ليسوا أولئك الذين يحفرون الحفر ليضعوا بها من فارق الحياه راضيا أو كارها .. بل أولئك الأحياء الذين حفروا قبورهم أحياء ودفنوا فيها أحلامهم ونواياهم مستسلمين صاغرين لواقع سلبي ظنوا أنه قدرهم المحتوم .. فظلموا أنفسهم و أحلامهم التي خلقت لهم دون غيرهم لتنفيذها وحرموا الأرض من نورهم القابع فيهم و دفنوه بداخلهم لتقتلهم طاقته قتلاً بطيئا ..
بل و أساءوا الظن بخالقهم واتهموه دون تصريح معلن بالظلم .. " و ما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " النحل (118).. (وما ربك بظلام للعبيد) [فصلت: 46].
عزيزي صاحب الواقع السلبي : نحن لسنا بالصحراء كل منا يعيش لوحده بل و ربما هذا الواقع بسبب أشخاص فرضوا ظروفا لا تقوى عليها في الوقت الحالي ..بل و تراها سوداء بكل نواحيها .. فإن أنت ظلمت نفسك فلن اأظلمك في حكمي لذلك سأفترض أنك لم تعرف الطريق بعد .. هل تعرف لماذا ؟ لأنني وببساطة لم يكن في فمي ملعقة من ذهب بل بواقع أشد مما تتصور وحتى لا تتهم الكاتب بأنه ولد في الجنة و لا تصدق ما يقوله لهذا الظن غير الصحيح ..
لذلك سأحدثك عما يجب فعله في ظل الظلام الذي قد تكون تعيشه و في أي جانب بحياتك .. فالواقع السلبي هو أحد القبور الذي و قعت به فإما أن تبقى به أو تخرج منه الى النور ..
حسب تجربتي و أنا لا أعرف من العلم والوعي شيئأ ..فعلت خمسة أمور تلقائية و لم أفكر بكيف سيحدث ما أريد اطلاقاً و هي :
1- مشيت مع التيار (Go with Flow) .. عرفت تلقائيا أن مقاومة واقع بكل شخوصه وتفاصيله لن تجدي فأنا لا أدخل معركة متيقنة أنها خاسرة .. فمهما قالوا و اتخذوا قرارات أناقش قليلا جدا نقاش الضعفاء المصطبع ..وبداخلي أقول سنرى من سيفوز ..
2- حافظت على أحلامي و نواياي ذهنيا حتى في احلك الظروف فكانت اجمل ما يسعدني ويخرجني من دائرة الحزن ..
3- لم أكن أتفاعل مع كل الأحداث اليومية السلبية التي تحدث و أرى الجميع متفاعل معها ومنهمك بها .اكن معهم جسدا وروحي في مكان آخر في أغلب الأوقات ..
4- في الوقت الذي كنت أشعر به بالعجز كنت فقط أقرأ .. أي شيء يقع بيدي أقرئة تافها كان أو جيدا .. مريضة أقرأ .. حزينة أقرأ .. أسهل عمل كان في الوقت الذي تنهار به قواي .. نتيجة أحداث عظيمة و عنيفة مررنا بها كعائلة .
5- و ما لا يجب نسيانه بل والفضل الأول و الآخر له .. هو أنني كنت مؤمنة بعدل الله إيماناً قطعيا لا شك فيه و أن ما يحدث ما هو الا تدابير تحتاج منا الحكمة و الصبر على فهمها لذلك كان عوني وملجأي لله وحده فلك يكن لي أحداً سواه على الإطلاق .فلا أحد قادر على احتوائك سواه جل وعلا ..فالكل عاجز أمام ما يعانيه من هموم و فنون بالأحزان .فماذا سيقدم العاجزون لك غير عجزا إضافيا ..
تلك كانت أدواتي البسيطة التي استخدمتها دون معرفة و حقيقة أقول كل ما كان ممنوعا لي بعمله .فعلته .هم أنفسهم من قدموه لي و بسهوله لا تتخيلوها .. تعلمت و عملت وتعاملت مع الناس أجمعين رجالا ونساء وكل ذلك كان من الممنوعات .. و لي عائلة جميلة و أولاد رائعين بفضل الله وكرمه ..
ولطالما آمنت بأن الزواج حرية لمن لا حرية له و كان لي ما كان فليس زوجي فقط من يدعمني بعملي و إن اعترض على بعض أفكاري بل و أولادي داعمين لي مستمتعين جداً ..فمنهم من يعد لي بعضأاوراقي ومنهم من يقوم بأعمال البيت عني حتي يوفر لي بعض الوقت لعملي .و منهم من يراقب صفحاتي ليقول رائع ماما ..
نعم تأتيك لحظات من اليأس والرغبة بحفر قبر آخر تدفن بها أحلامك .احذر ان تهون عليك. بل في تلك اللحظة حقيقة قد يكون ميلاد تلك الأحلام . وبداية تجليها في واقعك ..
و ثق تماما عزيزي القارئ .. أن كل مرحلة تمر بها هي مرحلة إعداد و تجهيز لما طلبته من الله و انطلق عبر كونه الفسيح ليدبره لك بأسهل وأبهى حله .فنحن نطلب طلبات أكبر من طاقتنا بالعادة ودون جاهزية لها . لذلك عليك الانتباه .. لإشاراته و تتبعها والايمان بخيرها وخير ما فيها من شر قد تراه وهو ماذكر في مقال "الاستاذ عارف الدوسري السرنديب " بالرغم من أن السرنديب يطلق للأحداث السعيدة المتتالية ولكن حاجة الناس للإعداد لما يطلبوه تحتاج الى سرنديب فيه من الألم ما يعلمك الكثير .. لتستقبل ما طلبته بجاهزية عالية واستحقاق كامل لتحسن العيش فيه وبه ..
تصبح حفارا للقبور عندما تقتل أحلامك و لا تحييها بداخلك رغم كل شيء حولك .. بل و قد ترتقي بتلك المهنة لتقتل أحلامك و أحلام الآخرين قولاً و فعلاً.. فالموت يبدأ من تلك اللحظة بالتحديد ..فمن يقتل بالناس الآن قتلوا أحلامهم وحفروا قبورهم وانطلقوا ليحفروا قبوراً للآخرين وكأنهم يثأرون لأحلامهم التي دفنوها من الآخرين فقط لانهم لم يعرفوا كيف يحصلوا عليها ..
واعلم أنه طالما في النفس أحلاما و آمالاً تجتاحها فثق أنها لك ولم تصلك تلك الإحلام إلا لأنك أنت بالذات قادر على تحقيقها و بطريقتك الخاصة و لمساتك التي لا تشبه غيرك ..
عش أحلامك في وسط الظلام بين حفاري القبور وكن متيقظا لرؤية النور الذي لن تراه الإ وانت تنظر للسماء ..ومحياك تعلوه ابتسامة الواثقين بالله وبأنفسهم ....
عيشها صح
غادة حمد