أعينهم مركزة عليك ، بالكاد يمسكون أفواههم عن سيل النصائح الخانقة ، تسبب لهم التوتر لأنك تخالف انظمتهم التي لا علاقة لها بالعيش الكريم و يتغلغلون تحت جلدك و يقررون العيش هناك حتى تقوم بطردهم فيطلقون عليك اسوأ الألقاب
إنهم الآلهة تمشي على الأرض
اتحدث عن المجتمعات التي يغلب عليها مراقبة الغير و الحكم عليه قبل أن ينظر الفرد لنفسه و يبدأ بتفنيدها و إصلاحها
حب للانتقاد متى أتيحت لهم الفرصة و عدم تقبل للاختلاف ، الاختلاف الديني أو العرقي أو في الآراء حتى
أنت مختلف إذن أنت أقل مني إذن أنت مرفوض
للأسف هذا ناتج عن البرمجة باسم الدين و الأخلاق ( لا علاقة لها طبعا بهذا او ذاك) و التي تشغلك عن رؤية الناس كما هم ، بشر مثلك مثلهم يعيشون حياتهم يخطئون و يصيبون و لا يحق لك أن تحكم عليهم بأي صورة لا على مظاهرهم الخارجية و لا افكارهم و لا طريقة عيشهم و لا توجهاتهم
تكمن الخطورة في هذا السلوك أن يبدأ صاحبه في العيش في فقاعته التي تعكس له الصورة المثالية عن حياته فيظل يعتقد أنه أفضل من الآخرين و يحق له أن يقوم الناس و يبدأ في استخدام كل الطرق الإنسانية و اللا إنسانية لفرض هذه القيم على من حوله و من يعترض فهو مرفوض أو ضال في طريق الرشاد و يضع على عاتقه مهمة إصلاحه في ثقل على نفسه و من حوله
و ينسى أن الرقيب يراه في كل لحظة و يرى كل الاعيبه من أجل السيطرة على الآخرين بغرض اصلاحهم
تجدهم دائما يستخدمون نص الحديث (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) لأن البرمجة التي استقوها من المجتمع بأن هذا النص يعني أنني مسؤول عن إصلاح الجميع و يجب ان أتدخل في كل صغيرة و كبيرة في حياتهم حتى اصلحهم و للأسف لا يفهم معنى الكلام الذي يردده
الكل يلعب دور الرب
الرقيب
و ينسى نفسه المليئة بالعيوب و الثقوب ، هم عادة أكثر الأشخاص الذين لا يتغيرون و لا يصلحون ما في أنفسهم و كلما زادت أعدادهم كلما ازدادت أعداد الموتى فالميت يتوقف عن التغيير و الإصلاح و النتيجة شعوب مليئة بالعيوب و لا تتغير
تتكلم و تتكلم و يحبط بعضهم بعضا فلا يتجدد الأمل و لا يتغير الفكر و يظل الحال على ما هو عليه فضلا عن حالة الندب و الأسف على حالهم و أنهم أقل من غيرهم من الشعوب الأخرى و تبدأ المقارنات
و الذي لا يرضى لنفسه ذلك ينتهي بأن يخرج نفسه من حولهم ليحيط نفسه بمجتمعات فاعلة تدعم التطوير من كل الجوانب
الحل دائما يكون فردي و هو أن يفهم الإنسان أن سلطته للإصلاح تتوقف عند حدود نفسه ، انت مسؤول فقط عن إصلاح نفسك ، انت لست الرقيب و لا يمكنك منع الحروب و لا هداية كل البشر إلى دينك و لا يمكنك إصلاح المساجين و لا منع القتل و لا الجوع و لا تستطيع إيقاف جميع الظالمين و لكن تستطيع أن تعفي الناس من ظلمك لهم
أنت لست الرقيب
هنالك رقيب في السماء أكبر منك و هو محيط بكل شئ فمن انت لتحكم على الآخرين و انت لا تطلع على ما في أنفسهم و لا تعرف خفاياهم و لا علم لك باحوالهم
و لكن انت رقيب على نفسك أولا و أخيرا و لا يحق لإنسان ان يأخذ هذا الدور نيابة عنك مثلما لا يحق لك أن تقوم به تجاه الغير
الشعوب التي تقدمت و تطورت هي الشعوب التي تغاضت عن السفاسف و ركزت على ما بإمكانها تغييره و إصلاحه بدءا بأنفسهم ثم بمحيطهم ، فيلتف الناس من حولهم عندما يلمسون التغيير و ينتابهم الفضول حول السر وراء التحسن المستمر فيقدم صاحب التجربة نصائحه و خدماته في الإطار المناسب و يوظفون طاقاتهم في خلق عالم أفضل لأنهم لو كانوا منشغلين بعيوب غيرهم لما رأوا هذه الإمكانيات بداخلهم و هم لا يعيشون بعضهم بعضا في خوف
فنص الحديث (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) مفهوم واضح لو توقف الناس لبضع دقائق و بدأوا في التفكير فيه
الرعاية
أنت لست رقيبا على الناس لكن بإمكانك رعاية من حولك من خلال تحملك المسؤولية تجاههم ومن خلال القيام بدورك على أكمل وجه تجاههم فلا أحد يتعدى على حدود الآخر و كل يقدم رعايته
عندما يركز الإنسان على إصلاح نفسه و رعاية من حوله و يترك الأحكام خلفه يكتشف أنه كان يضيع وقتا كثيرا سيسئل يوما عنه أمام الرقيب الحقيقي
فمن نحن لنحكم