من الخدع الكبيرة التي تمر على الإنسان الباحث و العالم أنه يزداد قصوة و يقل حلمه و سلامه و قد يصل به الحال أن يجرم في حق البشر.
قد يسأل شخص و يقول : "كيف ذلك؟ هذا كلام غير صحيح؟"
الكلام صحيح و لكن غير كامل.
ضرب الله لنا مثل إبليس، إبليس درجة علمه أكبر من أي مخلوق آخر فهو يعلم كل شيء ... و لكن غروره جعله يستخدم علمه في إغواء الناس و تشتيتهم و خداعهم و تدميرهم.
و هذا ما أعنيه ... فالباحث و العالم المغرور هو نوع من أنواع الفساد في هذه الأرض.
هدف المعلومات هو جعل الإنسان قادر على تحمل أحداث الحياة و التعامل معها بشكل سليم لا يضره و لا يضر الآخرين.
المشكل هو عندما نتعلّم و نريد أن يصبح هذا العلم جزء من عقول الناس و حياتهم ... هذا هو الغرور ... لماذا تريد أن يعرف الناس ما تعرفه أنت؟ الناس إن أرادوا معرفة أي شيء سيعرفونه فلا داعي أن تكون وصي على حياة البشر.
دور الوصي القائم على فكر الناس و مشاعرهم و حركتهم سيخدم مصلحة عكسية ستضرك أنت و ستضر غيرك ... فحتى علمك لن ينفعك في هذه المواقف.
أن تكون عالم شديد و قوي هذا جيد و لكن ليس دائما، استخدم صفة القوة و الشدة مع الشخص الذي يتجاوز حدوده معك ... غير هذا فشدتك و قوتك لا نريدها.
إن كنت عالم عليك أن تعلم أنك قبل هذا كنت جاهل.
إن كنت مؤمن عليك أن تعلم أنك قبل هذا كنت خائفا و مرتابا.
إن كنت حكيما عليك أن تعلم أنك قبل هذا كنت عشوائيا.
فلماذا غرّك ما وصلت إليه و بدأت تشعر بالتهديد من الناس التي لم تصل لما وصلت له؟ ... أنت كذلك لولا الله لما وصلت لما وصلت له ... لهذا اسمح لله أن يهدي الناس لما وصلت له دون أن تلعب دور الوصي و الشفيع ... لأن الشفيع و الوكيل هو الله.
فعلمك و إيمانك و حكمتك قد يكونوا سببا في هلاكك ... لهذا توازن مع نفسك و اعلم أن كل شيء جميل هو في الأصل نابع من الله و ليس من نفسك ... تغلّب على إحساسك المفرط بذاتك و ستصبح بإذن الله مؤهل داخليا و خارجيا لنفع الناس بعلمك و إيمانك و حكمتك.
✔ يقول الله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ كَذَٰلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"
✔ يقول الله : "يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ"