قالوا أن الغربة هي البعد عن الأوطان والأهل والأحبة . بالرغم من ذلك نجد أن غالبية المغتربين عندما يعودوا لأوطانهم سرعان ما يجدوا غربة أكثر عن ما تركوه ورائهم .. بين الأهل والاصدقاء وحتى جدران منازلهم وشوراع مدينتهم ليهربوا من هذه الغربة الى تلك التي اسموها أيضا غربة ..
مالذي يحدث ؟
يعودون لغربتهم مستمتعين ناطقين بالفاظ الشوق بالشفاه لكن القلوب تتجه هناك حيث الانسجام اللاوعي بما هو غير موجود في اوطاننا وبين أحبتنا واهلنا .. حيث المكان الذي يكون فيه العقل قبل الروح منسجمة حرة منفتحة قابلة للتغيير ..للتطور والتعلم ..ربما لم يدركوا ذلك أو أدركوه انهم ما عادوا غرباء حيث غربتهم لذلك كانت لهم وطنا دونما التصريح بذلك واضحى الوطن بما فيه من ذكريات واحباء هو الغريب بكل ما فيه (اوطاننا العربية) هذا حال المسافرين للخارج .
فعليا هم تواجدوا حيث وجدوا انفسهم وبين احضان لا متناهية من الجمال والوعي والتقدم والاهم الحرية بما يفكرون ويفعلون دون محاسب او جلاد .. وجدو اجنحتهم حيث يحلقون كيفما يريدون .
أما حال المغتربين بالداخل ..
ما لايعرفه المغتربين هو أن هذه الحالة يعيشها الناس كل يوم ولحظة وبين أحضان اوطانهم واحبتهم حضن بارد جاف ليس فيه حياة ..في العائلة الواحدة في الحي الواحد بين الزوجين بين الحاكم والمحكوم ..غربة لا مثيل لها وفجوات لا تقاس بمسافات .
غربة تبدأ من غربة الشخص عن نفسه وتمتد لتصل غربته عن احبته لتعم حياته بأكملها .
غرباء بالفكر والوعي
غرباء بالتواصل
غرباء بالحب والمشاعر
غرباء بالتطور والتقدم
غرباء في الدين
غرباء عن بعضنا تقريبا في كل شيء .. وليست مهمة تلك الغربة كاهمية الاصرار عليها علما أن حلها بسيط يكمن فقط في حسن التواصل والرغبة في تفهم الآخر وتقبله كما هو بفكره وارادته الحرة ..ذلك الحل البسيط اصعب الحلول لامة غريبة عن نفسها ..غريبة عن دينها .
هذه أقصى أنواع الغربة والتي غالبا ما يواجهها من يفكر أن يفكر ومن يفكر أن يكون له إرادة حرة فالغربة هي الثمن الذي يتوجب دفعه لقاء قراره بأن يكون غريبا عن كل موروث وكل معبود غير الله وعن كل أسر وقيد فرض عليه من حيث لا يدري .
الواعي غريب مهاجم محكوم عليه من أسراب الاتباع والسكان الاصلين العابدين لكل ما ورد من الآباء والأجداد ..
اخبرنا القران الكريم عن الكثيرين الذين لا يعلمون لا يعقلون لا يفقهون وبما ان الكثيرين لا يعلمون فإذن القليل بين هؤلاء الكثير هم غرباء .. ولهذا طوبى للغرباء ..
غادة حمد ..عيشها صح