لو نظرنا بتدقيق وتمحيص إلى مشاكل أكثر العائلات سواء في العالم العربي أو غيره، فسنجد أن للأم دور ضالع في الأمر. فالأم الضعيفة تربي أولاد وبنات ضعفاء مهزوزي الشخصيات أمام والدهم الذي هو بدوره أقصى ما قد يقال عنه أنه نكرة، لا وزن له بين الناس. فعادةً ما ترتبط المرأة الضعيفة برجل مستبد في محيط البيت علما بأنه قد يكون من أكثر البشر خوفا من ظله خارج البيت.
هذا الترتيب يتكرر كثيرا في العائلات العربية خصوصا تلك التي بلغ بها التخلف إلى درجة أنها تطلق على نفسها «عائلات محافظة» فكلما إدعت عائلة ما أنها محافظة كلما عكس ذلك مدى تخلف أفرادها عن المدنية وعكس أيضا عمق الظلم المنتشر بين أفرادها. العالم العربي مليىء بتلك العائلات المحافظة والملتزمة بالتخلف لأنها توارثت التخلف جيلا من بعد جيل.
الذي يخلق الأم الضعيفة هو وجودها ضمن منظومة عائلية «محافظة» حيث يتسلط أحد الذكور أو مجموعة منهم على نساء العائلة بالقمع والتهميش وتكسير المعنويات والبرمجة على الخنوع والهزال العام. هذا بدوره يحول المرأة مستقبلا إلى أم ضعيفة جدا عديمة الشخصية مهزوزة المشاعر، تمارس تلقين الضعف في أنفس أولادها وبناتها.
الدين أو بالأحرى الفهم الخاطىء للدين والتحوير الذي تعرضت له التعاليم الدينية لتتناسب مع التخلف، له دور بارز في قمع المرأة وتحويلها إلى مسخ إنسان لا شكل ولا إرادة له. دائما إذا أردت أن تعرف من أين يبدأ التخلف فعليك بالنظر إلى التفسيرات السائدة للدين والمنتشرة بين الناس. وبما أن دين ورجاله الذين خلقوا هالة كاذبة حول أنفسهم يمثلون البعبع المخيف الذي يهدد من يتجرأ على الكلام بالويل والثبور وعظائم الأمور، فإن الدين كان ومازال يمثل الركيزة الأساسية للتسلط على المرأة وقمعها وإهانتها والإستبسال في إذلالها. لقد تمت الإساءة للدين بشكل مبالغ في موضوع المرأة حتى تم تحوير الإسلام وتحويله إلى دين ذكوري متعنت ومتخلف بكل المقاييس. وهذا لعب دورا لا يستهان به في تهميش دور المرأة وحرمان المجتمعات العربية من طاقة الأنوثة والسلام التي كان من الممكن أن تنشرها المرأة في المجتمع، وقضى عليها كمربية أجيال قوية تنتج أولاد وبنات متفوقين العطاء ومتوازنين لناحية شخصياتهم وعارفين بحقوقهم وواجباتهم.
لقد دمر الرجال العرب المرأة ولذلك هي الآن المصدر الأكبر لضياع حقوق الأبناء والبنات. الأم الضعيفة هي السبب الأكثر حضورا عندما ننظر إلى مشاكل البنات خصوصا. فالأم الضعيفة تضعف إبنتها وتبعدها عن الحياة وعن المطالبية بحقوقها. بل أن الأم الضعيفة تعمل بشكل فعّال في إبتزاز بناتها عاطفيا وتحطم مستقبلهم لأنها تضع نفسها بين مطالب بناتها والمعتدي عليهن.
عادة ما تظهر الأم الضعيفة بمظهر مثير للشفقة كي تمنع إبنتها من الدفاع عن نفسها. فهي تنهار وتمرض وتصاب بجميع أنواع الآلام الممكنة فقط لتثني إبنتها عن الدفاع عن نفسها أو إظهار شخصيتها. دائما ما تحذرها من المعتدي سواء كان أبوها أو أحد إخوانها. تعلم البنت على السكوت وخفض الصوت ومهما حدث فإنها لا تدافع عنها ولا تنصرها حتى في أتفه الأمور.
إبنتي العزيزة، إن كنتِ ترغبين في الخروج من هذة الدائرة اللا نهائية من الخوف والذل والخذلان الذي زرعته فيك أمك، فعليك أن تتصدي لها ولا تتعاطفي أبدا مع تمثيلياتها الكاذبة. دعيها تقول ما ما تقول وإمضي في طريقك ودافعي عن حقوقك ولا تسكتِ أبدا. ستكون البداية صعبة ومرهقة وستتسارع دقات قلبك وتشعرين بالحرارة في سائر جسدك لكن هذة مجرد علامات التغيير. إستخدمي أمك الضعيفة لتقوية شخصيتك. أظهري إعتراضك عليها وأخبريها أنك لن تسمحي لها بإضعافك والتقليل من عزمك. أخبريها أنها ضعيفة وأنها سبب معاناتك. إبتزيها عاطفيا وإجعليها تشعر بحجم جريمتها.
في جميع الأحوال ليس القصد إهانتها أو الإعتداء عليها وإنما نحن هنا نستخدم مسبب الضعف لإكتساب القوة. بما أنها أم ضعيفة الشخصية فمن السهل التدرب عليها. يجب أن تحوليها إما إلى تابعة لك أو على الأقل تبعدينها عن دائرة القرار فلا يكون لها تأثير سلبي عليك. العملية قد تستغرق بضعة أسابيع أو بضعة شهور لكن في النهاية ستبنين شخصية قوية ومستقلة عن أمك ومن خلالها ستتعلمين طرق المواجهة التي ستفيدك كثيرا في مقاومة الذكر المستبد في البيت.
تذكري دائما أن أمك ضعيفة لأن أبوك أضعف رغم أنه يظهر كوحش كاسر في البيت. إستخدمي قوة القانون عندما تعجزين عن المواجهة. إعرفي القوانين في بلدك وإعرفي تماما حقوقك وواجباتك وستجدين أن معظم دول العالم تطبق قوانين عادلة نحو المرأة لكن تم طمسها إجتماعيا. إستخدمي الشرطة والقضاء ولا تترددي إن إحتجتِ لذلك.
لا تستسلمي أبدا للتهديدات ولا ترضخي للإبتزاز العاطفي الذي قد يمارسه الذكر المستبد أو أمك الضعيفة. ولا تقلقي كثيرا لا توجد عقوبة إلهية لمن يدافع عن نفسه وحقوقه فهذا كله من إختراع رجال الدين الملوثين بالعادات والتقاليد. الدين قد أكرم المرأة وكفل لها حقوقها كاملة ولا يبعدها عنها سوى التفسيرات الغبية للنص الديني.
دافعي عن نفسك. الله لم يخلقك لتصبحي تابعة لا لأمك ولا لأبيك ولا لأي إنسان. أنتِ حرة فعيشي على هذا الأساس.