ما يسمى بالعلاقات الثلاثية او العلاقات المتعددة تعد مشكلة شائكة ومعقدة يشترك فيها عدة اطراف في علاقة عاطفية مشتركة دون علم الاطراف الاخرى. كيف يكون ذلك وكيف تشترك عدة اطراف في علاقة عاطفية واحدة دون علمهم؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال القصير فواصل القراءة لتفهم ابعاد المشكلة وتداعياتها على حياتك.
تنشأ العلاقة الثلاثية او المتعددة والتي قد تشمل اكثر من ثلاثة اشخاص بسبب وجود طرف واحد غير مستقر يجمع بقية اطراف العلاقة ربما دون ادراكه الكامل لما يقوم به. ذلك الطرف يعاني من تذبذب المشاعر والافكار ولا يستطيع الاستقرار على وضع واحد لذلك يلجأ الى اتخاذ موقف شبه محايد من جميع اطراف العلاقة التي تورط فيها.
عادة ما يكون ذلك الطرف امرأة غير ناضجة عاطفيا لكن ليس دائما فالرجل قد يكون غير ناضج عاطفيا لكن الرجال في الغالب تظهر عليهم العلامات بوضوح ويتم كشف امرهم بسهولة، ذلك ان الرجل مكون اكثر حركة وتفاعل فتظهر عليه علامات الاهتمام بطرف اخر غير الطرف الذي هو معه الان. ايضا الرجل لديه مساحة حركة اكبر بسبب المجتمع الذي لا يعيب عليه عملية التنقل بين العلاقات بشكل علني وهذا ما يجعل بعض الرجال لا يكترثون لاكتشاف خياناتهم. هذا بعكس المرأة التي يتم حسابها حسابا عسيرا.
نعود لمحور حديثنا عن المرأة الغير ناضجة عاطفيا كمثال وليس كإتهام. فبحكم انها تحاسب حسابا عسيرا قد تلجأ المرأة الغير ناضجة عاطفيا الى القبول بعلاقة لا تمثلها فعلا او هي تعتقد انها لا تمثلها. في جميع الاحوال تشعر بأنها محتجزة في علاقة غير متكافئة وان الحشائش اكثر خضرة على الجانب الآخر. فتحافظ على علاقتها الحالية بينما يسيطر عليها شغف اكتشاف مشاعر الحب الحقيقي مع طرف اخر او اطراف اخرى. تبدأ باظهار اهتمامها برجال آخرين على امل ان تجد الحب الحقيقي الذي تتوق له او تتوقع شكله في خيالها الغير ناضج. هي اساسا لا تعرف ما هو الحب ولا كيف يكون لذلك تدخل في مغامرات عاطفية مع عدة رجال دون ان يعلم احدهم بالآخر. فهذا زوج تشعر معه بالأمان المادي والاستقرار وذاك حبيب عاشق يلهب خيالها وربما ثالث يغدق عليها كلمات الثناء والاعجاب ووعود بمستقبل زاهر.
وهكذا تبقى المسكينة تتقلب بين هذا وذاك. تارة تمنح الزوج او الحبيب الأول كل اهتمامها وتارة تنقلب الى العاشق الذي يلهب خيالها وعندما تسأم منه تعود للمعجب الداعم. مع كل شخص هي في شأن وكل منهم ينجذب اليها بطريقته لأنها قادرة على منح كل منهم الشعور الذي يريده ولو جزئيا. كل عاشق فيهم يرى فيها زوجة المستقبل فيحاول شدها اليه بطريقته. اما بالمال او بالاهتمام او بالتغاضي عن اهمالها له او بالهدايا او بأي شيئ في استطاعته. هي الآن ورقة الجوكر الرابحة في العملية برمتها (عاهرة الاهتمام - مهوسة بالاهتمام). الكل يهتم بها والكل يتمنى رضاها لكنها غير راضية عن اي منهم. شيئا فشيئا تبدأ الآمور تتضح لبقية الأطراف. كل منهم يشعر بأن هناك خلل في العلاقة، يوجد شيئ غير مكتمل. فهي اخبرت الثاني انها فترة بسيطة وتحصل على الطلاق لتكتمل فرحته بانتصاره على الزوج المسكين الغافل. في نفس الوقت اخبرت الثالث انه المفضل لديها وهي تفكر جديا في اختياره وهكذا مع بقية الاطراف ان وجدت.
تلك المرأة لعدم نضجها العاطفي لا تستطيع تحديد العلاقة المناسبة لها لأنها ضعيفة من الداخل وطمعها يجعلها تخاف الخسارة لذلك تحاول الاستحواذ على كل شيئ. لا تثق في حدسها ولا قراراتها لذلك لا تستطيع ان تلتزم التزام كامل مع طرف من الأطراف التي ادخلتها في علاقة متعددة دون علمها. هي لا تريد ان تلتزم وهذة هي المشكلة لأنها تشعر ان الالتزام بطرف واحد سيحرمها من اكتشاف مشاعر اخرى ربما لم تشعر بها، ولذلك تبقى في المنطقة الرمادية مشتتة وتائهة بين هذا وذاك. حالها يشبه طفل في محل العاب وقيل له خذ ما تشاء فلا يعرف ماذا يأخذ بالضبط. هل يأخذ الدراجة ام علبة الألوان او سيارة كهربائية او لعبة فيديو وهكذا يبقى يحمل لعبة ثم يرميها من اجل لعبة اخرى الى ان تخور قواه او يتدخل والده ويقرر له اللعبة المناسبة.
هذة روح طفولية غير ناضجة تحاول ان تقنع المحيطين بها انها قد كبرت وباتت قادرة على تقرير مصيرها وانها تستطيع ادارة شئونها بنفسها لكن الحقيقة عكس ذلك تماما.
النضج العاطفي والنضج بشكل عام يعني القدرة على اتخاذ قرار واضح وصريح والالتزام به وتحمّل تبعاته والا تحولت حياة الانسان الى ريشة في مهب الريح.