الام التي تخاف من ظلها..تتوتر لأقل سبب..الغاضبة من كل شيء.الشاكية الباكية..التى لا تثق بأحد..معول هدم وشقاء لأمة كادت أن تكون عظيمة الشأن.
يولد الطفل مذعور خائفا باكيا..ينتظر الأم الحانية الرؤوم..التي تهديء من روعه وترضعه الحنان والرحمة وتنشأ في عروقه القوة والصلابة. ..لكن المقهورة لا ترضع سوى حليبا ممزوج بالتوتر والقلق و القهر ومشاعر الغضب والغيرة...انها ربيت على المسكنة والذل..لا ينبغي ان يسمع لها صوت أو رأي..اذا أخطأت خطأ بسيطاً تعاقب بكل وسائل تحطيم الذات من التانيب والإهانة وإحساس الدونية..
كثيرا ما تقابل رجل مزود بيد تهد جبلاً..صوت جهوري يحرك شعباً..خطوته تهز الأرض...بنيةيصارع بها اسدا...خلق ليكون قائداً
لكنك تجده خلاف ما ظننته لا يحرك ساكناً ولا يقرر قرارا صائباً....متردداً ...كسولاً.. عذره انه وقع بين يدي ام لا ترحم.. أم صلبة لا تعطف ولا تلين انها ضعيفة امام الناس ولكنها تظهر القوة والجبروت امام الكائن الضعيف ...تصرخ فيه وتنهى بشدة فلا يخرج له صوت...يتأتى عندما يتكلم....تأمره وتهدده حتى ينصاع لها .....عندما ينضج ويغادر مرحلة الطفولة يخرج الى العالم ناقماً ساخطاً يسب ويلعن كل من حوله....يلهث وراء إرضاء والدته خوفا منها...اذا تعرض للقهر ينزوي وحيدا ليبكي من شدة الألم والاذلال... إذا أغرم بإمرأة يلهث وراء ساعياً لكسب ودها فتقوده حيثما شائت....يشك بكل من حوله وبنفسه قبل كل شيء
.. الكلمات الحادة والعبارات المتشائمة التي غرستها أمه المقهورة في عقله هي التي زلزلت بها بنية القوة والرجولة المرتقبة..حتى تكون صوت بداخله نزع منه الشجاعة والإقدام.. إنه يصارعه في كل قرار يحاول إتخاذه يجعله يفر من مواجهة الصعاب..انه يصبح خصمه الذي يقف له بالمرصاد...يحاول ان يخرج ويتملص من هذه الشخصية المهزومة والمضطربة لكن هيهات ..انه يصارع خيال وافكارا في رأسه..كيف له أن يقضي عليها..انها تسكن جمجمته وتؤرق ليله وتزعج نهاره ..انه يحتاج لحظة وعي..لحظة تنوير..تنير الظلمة في دماغه وترشده إلى طريق الخلاص..طريق يمده بالقوة والمواجهة..ازاحة كل الأفكار التي تمنعه من نزع الشخصية المزيفة التى تلبٌسته ليظهر شخصية الرجل الحقيقية التي تختبيء وراء الضحية المقهورة...إنه يحتاج الى نزع سلاح السيطرة والقمع..نزع الضعف والبكاء..نزع الهزيمة والاضطراب..يحتاج الى النور الذي يحرره من القيود والأغلال المختبئة في أعماق اللاشعور و إكتشاف الكينونة والذات الحقيقية البعيدة عن التشويه والقمع للانطلاق إلى فضاء التحرر والنور.