المسلسلات والأفلام الكوميدية رغم أهميتها إلا أنها في الحقيقة لا تحرك ساكنا. هي ربما تسعد الناس، ترفه عنهم، تجعلهم يضحكون على مصيبتهم، لكنها لا تعالج أي قضية. والدليل على ذلك هو الكم الهائل من المسلسلات والأفلام الكوميدية التي لم تغير شيئا ولن تغير شيئا في المستقبل. السبب بسيط جدا، عندما نضحك فإننا لا نأخذ العبرة. على العكس تماما، عندما نريد أن ننسى مشاكلنا فإننا نضحك عليها وعلى أنفسنا وعلى كل الأحداث. هذة آلية بسيطة إستخدمها البشر للسخرية من أوضاعهم بقصد تخفيف الضغط ليستمروا في حياتهم.
وعلى هذا الأساس لا يمكن إستخدام الكوميديا لحل المشاكل الإجتماعي، ذلك أن دور الكوميديا مختلف. فدورها هو لفت الأنظار بطريقة لطيفة وغير مزعجة لأننا نستطيع من خلال الكوميديا أن نقول أوقح الكلام أو أصرحه ولن يشعر المشاهد بالإهانة لأن الضحك يجعل الإنسان أكثر تقبلا للنقد. لدينا مثل، يقول « مزاح وطعن رماح » وهذا راجع إلى حقيقة أننا نستطيع أن نقول الفواجع لكن لأنها ممزوجة بالضحك لا يمكن إكتشافها أو على الأقل الشعور بها يكون متدنيا.
الكوميديا ليست الحل وإنما الدراما. الدراما هي جوهر الحياة. كل ما يقوم به البشر من أعمال يقع ضمن الدراما. البشر يتأثرون بالدراما. الكل يريد أن يخلق دراما في حياة الآخرين لأن تأثيرها فعال جدا. الأم التي تثير الهيستيريا لأن ولدها دخل تخصص غير الذي تحلم هي به، الأب الذي يمثل الشعور بالعار وبخيبة الأمل لأن إبنه إضطره لدخول مركز الشرطة لأول مرة في حياته، وكذلك الشاب الذي يبكي على عدم توفر الدعم الحكومي لمواهبه الهزيلة، كلهم يستخدمون الدراما للتأثير على الآخرين، وعادة ينجحون نجاح باهر. إنها الدراما فقط.
لا يمكن حل المشاكل الجادة بإستخدام الضحك، هذا هو كل شيء. الكوميديا من جانب آخر لها دور فعال إن تم توظيفها لخدمة الدراما وهذا من خلال إستراتيجية كاملة مدروسة بعناية لتحقيق أهداف بعينها. الدراما، الكوميديا، الرياضة، الغناء الفنون والآداب، كلها تعمل متكاتفة من أجل تحريك المجتمع من نقطة إلى أخرى. هذة قوة جبارة لكنها غير ناضجة في العالم العربي. مازلنا نفكر بطريقة بدائية من هذة الناحية.
والآن شاهد الدراما، هذا ما تحتاجه.
هذا المقال سيكون من ضمن سلسلة مقالات سأنشرها حول التأثير الإعلامي. أعتقد بأنني تحدثت في الوعي بما يكفي. أصبح الموضوع مملا بالنسبة لي ( أنظر؟ أنا أخلق دراما )