المرأة التي تسعى بقوة نحو الزواج وتدور حياتها حوله في الغالب لا تحصل عليه لأن هذا منافي للهدف من الخلق. فعندما خلق الله الذكر والأنثى لم يخلقهم للتزاوج فقط وإنما لشيء آخر وهو النمو المستمر في جميع المجالات والتعبير عن الذات. التعبير عن الذات يتم عن طريق تنمية القدرات والعمل على إظهار تلك القدرات والإستمتاع بها، وعندما نفعل فإننا نخدم الغرض من وجودنا في الحياة. كل إنسان يعبر عن ذاته وعن قدراته ومواهبه التي وهبه الله إياها لأن تلك المواهب هي ما يعدل ميزان الحياة ويجعل حاجة هذا إلى ذاك وينمي التعاملات الإنسانية والإقتصادية وبه تبنى الدول وتتقدم.
الخلل يظهر عندما يختزل الإنسان حياته في الزواج فقط. فعدم ظهور الزوج المناسب أو عدم ظهوره بالمرة ليس عقابا إلهيا للإنسان وإنما هو النتيجة الطبيعية لعزوف الإنسان عن الحياة. فبينما يعد الكون عدته لدفع الإنسان إلى الأمام يتقاعس هو في أداء دوره ويحصر نفسه في الزواج فيحدث تعارض كبير بين خطة الله له وبين خطته لنفسه فيتوقف كل شيء. للأسف القوانين الإجتماعية وكذلك الدينية إحتقرت الإنسان وحولته إلى آلة توالد بلا عقل وعليه فإن النتائج مخيبة للآمال.
على المرأة والرجل على حد سواء أن يعيشان حقيقتهما وهي أنهما خلقا للنمو ولخدمة دورهما الحقيقي في الحياة، ولا يمكن لهما بأي حال من الأحوال التقدم أكثر إن إعتقدا أن الزواج هو كل ما عليهما تقديمه للعالم. على المرأة خصوصا أن تسعى إلى تكوين شخصية مستقلة وفاعلة في المجتمع وتعبر عن ذاتها وعن طموحاتها وتخدم أهدافها في الحياة ولا تتنازل عنها أبدا. عليها أن تشق طريقها تماما كما يشق الرجل طريقه ولا تكتفي بالجلوس في البيت في إنتظار الزوج المنقذ. المرأة التي تسير في الحياة بلا هدف واضح تريد بلوغه لن تجد الزوج المناسب. هذا الهدف قد يكون هدف شخصي كتطوير فهم أعمق للحياة أو هدف عام كأن تخدم المجتمع أو أن تنجح في التجارة مثلا. لأنها من خلال تحقيق أهدافها ستخدم المجتمع بطريقة أو أخرى. لا يستطيع الإنسان تحقيق أهدافه دون أن يخدم المجتمع ولذلك من لا يخدم أهدافه لا يحصل على شيء وهذة معضلة كثير من النساء في العالم العربي. هي أرواح معطلة في إنتظار الزواج.
شريك الحياة المناسب لا يظهر لأننا نتمناه ولكن ظهوره هو بمثابة المكافئة التي يقدمها لنا الكون لأننا خدمنا الغرض السامي من وجودنا وهو النمو الروحي والفكري وخدمة الإنسانية والتعبير عن الذات. معظم الذين تزوجوا سابقا يعيشون حياة بائسة لأنهم حياتهم قائمة على إنتاج الأولاد وبالرغم من أهمية هذا الأمر إلا أنه ليس كل شيء وهذا ما يجعل الزوجين يشعران بالملل وتعم الكئابة عالمهما والذي قد يعوضان عنه بالمزيد من الإنغماس في الماديات فلا يفلحان.
على من يريد الزواج فعلا أن يبدأ بالإهتمام بدوره في الحياة وإلا فإن النتيجة ستكون مخيبة للآمال حتى بعد الحصول على الزوج.