صادفتها تبكي خلسة في العمل وهي خارجة من دورة المياه..قلت لها باندهاش فرح أتبكين ؟!
قالت لا أبداً .. بعض الكحل أحرق عيني..
لم أقتنع فقد كانت شاحبة على غير عادتها .. فلحقت بها بعد قليل الى مكتبها لأجدها غارقة في البكاء .. حضنتها .. فأجهشت تبكي أكثر وأكثر كالأطفال..
ياا الله فرح أيقونة الجمال والأناقة وخفة الظل في العمل تبكي بهذا الشكل الهستيري ؟!!
ولماذا هذا كله ؟!!
لقد كان هذا كله لأنها شعرت أن بعض الزميلات يكرهنها ويتهامزن ويتلامزن عليها بطريقة مستفزة بالنسبة لها. في الوقت الذي هي تكّن لهن الحب وتعاملهن بلطف وتشعر بالإحباط ولا تسمح لنفسها أن تبادلهن نفس الأسلوب ..
استفاضت في شرح مشاعرها المُحبَطة وقرارها في ترك العمل بعد ٨ سنوات .. وكيف أنها باتت سيئة مع عائلتها وأطفالها وصلت لحدّ الضرب لهم ومن ثم الإنهيار طوال الليل بكاءاً وندماً على ما فعلت... كل هذا سببه كلمات أطلقتها بها بعض الزميلات لغايةٍ في نفوسهن ..
نعم إلى هذه الدرجة وأكثر قد يكون كلامك مؤثراً في نفسية الآخرين .. لا تتفاجأ وتصفهم بالحمقى .. فالناس على مستويات مختلفة من الوعي وعليك أن تتقبّل تدرجاتهم فيه.. وقد تجد أن حزنها وتأثرها او ردة فعلها مبالغ فيه.. إلا أن الحقيقة تقول أن كل حزن هو مبالغة في نظر الناجين .. فرفقاً بهم إلى أن يمنّ الله عليهم بما منّ عليك.
عندما تتحدث مع شخص فإنك تكوّن شعوراً محدداً لديه.. قد يكون الشعور الذي تملّكه بعد لقائك به أنه انسان ذكي .. ماهر مثلاً في الحديث أو النقاش.. متميز في العمل أو حتى الطبخ .. فيمتلئ قلبه بالحماس والثقة بالنفس وينطلق ليكمل يومه بتفاؤل وقد يشعر بالدفئ ويرغب بلقائك والحديث معك مجدداً ويتوق للجلوس معك دائماً.
ومن جهة أخرى قد تترك لديه شعور باليأس والاحباط.. تُشعره بأنه غبي.. كثير الأخطاء.. غير أنيق... الخ .
فيتمنى أنه لم يلتق بك.. بل ويشعر بالقلق أن يلقاك مره ثانية لأنك ستعزز تلك المشاعر السلبية عبر النقد المباشر والغير مباشر .
جميعنا يحب أن يسمع كلام جميل بغض النظر عن مستوى وعينا في درجة تأثير أو تحَكّم هذا الكلام باداءنا الا أننا نتأثر فيه.. فالرجل بطبيعته يحب التقدير والمرأة بطبيعتها تحب الدعم .
أيّاً كان موقعك في الحياة اذا كنت تملك صلاحية التعامل والحديث مع شخص ما .. فكر مليّاً في المشاعر التي ستتركها لدى الشخص .. ودرّب نفسك في كل جلسة مع صديق أن تُنحّي أفكارك التي ستتدفق من عقلك والمستقاة من مواقف أو تجارب سابقة او حتى أراء للآخرين عن هذا الشخص وانظر له بعين المحب وابحث عن شيئ جميل خلقه الله فيه .. وامدحه.. فإدخال السرور في قلوب الآخرين هو من أحب الأعمال إلى الله..
وتذكر أنه في كلماتنا تختبئ الأسرار القدرية .. فأنت تصنع فرصاً وفيرة لك كلما قدمت الدعم المناسب للآخرين .. فلا تتردد ❤