إقترب كثيراً لكن لا تلمس

»  إقترب كثيراً لكن لا تلمس
شكرا لزيارتك! المحتوى متوفر بعد تسجيل الدخول
تسجيل جديد
مدة القراءة: 3 دقائق

علاقات البشر معقدة جدا وللوهلة الأولى غير مفهومة. نقترب نتألم، نبتعد نتألم، نضع قوانين صارمة نتألم. ما الحل في هذا الوضع المتأزم؟ كيف نخرج من عنق الزجاجة؟ نحن بطبيعتنا وبطبيعة الحياة التي نعيشها نقترب كثيرا وهذا يسبب لنا الألم. البعض يتدخل في حياتنا وهناك من نتدخل نحن في حياته، البعض يحاول إمتلاكنا وهناك من نحاول نحن إمتلاكه. هل يا ترى هناك خلل في الخلق؟ هل أخطأ الله في خلقنا بهذة الصورة؟

كمسلمين نحن معتادين على إتهام الله بأشياء ليست فيه. ( لا تستنفر يا صديقي فمازال الوقت مبكرا ههههههههه ) نحن معتادون على إتهام الله بأشياء كثيرة عندما نخفق في فهم الحياة، فنتهمه بالغضب مثلا. نقول بأن الله يعاقبنا لأنه غاضب علينا، بينما في الحقيقة نحن نكون قد وضعنا أنفسنا تحت قانون من قوانين الطبيعة ( قوانين الله في الطبيعة ) بطريقة خاطئة فيطبق علينا القانون بحذافيره دون محاباة. أي أننا نقوم بأفعال معاكسة للقوانين الكونية فلا تعمل الحياة كما نتوقعها، ثم نتهم الله بأنه غاضب علينا. هكذا نحن نعتقد. إذًا لنستبعد غضب الله مؤقتا ولننظر للقوانين الطبيعية لنرى أين الخلل.

capacitorsلنأخذ أحد القطع الإلكترونية التي خلقها البشر وفق القوانين الإلهية والتي أثبتت أنها مفيدة جدا. هذة القطعة هي ( المكثف الكهربائي ). مثل هذة القطعة نراها في جميع الأجهزة الكهربائية بلا إستثناء وهي تقوم بتكثيف الطاقة بشكل فعال. من أصغر الأجهزة وأبسطها إلى أكبرها وأكثرها تعقيدا، دائما هناك مكثفات وهي دائما تعمل بإعتمادية تامة.

تعمل المكثفات ضمن مبدأ الإقتراب دون تلامس، فهي في داخلها تحتوي على صفيحتين معدنيتين إحداها موصولة بالقطب السالب والأخرى موصولة بالقطب الموجب لمصدر الطاقة في الدائرة الكهربائية وهاتان الصفيحتان قريبتان من بعضهما بعضا بدرجة كبيرة جدا لكنهما لا تتلامسان أبدا. هذا الإقتراب الشديد يؤدي إلى تكثيف الطاقة في الصفيحتين، ولا يحدث الخلل إلا عندما تتلامسان إما لتعرضهما لتيار كهربائي عالي أو لتآكل المادة العازلة بينهما.

المكثفات تعمل ضمن قانون طبيعي للإقتراب بين الأقطاب المختلفة الشحنة. هذا القانون هو نفسه ما يحدد علاقات البشر للإقتراب فيما بينهم. فنحن نقترب كثيرا وبدرجات متفاوتة ولكن لا يجب أن نتلامس. هذا الإقتراب دون تلامس يؤدي إلى زيادة الطاقة. إنها طاقة الحب، طاقة التفاهم، طاقة الإنسجام، طاقة العطاء، طاقة العمل والإنتاج. نحن بحاجة لأن نقترب لكن دون تلامس، دون تداخل فيما بيننا فيبقى كل منا محافظا على شخصيته وكيانه وقراراته وحريته دون أن يعتدي أو يعتدى عليه.

إقترب من الناس لتصبح أقوى وأجمل وأكثر إنتاجا وأكثر فاعلية لكن تلامسهم بالإعتداء على حرياتهم والتدخل في خصوصياتهم وأيضا لا تسمح لهم بالإعتداء عليك وعلى حريتك وخصوصيتك. بهذة الطريقة فقط أنت تتبع القوانين الكونية التي تنظم علاقات المخلوقات بعضها بعضا. معظم مشاكلنا تنبع إما من الإقتراب حد التلامس أو الإبتعاد حد فقد التأثير. لا تبتعد كثيرا ولا تلامس الآخرين ولكن إقترب وإرسم حدود لنفسك وللآخرين. هذا الإقتراب هو ما يصنع الحياة ويحركها، وهو ما يجعل المجتمعات البشرية إما منتجة أو فاشلة. في المجتمعات الناجحة ترى الناس تقترب لكنها لا تعتدي على حريات الآخرين أو قراراتهم. إنهم يقتربون ليمنحون الآخر القوة والدعم دون إنتظار مردود ودون فرض آراء ومعتقدات.

العلاقات الأسرية تخضع لنفس القانون. قانون الإقتراب دون تلامس. الإقتراب من أجل كثيف مشاعر الحب والألفة. الإقتراب من أجل الدعم وجعل الحياة أسهل. الزوج وزوجته، والصديق وصديقه، والأخ وأخيه، والأخت وأختها، والشريك وشريكه. الكل يقترب دون أن يلمس، دون أن يعتدي على روح الآخر ودون أن يقيد حركة الآخر أو يتقيد هو بحركته. العلاقات الإنسانية السليمة تقوم على فن الإقتراب دون تلامس.

  • أفضل منصة تداول
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    إقترب كثيراً لكن لا تلمس

    مدة القراءة: 3 دقائق

    علاقات البشر معقدة جدا وللوهلة الأولى غير مفهومة. نقترب نتألم، نبتعد نتألم، نضع قوانين صارمة نتألم. ما الحل في هذا الوضع المتأزم؟ كيف نخرج من عنق الزجاجة؟ نحن بطبيعتنا وبطبيعة الحياة التي نعيشها نقترب كثيرا وهذا يسبب لنا الألم. البعض يتدخل في حياتنا وهناك من نتدخل نحن في حياته، البعض يحاول إمتلاكنا وهناك من نحاول نحن إمتلاكه. هل يا ترى هناك خلل في الخلق؟ هل أخطأ الله في خلقنا بهذة الصورة؟

    كمسلمين نحن معتادين على إتهام الله بأشياء ليست فيه. ( لا تستنفر يا صديقي فمازال الوقت مبكرا ههههههههه ) نحن معتادون على إتهام الله بأشياء كثيرة عندما نخفق في فهم الحياة، فنتهمه بالغضب مثلا. نقول بأن الله يعاقبنا لأنه غاضب علينا، بينما في الحقيقة نحن نكون قد وضعنا أنفسنا تحت قانون من قوانين الطبيعة ( قوانين الله في الطبيعة ) بطريقة خاطئة فيطبق علينا القانون بحذافيره دون محاباة. أي أننا نقوم بأفعال معاكسة للقوانين الكونية فلا تعمل الحياة كما نتوقعها، ثم نتهم الله بأنه غاضب علينا. هكذا نحن نعتقد. إذًا لنستبعد غضب الله مؤقتا ولننظر للقوانين الطبيعية لنرى أين الخلل.

    capacitorsلنأخذ أحد القطع الإلكترونية التي خلقها البشر وفق القوانين الإلهية والتي أثبتت أنها مفيدة جدا. هذة القطعة هي ( المكثف الكهربائي ). مثل هذة القطعة نراها في جميع الأجهزة الكهربائية بلا إستثناء وهي تقوم بتكثيف الطاقة بشكل فعال. من أصغر الأجهزة وأبسطها إلى أكبرها وأكثرها تعقيدا، دائما هناك مكثفات وهي دائما تعمل بإعتمادية تامة.

    تعمل المكثفات ضمن مبدأ الإقتراب دون تلامس، فهي في داخلها تحتوي على صفيحتين معدنيتين إحداها موصولة بالقطب السالب والأخرى موصولة بالقطب الموجب لمصدر الطاقة في الدائرة الكهربائية وهاتان الصفيحتان قريبتان من بعضهما بعضا بدرجة كبيرة جدا لكنهما لا تتلامسان أبدا. هذا الإقتراب الشديد يؤدي إلى تكثيف الطاقة في الصفيحتين، ولا يحدث الخلل إلا عندما تتلامسان إما لتعرضهما لتيار كهربائي عالي أو لتآكل المادة العازلة بينهما.

    المكثفات تعمل ضمن قانون طبيعي للإقتراب بين الأقطاب المختلفة الشحنة. هذا القانون هو نفسه ما يحدد علاقات البشر للإقتراب فيما بينهم. فنحن نقترب كثيرا وبدرجات متفاوتة ولكن لا يجب أن نتلامس. هذا الإقتراب دون تلامس يؤدي إلى زيادة الطاقة. إنها طاقة الحب، طاقة التفاهم، طاقة الإنسجام، طاقة العطاء، طاقة العمل والإنتاج. نحن بحاجة لأن نقترب لكن دون تلامس، دون تداخل فيما بيننا فيبقى كل منا محافظا على شخصيته وكيانه وقراراته وحريته دون أن يعتدي أو يعتدى عليه.

    إقترب من الناس لتصبح أقوى وأجمل وأكثر إنتاجا وأكثر فاعلية لكن تلامسهم بالإعتداء على حرياتهم والتدخل في خصوصياتهم وأيضا لا تسمح لهم بالإعتداء عليك وعلى حريتك وخصوصيتك. بهذة الطريقة فقط أنت تتبع القوانين الكونية التي تنظم علاقات المخلوقات بعضها بعضا. معظم مشاكلنا تنبع إما من الإقتراب حد التلامس أو الإبتعاد حد فقد التأثير. لا تبتعد كثيرا ولا تلامس الآخرين ولكن إقترب وإرسم حدود لنفسك وللآخرين. هذا الإقتراب هو ما يصنع الحياة ويحركها، وهو ما يجعل المجتمعات البشرية إما منتجة أو فاشلة. في المجتمعات الناجحة ترى الناس تقترب لكنها لا تعتدي على حريات الآخرين أو قراراتهم. إنهم يقتربون ليمنحون الآخر القوة والدعم دون إنتظار مردود ودون فرض آراء ومعتقدات.

    العلاقات الأسرية تخضع لنفس القانون. قانون الإقتراب دون تلامس. الإقتراب من أجل كثيف مشاعر الحب والألفة. الإقتراب من أجل الدعم وجعل الحياة أسهل. الزوج وزوجته، والصديق وصديقه، والأخ وأخيه، والأخت وأختها، والشريك وشريكه. الكل يقترب دون أن يلمس، دون أن يعتدي على روح الآخر ودون أن يقيد حركة الآخر أو يتقيد هو بحركته. العلاقات الإنسانية السليمة تقوم على فن الإقتراب دون تلامس.

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين