثيرها حادث في الشارع تتجمهر حوله و تصوره ، وتحلله ، وتنسج حوله القصص والحكايات ، وتجعله محتوى لها ، وإذ لم تتوقف ، فأقل تقدير ستتابعه من خلال المرايا ، هكذا هي الشكوى ، تكسب تعاطف كبير ، ويفزع الأغلبية لمساعدتك ولو بالدعاء لك ، هنا الشاكي بوعي منه أو عدم وعي يكون حقق رغبته وهي التعاطف والاهتمام ؛ الاهتمام الذي قد يكون مفقود في الواقع ، أو باهت وبارد .
وهذا الاهتمام يجعل الشاكي ينسجم مع الوضع ، فيزيد من عدد منشورات الشكوى ، والالم والحزن حتى وان كانت كاذبة ، فعقله قد يعطيه مبرر لهذا الكذب ، أو يصور له أنه فعلاً متألم وحزين لتكون الشكوى في نظره صادقة وحقيقية .
عندما تنشر شكوى لك مهما كانت صغيرة ، ويراها الناس ، سواء تفاعلوا معها أم لا ، سيترسخ في أذهان هؤلاء مشكلتك أو مشاكلك وستصبح جزء من شخصيتكم في وعيهم عنك ، وستتوالى عليك الأسئلة عنها ، كثرة الأسئلة رغم أن ظاهرة اطمئنان و مساعدها ومساندة ، وقد يكون هذا فعلاً ما يشعر به الناس تجاه مشكلتك ، ولكنها مشاعر منخفضة ، مشاعر التعاطف مشاعر هابطة جداً ، فتخيل عدد الأشخاص الذين يرسلون لك مشاعر منخفضة ( تعاطف ) حتى بدون أن يتواصلوا معك ؟! علاوة على أن أنتشار المشكلة ووصولها لأعداد من الناس تكثفها وتكرسها وتوسع مساحتها ( وهذه نقطة تحتاج حديث مستقل ) ، حتى طلب ( أدعولي أن الله ..... ) ينطبق عليها نفس الوضع كونها مشاعر منخفضة ، المؤسف ان هؤلاء لا يراقبون الوضع الذي يعيشونه ،وهل تحسن مع دعاء الناس وتعاطفهم معهم ؟! من شدة انسجامهم وانساقهم مع سلوكيات الأغلبية لا يروون ولا يقيسون أوضاع مشاعرهم وتفكيرهم وواقعهم .
حاول وتدرب أن تحافظ على شكواك داخل نفسك ، أو تضعها على ورق أو لأقرب المقربين على أن يتجاوز عددهم واحد أو أثنين ، والأهم تعلم على اكتشاف صحة شكواك .
أمل الحسين
إعلامية
مهتمة بالتنمية البشرية
متابعة للأستاذ عارف الدوسري