الاستفزاز هو شعور لحظي يشعرني بثقل وإستياء من الطرف الآخر " المستفِّز " .
ينتج عنه ردات فعل تلقائية وشائعة نذكر منها على سبيل المثال : الاحساس بالتوتر - صعوبة بالتركيز- المبالغة بالشعور بالخطر - فقدان التوازن المشاعري - التغير بالشهية زيادة او نقصان - اضطراب النوم زيادة او نقصان - الاستياء من الذات - الصداع - تناول المسكنات - اللجوء لأي نوع من الإدمان ... الخ .
بداية أحب أن نحدد هدف المستَفِّز العميق من تصرفه فهو غالباً لغاية يريد اشباعها في نفسه فثقته الضعيفة بنفسه تدفعه لإثارة غضبك بأي طريقة ليشعر أنك تحت سطوته وسلطته وفقدت التحكم بنفسك فأنت تحت تأثيره وتحكمه فيشعر باللذه والنصر .
بعد أن عرفنا هدف المستَفِّز إسأل نفسك: لماذا تفاعلت إلى هذا الحدّ مع هذا الحدث الاستفزازي ؟
لنبدأ بالإجابة على الصعيد النفسي فأنت شعرت بذلك الوقت بالتهديد اللاواعي .. حيث قام عقلك بإستجلاب وعرض بعض الأصوات المسموعة او الصور المرئية المزعجة من الذاكرة والمشابهه للموقف الحالي لتحذيرك من هذا الموقف . مع إعادة تفعيل المشاعر السابقة المرتبطة بالمواقف المشابهة، فيصبح الأذى النفسي مضاعف، الأول هو الموقف الحالي والثاني هو السابق والمخزّن .
أما على الصعيد الروحاني فهي فرصة لك لتتأمل بالشيء الذي أزعجك وتكتشفه وتتعامل معه او تصحح معتقداتك تجاهه ..
تخيله بشكل جرح قديم موجود والموقف الحالي هو ملح .. فإما أن تتألم بصمت في كل مره يلامس الملح الجرح أو تقرر أن تعالج الجرح ..
أحب أن أشارككم في مقالاتي أمثلة من تجربتي بالحياة وأنتم بدوركم أسقطوها على مواقف بحياتكم، وشاركوني إن أحببتم.
قبل عشر سنوات تقريباً كان هناك سؤال يتكرر عليٍ وأشعر بعد كل مرة يتم طرحه بأني مستَفزَّة من هذا السؤال ومن الشخص الذي يطرح السؤال ..
هذا السؤال هو : " ليش معصبة او ليش مكشرة ؟"
أنا شخصية هادئة ولست بعصبية وأحب الضحك والمزاح وأُجيد الاستمتاع بوقتي ولكن مع هذا يتكرر هذا السؤال عليي وما ساعد في تكرار هذا السؤال هو ما ورثته عن أبي حفظه الله وهو خطين بين الحاجبين يوحيان بالغضب وفي الحقيقة هم لا علاقة لهم بحالتي المشاعرية أبداً..
ولكن ربما لأنني تبرمجت على أن مثل هذه المشاعر تصنف بالسلبية و الغير محببة دفعتني للإستياء منها ومن ثم الإستياء من نفسي، ولأني كنت بمرحلة من الهشاشة النفسية التي تفخّم أهمية القبول من الآخرين وأهمية الظهور بأفضل حال، توجهت إلى أقرب مركز تجميل وأخذت إبرة بوتوكس في ذلك المكان بالجبهة لإضعاف هذه العضلة والذي كلفني مبلغاً محترماً ولم يدوم سوى 4 اشهر لتعود تلك الخطوط للظهور مجدداً ..
كان هدفي أن أخفي غضبي أو أي شيء يدل على أني إنسانة ممكن أغضب أو أقطّب جبيني .. وكأنها وصمة عار او شيء محرّم .. اريد أن أخفي شيء من حقيقتي ومشاعري التي هي جزء من حقيقتي، أملاً بالقبول .
الحمدلله بعد فترة انتهت مهمتي في هذا الجانب بنجاح وتصالحت مع نفسي ومع معتقداتي الداخلية المبنية على أن هذا الشكل يوحي بالغضب والشر وربما الأذى المتوقع من هذا الشخص .. كان يتم تخويفنا من أبي بغرض التأدب ولكنه في الحقيقة لم يصرخ بنا ولم يضرب أو يعنّف أحد منا هو شخص طيب دمعته سخيُة في أبسط المواقف.. شخص يحبه الصغير والكبير، شخص لطيف ومرح وبسيط و نبيل، يحب أن يدخل الفرح والسعادة على قلب كل من يجالسه ويجيد الطبطبة على كل القلوب ..
نعود لمهمتي فبعد التصالح مع الذات ومع المعتقدات تم نسف الإيجو بشكل تلقائي بالرغبة بالظهور بتلك المثالية .. ولم أعد أركز بتلك النقطة من وجهي بعدما كنت لا أرى في وجهي سوى هذا المكان فقط ! ولا أخفيكم ويشهد الله على ما أقول أن هذه الخطوط بعد أن هدأت من الداخل وتلطفت مع نفسي ومعها ولم إعد أركز عليها خفت بنسبة كبييرة جداً مع أنها المفروض تزداد مع تقدم العمر ولكن أسعد الله قلب من قال " الطاقة تكون حيث يكون تركيزك "
وقبل أن أنهي كلامي أحب ان أذكر نفسي وإياكم بأمرين لا بد من الانتباه لهم :
1. احذر من أن تساهم في استفزاز نفسك كأن تطرح على نفسك أسئلة لا يكون لها إجابات مرضية ومنطقية ..
* لماذا انا بالذات يحصل لي كذا وكذا ..
* لماذا لم أرد بطريقة مختلفة في ذلك الموقف .. الخ
2. احذر من أن تكون أنت مستَفِّز للآخرين سواء بوعي منك لأن هذه الطاقة ستعود عليك .. او بلا وعي منك فراقب كلامك ولاحظ أثره او تعابير وجوه الآخرين وطاقتهم على كلامك .