تذهل أحياناً كثيرة من جهل فئة من الناس و طريقة تعاطيهم للأحداث في حياتهم وتفاعلهم معها و عندما تبحث عنهم تجدهم بسطاء في العلم و الوعي خاصة بكبار السن الذين ظلموا أنفسهم و لم يتعلموا و لم يطوروا أنفسهم .. هنا اعتدنا على رؤية هذا النوع من الناس و لكن الذهول الأكبر من الذين تعلموا و اجتازوا مراحل و درجات عليا من التعليم و تجد جهلهم يفوق جهل غير المتعلمين وعلمهم لم يؤثر فيهم شيئا ً .. بل و قد تجد غير متعلمين بوعي اكبر من وعي هؤلاء الذين اشتروا العلم بالمال و ما كانوا بمتعلمين و لا واعيين و لا يميزون بين الوعي و المعرفة و جمع المعلومات الذي يسعون إليه نقلا دون تفكر فقط ليتباهوا بمعرفتهم الهشة التي لا تنعكس على حياتهم في شيء يذكر أو يقتدى به . فتصبح الشهادة و جمع المعلومات مخدراً فعالا للدماغ تحجب عنه الوعي بما جمع و بما درس ليصبح مفتونا بنفسه دون نتائج ظاهرة و لا أثر على نفسه أو مجتمعه يرى و يلاحظ ..فما كان التعليم إلا احد طرق الحصول على مناصب و ظائف .لا لذات العلم بل للورقة الذي تمنح لتكون تذكرة لوظيفة ما في مكان ما .
المعرفة هي معلومات خاصة في مجال معين أو عدة مجالات تجمع عن طريق النقل و الحفظ ليعاد نقلها و تلقينها للآخرين و تتداول في الأحاديث العابرة التي لا تسمن و لا تغني من جوع . فكثر من الناس عارفين .. ففي الصحة تجد معلوماتهم أكثر من الاطباء و بنفس الوقت تجدهم مرضى معلولين . و في الزواج تجدهم خبراء وحياتهم بائسة لا طعم لها ولا لون ..وفي الدين علماء و لم ينفعهم دينهم من شيء .. اما عند الحوار فتجدهم خطباء عارفين متفوقين في الظهور والدرجات .
وهؤلاء جامعي المعلومات لم يعوا ان حجم المعرفة لديهم التي لم يوظفوها ويؤيفوها في حياتهم تصبح لعنة عليهم وتفسد في الدماغ كفساد الطعام الذي يسمم من يتناوله .
فالمعلومة التي تصل إليك ما وصلت لك الا لتعيش ويكتب لها الحياة فيك و حياتها في تطبيقها وعملها معك و انعكاسها في عالمك بما به نفع لك وتطوير . فهي إن لم تكن كذلك تصبخ كالمخدرات تعطيك السعادة والنشوة بها فترة محدودة من الزمن حتى يبدأ فعله العكسي بالتعاسة والألم .. فالمعلومة إما تصبح حية بتطبيقها و تفعيلها و اما تصبح كالمخدر في حياتك كنتيجة طبيعية لطاقة تمت إضافتها للدماغ و الجسد و أصبحت زائدة لانها لم تفعل وتستخدم لمصلحة الشخص .
* ناقل المعرفة يصبح كهؤلاء في الصورة ..مبرمجين ولا حول ولاقوة لهم ولا إرادة لهم على ما يعرفونه .
أما الوعي فهو شيء آخر تماما لا علاقة له بتعليم أو شهادات أو معلومات مخدرة فقط لتضيف النشوة لصاحبها و ترفع الإيجو لديه بأنه عارف متعلم متظاهر .. بل هو حالة عميقة من الإدراك من ظاهر الأمور و الأحداث الى باطنها و عمقها .الوعي عملية توظيف للمعلومات بسطحيتها و عمقها و إخطاعها للتجربة والبرهان والتحليل للصواب والخطأ لترى بعد ذلك في الحياة والنور من خلال استخدامها وتوظيفها بما يتناسب مع كل شخص على حدة و حسب أفكاره وقدراته و رغباته و طموحاته و أخطائه و عيوبه و التعامل مع كل ذلك بإدراك ةتحليل و احاطة بقدر الاستطاعة للتطوير و التحسين المستمر للأفضل و الذي يظهر على حياة الشخص و إنجازاته و تقدمه نحو ما يريد بحب و سلام و قوة ..
فنهم المعرفة يكون حسنا عندما تتوقف عملية النقل فيه وتبدأ عملية تحليله و تدبره ومن ثم توظيفه لمصلحتك وخدمة حياتك اما أن استمرت في اطار النقل للتباهي فتصبح مخدرات مشرعة بظاهرها و قاتلة بباطنها ..فحاول أن تحيي المعلومة التي تصلك لترى النور فيك ثم لترى انت خير هذه المعلومات . كن عارفا واعياً و ليس عارفاً جاهلاً ..
عيشها صح
غادة حمد