و نعم الاصل
حتما ستكون فخورا اذا سمعت احد ما يمدح اصلك و فصلك و يصف عائلتك بانها تنتمي لاصل طيب لكن ماذا لو قلت لك ان الاصول الرفيعة التي تميزك عن الاخرين هي مجرد وهم
نعم انه وهم تعيشه انت و الكثير من الناس
و على مر العصور ظل الكثير يتناقلون هذا الوهم
و قام من قبلك بكثير من التضحيات المؤلمة لهم و لمن حولهم من اجل الابقاء على "النسب الاعلى"
و الاسوا ان هنالك من يصدق انه ينتمي الى "النسب الادنى"
لقد كذبوا عليك و اوهموك ان اصولك دماؤها انقى و اصفى و افضل من بعض او باقي الاجناس و بذلك تتحدد حياتك كلها على هذا الاساس و لا يمكنك ان تلومهم لانهم يصدقون الكذبة التي نقلت اليهم عبر اباءهم و لم يفكروا و لم يتحروا في مدى مصداقيتها
و انت ايضا لم تكلف نفسك بالتفكير و صدقت نفس الكذبة فانت فخور "بأصلك" و اذا سئلت عنه سترد بانا فلان ابن فلان و جدي فلان من العائلة الفلانية من القبيلة الفلانية التي تنتمي للجنس كذا و نحن الذين فعلنا كذا و كذا و ... و فقط .. و ماذا في ذلك ؟؟
ستتوقف الاجابة دائما عند حد معين , اين الباقي ؟ هل تعرف اسم جد جد جد جد جدك
ما الذي يجعل ذلك ميزة
و ماذا عن اجداد والدتك و اجداد اجدادها
لماذا حفظك لاسمائهم وذكرها امام الناس كاسطوانة مشروخة يجعلك انت مميزا
حتى تعرف اصلك يجب ان تعود لكل الاباء وصولا حتى ادم و حواء و هذا مستحيل فالحقيقة التي لا يستطيع نكرانها احد هو انه ليس هنالك انسان قادر على ذكر اصله كاملا و بالتفصيل
و اصلا لا فائدة من ذلك
و انت عندما تفخر و تسعد بما فعله من قبلك فانت تفخر بما لم تفعله يداك فاين الفخر في ذلك
انت لم تسال نفسك يوما ما الذي فعلته انت و يستحق الذكر و الثناء اكثر من اسم عائلتك او جنسك او قبيلتك او دمك
و من يعرف حقا ما حدث من الامجاد في ذلك الزمان البعيد ... فاذا تسنى للذين يعيشون من مائتي سنة ان يعودوا لزماننا الحالي لحكوا لك القصة بشكل يختلف تماما عما تعودت ان تسمعه من ابيك و جدك و ستجد انه حتى في ذلك الزمان ستختلف رواياتهم كل على حسب نظرته للاحداث فليس هناك ما يسمى برواية دقيقة للاحداث
و اذا استطعت ان تعرف مزيج الاجناس الذي تتكون منه عائلتك لصدمت اشد الصدمة فقد تشارك بالدم بعض الذين كنت تزدريهم في طريقك و من تعتبرهم اقل منك و ترفض وجودهم في محيطك
لا تصدقني ؟ العلم كفيل باثبات ذلك الان لانه نتاج التفكير المنطقي السليم اما ما عندك فهو نتاج التسليم لكل فكرة زرعت في راسك
انت حقيقة فخور بلا شئ
انه وهم صنع معه الكثير من الحواجز الوهمية التي لا علاقة لها بعملية التفكير لكنه وهم يسيطر عليك و يجعلك تعيش مكروها من الكثير و يهيئك لكراهية بعض الناس و معاداتهم بدون ادنى سبب منطقي و الحكم عليهم مسبقا تبعا لدرجتهم الادنى حسبما تراهم
سترفض ان تكون صديقا لفلان لانه ليس من مستواك مع انه صديق ممتاز و سترفض زواج ذلك الرجل الذي يحب ابنتك و هي تحبه مع انه رجل جيد لابنتك فقط لانه "اقل اصلا"
و سترفضين المساعدة من تلك الفتاة لانها اقل من مستواك الاجتماعي او لانها من اولئك الاشخاص المختلفين عنا و لا يليق بك قبول مساعدتها و قد ترفضين ان تصافحك او تلمسك حتى لا تلوثك بلون بشرتها
ونفس الوهم هو سبب من الاسباب التي تشتعل الحروب من اجلها في كل مكان و لان بعض اصحاب العرق او "النسب الصافي" لا يرضون بان يعيش معهم من هم اقل اصلا في نفس الارض و ياكلون من طعامهم و يمشون في طرقاتهم
و اذا سمح لهم بالعيش سويا فهناك سيد و عبد فقط
و ليس بالضرورة ان تكبل شخصا بالاغلال لكي تستعبده
لكن الاغلال موجودة في عقلك عندما تحاول اذلال شخص ما بحجة الاختلاف
مع انه مهما فعلت و انجزت فانت لن تعلو فوق مستوى البشر و لن تنتقل لتصبح ملاكا او مخلوقا منزه من الاخطاء فما الداعي للغرور
الحقيقة التي يجب ان يستوعبها البشر اننا كلنا ذوي عرق اصيل و دم نقي و اننا كلنا نعود لاصل كريم و طيب و ان ما يميزنا فعلا هو افكارنا و افعالنا النابعة منها و التي تنتج قيما تخدم البشرية بغض النظر عن خلفياتنا و الواننا و توجهاتنا
عندما تعترف لنفسك بتلك الحقيقة و تستوعبها سترى الوجوه و الالوان بشكل مختلف و ستتمكن من رؤية الجمال في كل انسان مهما بلغت عيوبه و اخطائه و سترى الكل جميلا بالرغم من نواقصهم فقط لانهم بشر
ستتعلم التسامح و ستجد الخير في كل الناس حتى في اسوأهم طباعا و لن تستطيع ان تكرههم لان السلام يعمر قلبك و لن تستطيع التفريق بينهم على اساس عرقهم او نسبهم او ديانتهم و ستتخلص من التصنيف
ستتعلم حب الناس بانقى صوره و حتى لو لم تحبهم فانك لن تكون مضطرا لكراهيتهم و هذا سيحررك
ستحب نفسك و تقترب منها اكثر و ستتمكن من ازالة الحواجز التي تمنعك من التعامل مع الناس بشكل طبيعي
فالفرق بين شخص و اخر يجب ان يتحدد من خلال الفرق الذي يحدثه في حياته و حياة الاخرين بغض النظر عن مكانتهم في الحياة و بغض النظر عن مكانته هو ايضا و من يحاول دائما ان يكون افضل من السابق و يربي ابناءه على نفس النهج حتى يقدموا للعالم افضل ما لديهم و بذلك تظل نوعية الحياة في تحسن مستمر
هذا ما يجعلنا اناس أفضل
كن سعيدا لانك خلقت انسانا و ليس شجرا او حجرا او حيوان بل تنتمي للجنس البشري و يجب عليك احترام البشرية كلها لانك بشكل او باخر تنتمي اليهم جميعا
كن فخورا لانك تمثل القيم السامية في الحياة فهذا هو ما يجعلك مذكورا و محمودا و محبوبا بين الناس و عند الله من الصالحين