لا تتحمل مسؤلية ما لا أنت مسؤل عنه
إن كنت من المهتمين بالقيم العليا والمبادىء السامية فأنت على الأرجح تتحمل مسؤليات ليست من ضمن إختصاصك. تعتقد بأنك مسؤل عن تحسين أوضاع الآخرين وتذهب في رحلة إستنزاف ذاتي بلا فائدة ترجى. قد تشعر بالذنب لأنك لم تساعد هذا أو لم تساعد ذاك. ترى أن الناس بحاجة لمساعدتك ومساندتك لهم. هذة الحالة قد تكون ناتجة عن تعودك على تحمل المسؤلية منذ نعومة أظفارك كأن تكون الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى، أو بسبب وفاة معيل الأسرة وتحملك مسؤلياته.
هذا الشعور لو أضفنا إليه مزيج القيم العليا والمثالية الزائدة عن الحد فهنا ستقع أنت ضحية تحمل مسؤليات كبرى ليست من مسؤلياتك وستمد مظلة الحماية لتشمل كل المحيطين بك سواء في البيت أو في الشارع أو في مكان العمل وقد تتوهم أنك مسؤل عن الأمة أو البشرية جمعاء. في مجال العمل قد تلجأ إلى تعويض كل الناس الذين يتعاملون معك وتتحمل مسؤلية أي خطأ يقع وكأنك تريد أن تقول لهم أن خسائركم أنا أسدها عنكم. لا تقلقوا أنا مسؤل عن كل الأحداث التي تقع لكم بسبب تعاملكم معي. أنت في الحقيقة تقحم نفسك فيما لا يعنيك. كل ما يتعرض له البشر هو بسبب إختياراتهم وليس بسببك أنت. عندما قرروا التعامل معك هم قرروا بكامل إرادتهم لذلك يتحملون الجزء الخاص بهم من المسؤلية.
عندما تتحمل مسؤلية الفقراء والمعدمين والفاشلين والمحتاجين والمحطمين أنت في الواقع تحاول تمثيل دور الإله بالنسبة لهم. الله خلقهم وهو يعلم تماما الظروف التي يمرون بها والعقبات التي يجب عليهم تخطيها حتى تنمو أرواحهم، لكن هذا لا يعجبك فأنت تريد أن تلعب دور الله في حياة الناس. تريد أن ترزقهم وتطعمهم وتسقيهم وتخفف عنهم آلامهم. لا تعلم أن الفقير، فقير لأن هذا ما يحتاجه وأن الذي يتألم هو يتألم لأن هذة مسيرته في الحياة وعليه أن يجد الحلول لمشاكله لا أن تجدها أنت عنه. أكثر ما تستطيع القيام به نحوه هو أن تسمح له أن يتألم دون أن تحكم عليه أو تحتقره أو تعتدي عليه. عندما تربط مصيرك بمصير الناس فأنت تقع تحت طائلة الظروف التي تصيبهم.
دورك الحقيقي ليس سد حاجات الناس لأن هذا هو دور الله ولكن دورك هو تقديم النصح والمشورة لمن يحتاجها وهو جاد في سعيه حتى لا تتحول إلى مصدر للتنفيس والفضفضة. لا تتحمل مسؤليات ليست من مسؤلياتك ولا تحاول تمثيل دور الإله لأن هذا سيرهقك ويؤخر تقدمك ولن تنفعك قدراتك التي إكتسبتها لأنك ربطتها بمن هم في مرحلة وعي أقل منك. أنت فقط إنطلق في طريقك ولا تنظر خلفك وإن صادفت من تستطيع دعمه فإفعل ولكن لا تعقد معاهدة بينك وبين نفسك أن تتبنى قضيته بالنيابة عن الله. أترك الخلق للخالق في كل شيء فلا أنت تلومهم وتعيب عليهم ولا أنت تتحمل مسؤليتهم. إسمح لهم أن يمروا بالتجارب التي تصقل شخصياتهم وتقويهم. أنت بشر فلا تمثل دور أكبر من دورك.