عندما خلق الله الدنيا جعل العمل هو القيمة الكبرى التي تحرك المجتمعات الإنسانية وتوعد أنه هو من سيجزي العامل بكرمه، لكن العقلية العربية كعادتها لم تدرك هذا المعنى فإتجهت إلى تملق الخالق عن طريق العبادات. هي عقلية البدوي الرابض عند الديوان الملكي، يتقرب إلى السلطان بالمديح والقصائد والتغني بأمجاد القائد لعله ينال الرضى وتلقى عليه بعض الدراهم من نافذة القصر المهيب.
عقدة الإستجداء رافقت العرب حتى صارت ثقافة عامة في التعامل مع الله، فإرتفعت قيمة العبادات وهوت قيمة العمل إلى الحضيض. أبدع العرب في الرهبنة وتمثيل دور المستضعفين وتركوا العمل وإحتقروا العمال وأضاعوا إتقان الصنعة.
بينما الواقع الحقيقي والميزان الأقسط لعطاء الله وتيسيره هو ميزان العمل. العمل بجد ونشاط وإتقان. أعلم تماما الآن سيأتي من يستشهد ببعض الأحاديث والآيات والروايات التاريخية، لكن هذا مجرد وهم يعيش في العقلية العربية، ذلك أن الواقع مختلف تماما.
لم يدرك العربي أنه عندما يعمل فإنه يعمل مع الله مباشرة. يعتقد أنه يعمل للحكومة أو لصاحب الشركة، بينما في الحقيقة العمل هو لله خالصا. كل الأعمال لله، كل الوظائف لله، كل المناصب من عند الله. عندما يتوجه الموظف إلى مقر عمله فإنه يتعامل مع الله مباشرة، ولأنه لم يدرك هذة الحقيقة فهو يقدم أسوأ ما لديه لله. هو ينفق من أسوأ جهد لله ولذلك المردود يكون على قدر الجهد المبذول.
تأكد بأنك عندما تتوجه إلى عملك أنك تعمل عند الله مباشرة لا الحكومة ولا الشركة. عندما تدرك هذا فلن تخاف من ضياع الوظيفة ولن يحزنك عدم تقدير الآخرين لقيمة عملك ولن تقرن إتقان العمل بمقدار الأجر الذي تحصل عليه.
هذا إله عظيم لكن الناس لا يعلمون.
من المحزن أن لا يعرف الناس قدر الله فينتظرون المردود من البشر المستضعفين. الذين يعملون عن الله، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أين تعمل أنت؟
----------- الفكرة الأساسية -----------
العمل لله وليس للناس. هو يقدر جودة العمل ويجزي به