كثيرا ما تفكرت في من يتكلم عن جراح الطفولة وان مستقبله توقف وتدمر وبُني بشكل خاطئ لانه تعرض لأحداث في طفولته بقيت عالقة في عقله الباطن وتستمر في جذب احداث مشابهة رغما عنه وتُعيق سير حياته نحو الأفضل حتى يشفِي هذه الجراح ويعي بها.
منذ متى كان الطفل مُكلف ومُلزم بما يحدث في طفولته حتى يُعاني لآخر حياته من جَراء احداث ليس له يد فيها ،أعتقد أن الموضوع أخذ طابع تهويل قوي جدا ونداء للتحرر من أشياء هي مرتبطة اصلا بمن فعلها وليس على الطفل في حد ذاته وهنا تتشكل ذاكرة لدى الفاعل مرتبطة بالطفل وليس في ذاكرة الطفل نفسها لانه لا يعقل ذلك ولا يربط شيء بشيء آخر ،تبادل الذاكرة شيء خطير جدا يحدث من دون وعي عند مُعظم البشر فمعظمهم أخذ ذاكرة مُسجلة عنه من غيره من دون علم وثبّتها بداخله بالموافقة على استقبالها وفعّل نقاط جذب لأحداث بناءا على ذاكرة غيره عنه تبناها وأخذ على عاتقه ذنب ليس ذنبه وعاش به من دون وعي وغيّر مسار حياته لانه استقبل من مراكز استقبال غير نقية ابدا.
ارى هذا الأمر جلي في العديد من الناس وخاصة البنات تدمير ذاتي رهيب جدا بناءا على ذاكرة ليست لها اصلا تبنتها وألفت قصة واحداث حياتها عليها وهذا ما أضاف جرعة زائدة من المخاوف الغير موجودة في الحقيقة .لست اقول هنا أن الموضوع سهل اكتشافه وان لا يتشافى البعض من جراح الطفولة إن صدّق ذلك فهذا أمر يفيد بشكل سطحي طالما أن الشخص يظن أنه تعرض لظُلم ما وأنه لم يعش طفولة مثل أقرانه ويظل يُلقي فشله وعدم نجاحه في جانب ما في حياته على الخارج ومهما تشافى أو تحرر يبقى الجذر مرتبط بنقص عاناه في الطفولة ،وهذا أمر يخلق ويعزز وعي جمعي مظلوم ،بطفولة غير سوية.
أعتقد أن لا أحد يملك جرأة حمل مسؤولية منذ كان في بطن أمه وان الذاكرة لم تخنه وأنه حر منذ البداية وان ما حدث من الم ولادة أو فُطام هو طبيعي وليس جرح يتشافى منه. ويعي أن ما حدث من إخفاقات هو نتيجة تبادل ذاكرة من المحيط عرّفت بها نفسك بمنظورهم عنك ... غريب جدا فهناك من تحمل مسؤولية تربيته الذاتية بنفسه وهذا صعب جدا ليس الكل يتقنه ،فعلى الطفل أن ينمي قوته العقلية وحده بمساعدة حواسه وفَلترة كل ماهو ضد الفطرة بالفطرة .عقل الطفل يملك فلترة رهيبة جدا للأحداث ويُسويها بالفطرة السليمة أرضه دائما مُستوية ،لا يرى المشوه ابدا لان داخله لا يحتويه ابدا.الطفل دائما سوي ذاكرة الاهل هي من تفسده لانها تتشكل بمنظور مشوه بمقاييس مجتمعية محدودة وعادات وتقاليد بالية تحمل الحلال والحرام والصحة والخطأ بما يخدُم بقاءهم وليس بما يخدم تطور الأجيال .ما أبصره الان بشكل قوي وجلي أن الكون يختبرك في الذاكرة التي تحمل مهما كانت واي كان مصدرها المهم أن هناك اختبار طالما أن هناك ذاكرة وستبقى محل اختبار طالما تحمل ذاكرة معينة عن اشخاص عن احداث عن خيال ترسخ كحقيقة مُسلم بها حتى عن دينك وما تحتفظ به كإيمانات وعن الله حتى.
لماذا نُشجع التفكر والتدبر واستعمال العقل ،لأن استحضار الحقائق من منبعها فعل عقلي متصل باللحظة ليس في تذكرها من ذاكرة فكر مسبق مخزن .انت خلقت للنسيان رحمة بك.الذاكرة هي تكديس افكار لست انت مصدرها الحقيقي هي مزيفة وتجعلك تعيش في زيف حقيقي بعيدا عن حقيقتك التي لا تُختبر فيها أبدا لانها اصلك .لا اظن ابدا ان عصر الوعي الجديد يُبنى على اناس للان تريد التحرر هو عصر المتحررين الذين عكفوا على تربية أنفسهم منذ الطفولة وعرفوا مواطن الرِفق في أنفسهم فعززوها في غيرهم وتكامل الجميع .وابصروا وتبصروا فعاشوا صادقين خارج دائرة الاختبار مُحررين من أي قيد زائف وعارفين وواثقين بخالق حررهم به .هؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون .يصلحون لاي زمان ومكان ❤️