والضوءُ طفلٌ يمرح في وجهكِ ..
ووحدكِ تعرفين كيف تُمَرّرُ الضحكة من ثقوب الروحْ !
نهاري يتفيّأ تحت ظلّكِ وليلي يجلس بخشوعٍ تحت قدميْكِ .
وكم يصبح وجهي جميلاً حين يسيلُ الكلام عسلاً من عينيكِ.
أتنفس بكِ ..
فرئتي بعضُ أنفاسكِ ومن دونها يخنقني الهواءْ !
وعينايَ تصبحان فائضتين عن الحاجة حين لا أراكِ.
وأذكُــــرُ..
كيف كنتِ تحيكين من سنابل الحلم قميصًا على مقاسي ومن ضلوعك تصنعين أوتارا كي أرقص على أنغام الحياة.
أذكر أيامًا كنتِ ترصّين فيها القلق على جنبات الطريقِ .
وليالٍ كنتِ تُعِيرِينَنِي فيها عيناكِ !
وكم انكسرتُ كقصبة النايِ فلملَمْتِ بقايايَ بكلتا يديكِ وقلّمتِ هفواتي بالصبر.
ثم كبرتُ ..
كبرت حتى أصبح عمري شراعاً للريح .. لكنكِ ما خذلتِني قطّ !
كنتِ لي وما زلتِ أجمل من حدائق بابل المعلقة وأغلى من تاج محلّ .. ووجهك وحده يُرى بالعين المجردة من علوّ القمرْ.
فأنت الجهة التي تشرق منها شمسي..
وأنت إيماني بكلّ معجزات ربّي !
لكني أحتاج الآن للبكاء كي أبلّل خدود الصبح باشتياقي، ففي بُعدكِ .. لستُ يتيمة فقط بلْ أنا مأوى للأيتام!
أدور .. وأدور كناعور بلا صوت تتعقّبُني الحقائب والأرض تمشي من فوقي !
أنا هنا حيث أتجمّر بثلج القممْ ، حيث اندَلَقَ العمر بالكامل على وجهي ..
وحيث البكاء يلطخ جدران البيت والضحكة إثم لا يغتفر.
أنا هنا ، حيث أحتضن غيابك كل ليلة .. ثمّ أنام ..
فالطيور من فصيلتي -تلك المهيضة الجناح- تبني أعشاشها على غصن الريح.
ولست أحتاج اليوم إلاّ لرائحة قهوتكِ .. لِيشرقَ نهاري ،
أحتاجُ لماءِ وضوئك كي أغتسلَ من إثم غربتي،
ولعينيكِ كيْ أستعيدني من عمق البكاءْ.
أرتّل إسمكِ المقدس فتسري قشعريرة الشوق في أوصالي ..
فدثريني يا أمي ، واقرئي عليّ ما تيسّر من دِفء عينيكِ !
( إلى أمي )
ياسمينة حسيبي