تحدثت في الجزء الأول عن الغيرة بشكل عام وعن مصدرها ونقيضها الحكمة. مهما تحدثنا عن تعريفات المشكلة فإنه لن يغني عن إيجاد الحل لتلك المشكلة. لحل أي مشكلة يجب علينا تصحيح بعض المفاهيم التي سنرتكز عليها للتعامل مع المشكلة. نبني القاعدة الصحيحة أولا وإلا فلن تنفع الكلمات وحدها.
هذا الجزء مخصص للواعين فقط وليس لأصحاب التفكير النمطي. الواعين الذين هم على إستعداد لخوض التجربة بوعي تام، متسامين فوق هرطقات الإيغو والسائد من كلام الناس وأقوالهم.
نبدأ برسم القاعدة.
١- كلنا نولد بشخصيات مختلة. ( بها خلل )
هذة هي حقيقة الأمر، الكل دون إستثناء يولد وهو يحمل في داخله عدة أمراض تؤثر على شخصيته ودوره في هذة الحياة هو البحث عن مواطن الخلل وإصلاحها في أسرع وقت ممكن وبأقل جهد وتكلفة.
الخلل يختلف من شخص إلى آخر ومن جنس إلى آخر، فإختلالات الذكور قد تختلف عن إختلالات الإناث لكنها في النهاية إختلالات يجب التخلص منها أثناء رحلة الحياة.
الغيرة هي أحد تلك الإختلالات في الشخصية أو في النفس. إذا من الحكمة التخلص منها لا خلق نظام إجتماعي يتعايش معها كما يفعل الناس الآن، مرة يجملونها ومرة يستهينون بتأثيرها ومرات يتجاهلونها وليس هناك أسوأ من تجميل القبيح عندما نقول شيئا من الغيرة لا بأس به.
٢- الهدف من السلوك الذي نقوم به
ما هو الهدف الذي ينوي الإنسان تحقيقه من خلال السلوك الذي يمارسه؟ نحن نتحدث عن الغيرة الان. ماذا تحقق الغيرة؟ أجزم بأن الهدف من الغيرة هو المحافظة على الحبيب أو حمايته من الإنجذاب لشخص آخر.
بما أن هذا هو الهدف من الغيرة فهل يمكن إستخدام أسلوب مختلف لتحقيق الغرض المنشود؟ الآن السؤال الذي أوجهه للمرأة. هل تريدين المحافظة على حبيبك وجذبه نحوك أم أنك فقط تستمتعين بمشاعر الغيرة؟ إن كانت مشاعر الغيرة ممتعة لك فلا أظن بأن بقية المقال ستهمك كثيرا لأنه لن يمنحك ذلك الشعور بالحنق الذي تحصلين عليه من الغيرة.
المــــــــوضـــــوع
يعاني الكثير من الناس من مرض الغيرة التي تحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق وقد تتحول مع مرور الوقت إلى شك قاتل يحطم العلاقة ويهدم البيوت ويبعثر الآمال ويستبدلها بالآلام. ما نريد الوصول إليه من خلال هذا المقال هو إيجاد حل يؤدي الغرض الذي كانت تؤديه الغيرة دون التعرض للأضرار الناتجة عنها. إذا هدفنا هو السعادة بدون الم. هل يبدو هدفا جيدا؟ نعم بكل تأكيد.
بما أننا عرفنا أن الغيرة مصدرها الإيغو وهو مصدر خبيث لا يأتي منه الخير أبدا فعلينا أن نجد مصدرا آخر أكثر نقاء من المصدر السيء. ليس أمامنا إلا المصدر المنافس والأقوى على الإطلاق وهو الحكمة. إذا هذة المرة سننهل من نهر الحكمة حتى نحقق ما نريد. من هنا ستكون الرحلة ممتعة ومشوقة.
الحكمة هي الحب والحب من عند الله. إذا فلنستثمر في الحب.
المرأة إن أرادت جذب رجل فإنها تهديه الحب، تستطيع المرأة بكل بساطة أن تقدم مشاعر الحب وهذة المشاعر لا يمكن أن يخطئها الرجل لأن ما جذبه للمرأة الأخرى ليس شكلها بقدر ما هي مشاعرها، إنها تمنح قدرا أكبر من الحب. هذا هو سرها الوحيد. ففي الوقت الذي تقدم فيه الحبيبة أو الزوجة مشاعر سيئة لمن تحب متمثلة بمشاعر الغيرة، تقوم منافستها بتقديم الحب، والكثير من الحب فما الذي يحدث؟ صح. ينجذب الرجل لمن تمنحه حبا أكبر. حبا غير مشروط ولو مؤقتا.
الحب الذي أعنيه هو الحب اللا مشروط. حب بلا مقابل وبدون توقعات وبدون إلتزامات من طرف الرجل. قوة الحب وحدها كفيلة بإبقاء أي رجل ضمن نطاقها ولن تضطر المرأة حينها اللجوء لإستخدام العنف ( الغيرة )
نضرب مثلا يفهمه الناس. الرجل الذي يذهب لبائعات الهوى على ماذا يحصل؟ يحصل على شيء واحد وهو لا شيء وهذا ما يحتاجه. لا شيء، لا إعتراضات، لا توقعات مسبقة، لا محاسبة على السلوك. مجرد علاقة إستمتاع. فبائعة الهوى لا تحاسب الرجل لأنه متزوج أو لأنه مارس الجنس مع عشر نساء أخريات، لا تعترض على شكله، لا يهمها إن كان يحبها أم لا.
ههههههههههه هذا نفسه ما تقدمه المرأة المحبة لحبيبها عادة قبل الزواج. طيبة، حب بلا شروط، وجوده معها منحة إلهية تحمد الله عليها ليل نهار، تشعر بالسعادة عندما تراه. هي تمنحه الحب الغير مشروط. قد تكون متفتحة فتخبره بأنه لا يعنيها ماضيه، تبادله الثقة.
بعد أن ينجذب الرجل للمرأة وتقع الفأس في الرأس هنا تنقلب المرأة فتتحول إلى مالكة للرجل فتتوقف عن الحب اللا مشروط لتستبدل مكانه الحب المشروط والمقيد بقيود. سبب تلك الشروط والقيود هو الخوف، الخوف من إبتعاد الحبيب.
إذا فلنقارن بين إمرأة تقدم طاقة الخوف السلبية وأخرى تقدم طاقة الحب الإيجابية فإلى من سينجذب الرجل؟ ماذا لو كانت الأخرى لا تقدم أي شيء، مجرد جسد؟ هذا أفضل من الطاقة السلبية التي تبثها الحبيبة المزعومة.
الحب والغيرة يقفان على النقيض فكيف نتوقع أن المشاعر السلبية ستؤدي إلى جذب الحبيب؟ لا يمكن وكل ما تقوم به المرأة عمليا هو منع الرجل بالقوة وهذا لا علاقة له بالحب أو السعادة. هو صراع، فهل هذا ما تريده المرأة؟ لا أعتقد.
إذا نعود لمقدمة الموضوع وبما أننا نعلم بأننا نولد بشخصيات مختلة وبأن لكل سلوك هدف معين فلماذا لا نصلح شخصياتنا بحيث تحقق الهدف المنشود من السلوك المختل بعد التخلص منه أو إستبداله؟
الحــــــــــــــــــــــل كما أراه
الحل الأنسب والأكثر قدرة على جلب سعادة حقيقية لكلا الطرفين هو بذل الحب بلا مقابل. عندما ينظر الرجل إلى إمرأة أخرى هو بكل بساطة يقول بأنك لا تقدمين له ما يكفي من الحب فالحل هو تقديم المزيد من الحب لا المزيد من الخوف. المزيد من الخوف سيجعله يهرب منك فهل هذا ما تريدينه؟
عندما تقترب إمرأة أخرى من حبيبك فإنها تتحداك ببذل حب أكبر وليس من الحكمة أن تسهلي لها مهمتها ببذل سلوك يؤدي لإبعاده عنك. على النقيض فإن عليك بذل حب أكبر، حب يخرج منك كشلالات وأنهار تجري لذلك الرجل بدون شروط وبدون تعنيف أو محاولة تعزيز مشاعر الإثم والذنب. فقط حب خالص مستمد من مصدر الحب والنور، الله.
بهذة الطريقة ستشعرين بالسعادة وفي نفس الوقت تجذبين الرجل بكل سهولة، هو سيشعر بذلك الحب، سيراك أجمل من قبل. سيرى السعادة في عينيك.
القـــرار الصعـــــــــب
عندما تبذلين الحب ولا يستجيب الرجل، هذا يعني بأنك لا تملكين مخزونا كافيا من الحب وأمامك خيارين إما أن تشتغلين بالغيرة أو تقررين قطع العلاقة.
بإختصار، الغيرة هي عدم القدرة على بذل الحب كماً أو نوعاً أو كلاهما.
الأسباب مختلفة فقد تكون خللا في الرجل أو في العلاقة منذ البداية في حالة الإجبار على الزواج مثلا.
النمط الإجتماعي
سيكون النمط الإجتماعي أكبر عائق يواجهه الإنسان عند قرار الإنفصال بالنسبة للمتزوجين. إجتماعيا غير مقبول، لكن العيش بتعاسة يعتبر أمرا محمودا إجتماعيا.
أنا هنا أتحدث عن السعادة الحقيقية وليس النظام الإجتماعي المعمول به في بلد من البلدان. إن كان النظام الإجتماعي أهم من السعادة فهذا إختيار أحترمه أيضا لكن على صاحبه أن لا يتوقع بأنه سيحرز تقدما نحو السعادة. سيتعايش فقط. يعني سيعيش نصف حياة.
بكل تأكيد هناك عوامل أخرى تؤدي لنفور أحد الشريكين لكن أكثرها تأثيرا وألما هو الغيرة.