كيف تفهم القرآن؟

»  كيف تفهم القرآن؟
شكرا لزيارتك! المحتوى متوفر بعد تسجيل الدخول
تسجيل جديد
مدة القراءة: 8 دقائق

أهلا بكم تريدون فهم القرآن؟

بإذن الله ستدرك طرق فهم كتاب الله عز و جل بشكل عملي أكثر.

أولا قبل أن ندخل في موضوع فهم القرآن، أريد أن أبدأ الموضوع بنقطتبن أساسيين :

النقطة الأولى : ما الهدف من القرآن؟

القرآن له عدة أهداف من أهمها :

- التخفيف عليك، كمية الأحمال و الهموم التي أتقلت ظهرك، هذه الأمور تحتاج لمن يلاشيها، و الحمد لله الكتاب أنزل الله فيه كمية كبيرة من المعلومات التي جربها الكثير من الناس و كانت سببا في التخفيف من ضعفهم و عجزهم. إذا فأحد أهداف القرآن أن يخفف عنك من ضعفك.

- أن تحيا حياة طيبة، كثير من الناس تتعذب في حياتها، هذا العذاب الذي تعانيه هو دليل على وجود خلل في الطريقة التي تتعامل بها مع أحداث حياتك، القرآن الكريم يعلمك كيف تتعامل مع أحداث حياتك بشكل طيّب و بالتالي لا تعقّد الأمور و لا تتألّم. أن تحيا حياة طيبة هذا هدف كبير من أهداف وجود كتاب الله عز و جل بين أيدينا.

- أن تدرك الرحمة في حياتك، الفرق بينك و بين الله أنك تحتاج و هو لا يحتاج، الفرق بينك و بينه أنه هو الغني و أنت هو الفقير، حاجتك لزواج و الأكل و السكن و العزة و النصر و الغنى، هذه الأمور لكي تتصل بها و تدركها في حياتك، عليك أن تصل إلى رحمة الله الواسعة، هذه الرحمة الواسعة تصل إليها عندما تفهم كتاب الله عز و جل، ففهم القرآن و تطبيقك لذلك الفهم، هذا الأمر يجعلك مؤهل لكي تستقبل رحمات الله التي تنفعك و لا تضرك.

- أن تشفى من الأمراض بداخل صدرك، هناك نوع من العذاب لا تستطيع أن تشفى منه إلا عن طريق الفهم الصح للأمور، بما أن القرآن كتاب الله، فمعلوماته معلومات أصلية، مثلا تريد الزواج و لكن عدم فهمك لهذا الموضوع يجعل صدرك ضيقا و يجعل كمية من المشاعر تتكون بداخلك فتمرضك و تمنعك من رؤية الخير، عندما تفهم مواضيع الحياة بشكل سليم فصدرك سينشرح و ستختفي كل الأحاسيس التي تمرضك و تمنعك من رؤية الفرص و رؤية الخير، الحمد لله القرآن فيه كل ما نحتاج لنشفى من الأمراض بداخل صدورنا.

- و أخيرا أكبر هدف من القرآن هو أنه يعيد صلتك بالله و باليوم الآخر، أن تعرف الله هذا أمر لا يصل إليه الجميع، أن تعرف أحداث اليوم الآخر هذا الأمر لن تقرأه إلا في القرآن، بفضل الله القرآن يفتح عينيك على معرفة الله حق المعرفة و معرفة الآخرة بكل تفاصيلها العظيمة، الإنسان الذي يعرف الله و يعرف اليوم الآخر و يعيش حياته وفق هذه المعرفة هذا الإنسان تختفي جميع معاناته، فمعرفة الله و اليوم الآخر هي الغاية الكبرى من خلق الإنسان، و من يدرك الغاية تتبخر كل الأمور المزعجة من حياته بقدرة كن فيكون.

النقطة الثانية : ليس أنت من يفهم و لكن الله هو الذي يفهمك.

الناس تعتقد أنها هي التي تفهم، و هذا شيء غير صحيح، أنت لا تفهم الله هو الذي يفهمك، لهذا عندما تتعامل مع القرآن عليك أن تتخلص من الفكرة بداخلك التي تقول "سأفهم سأفهم" بل قل "الله برحمته و فضله سيفهمني و سيحييني حياة طيبة".

نبدأ الموضوع الآن : كيف تفهم القرآن؟

سأعطيك طرق أساسية و مجربة و ستستشعر حقيقتها عندما ستطبقها بإذن الله :

- الطريقة الأولى : القدرة على قراءة حروف اللغة العربية و كلماتها و فهم الكثير من معانيها المتداولة و التي يستخدمها الناس في حديثهم اليومي.

لسان القرآن هو مفتاحك الأول الذي يربطك بما يقوله الله، الحمد لله كلكم تستطيعون قراءة هذا اللسان و الدليل أنكم تقرؤون هذا الكلام و تفهمونه.

فلا عذر لأحد، كلكم قادرون على فهم القرآن لأنكم تربيتم في بيئة عربية و الحمد لله رب العالمين.

- الطريقة الثانية : علاقتك بالله و باليوم الآخر تفتح قلبك لفهم الكتاب.

ذكرنا فوق أن أهم موضوعين يعالجهم كتاب الله هم الله و اليوم الآخر، فلا ينفع أن تدخل لساحة القرآن و أنت غير مرتبط فكريا و شعوريا بالله و باليوم الآخر، هذا الأمر يمنع عنك الهداية، و يمنعك من رؤية الأمور على حقيقتها.

لمن يسأل عن كيف يصحح علاقته بالله و باليوم الآخر؟ لا تسأل، اسأل نفسك، فأنت تعلم جيدا من هو الله و ما هو اليوم الآخر، فقط كن صادق في إحساسك بالله و باليوم الآخر و كل شيء سيتضح بشكل يسير و بدون أي تعب.

لدي مقالات كثيرة و فيديوهات كثيرة تتحدث عن الله و عبادته، راجعها و إن شاء الله تجد جزء من الجواب الذي تبحث عنه.

عندما ستعود صلتك بخالقك إلى صراطها المستقيم، فالله عز و جل سينعم عليك بالفهم السليم لكتابه.

- الطريقة الثالثة : أن يحبك الله.

عندما سيحبك الله، فالله سيبدأ يعطيك حتى ترضى، و الفهم جزء أساسي من العطاء الذي يمن به الله على من يحبهم.

السؤال هو كيف يحبني الله؟

فكرة أن الله يحب الجميع هذه فكرة خاطئة .... لماذا؟ .... لأن الله عرّف نفسه بأنه لا يحب الكافرين و المعتدين و المفسدين و كل مختال فخور و من كان خوانا أثيما و المسرفين و الله لا يحب من لا يحبه.

إن شاء الله في مقال مقبل نناقش الصفات التي لا يحبها الله.

موضوعونا الآن هو كيف نحقق حب الله لنا؟

أولا عليك أن تحب الله، عندما تحب الله بشكل صادق فمباشرة سوف يحبك الله. يقول الله "يحبهم و يحبونه" فالعملية متبادلة بينك و بين الله، عندما ستحب الله فالله سيحبك، و عندما سيحبك الله فأنت سوف تحب الله.

ثانيا عليك أن تجسد الصفات التي يحبها الله في الإنسان :

• الله يحب المحسنبن
• الله يحب التوابين و يحب المتطهرين
• الله يحب المتقين
• الله يحب الصابرين
• الله يحب المتوكلين
• الله يحب المقسطين
• الله يحب الذين يقاتلون صفا كأنهم بنيان مرصوص (هذه تخص الجيش في حالة حصول أي اعتداء و كتب القتال و بالتالي لن ندرس هذه الصفة في هذا المقال).

عندما ستجسد الإحسان و التوبة و الطهارة و التقوى و الصبر و التوكل و القسط في حياتك اليومية، و في فكرك و مشاعرك و حركتك فهنا سينعم عليك الله بحبه و ستبدأ تفهم كل شيء بإذن الله.

في الخطوط القادمة سنشرح هذه الصفات :

• المحسنين : هو أن تفعل أحسن شيء يمكنك فعله اتجاه فكرك و مشاعرك و حركتك، من بين كل الإحتمالات المتاحة لك اختر دائما أحسن احتمال، مع الممارسة اليومية ستصبح من المحسنين و سيحبك الله لأنك أصبحت من المحسنين.

• التوابين : هو إصلاح الخلل بداخلك و اعترافك بالخلل، لديك عادة سلبية توقف عن فعلها و حولها إلى عادة إجابية و هكذا ستصبح من التوابين، تستيقظ دائما في وقت متأخر استيقظ باكرا هذه توبة، تأكل بسرعة كل ببطئ هذه توبة، تسيء الظن كثيرا تعلّم كيف تحسن الظن هذه توبة، يضيق صدرك من كل شيء تعلّم أن تشرح صدرك و تبدأ تتقبّل الأمور التي تعيشها في حياتك هذه توبة ... اعكس سلبياتك و تب إلى الله و ستصبح من التوابين الذين يحبهم الله.

• المتطهرين : الطهارة هي الطهارة الباطنية و الخارجية، الله يحب الإنسان الطاهر داخليا و خارجيا، فلا ينفع أن تكون مهمل لنظافة جسمك و تيابك و باطنك، يقولون هذا شخص قلبه أبيض أي قلبه سليم و خال من الأمراض و التعقيدات، سأحكي لك عن سر بسيط يساعدك على تطهير قلبك بشكل فوري يجعل كل الأمراض تختفي في كن فيكون، الله هو السر، عندما ستبدأ تعبد الله فقلبك سيتطهر بشكل تلقائي، رغم التشويه الذي حصل في موضوع علاقة الإنسان بخالقه، إلا أن مسؤوليتك اتجاه هذه العلاقة ما زالت قائمة فلا تجعل الناس سبب في إهمال هذه العلاقة، كلما صلحت العلاقة كلما زادت طهارتك الداخلية و الخارجية، و الله يحب المتطهرين.

• المتقين : التقوى بكل بساطة هي حماية حياتك و حياة غيرك من الضر، كنت صاحب شركة احمي موظفيك و شركتك من الضر هذه تقوى، كنت أب أو أم احمي أبنائك من الضر هذه تقوى، الأزواج احموا أنفسكم من الضر، كنت تملك سيارة احمي سيارتك من الضر، مالك احميه من الضر، جسمك احميه من الضر، ممتلكاتك احميها من الضر، فكرك احميه من الضر، مشاعرك احميها من الضر، عندما تبدأ تتحرك بمبدأ التقوى فأنت هنا تصبح مؤهل لكي تصبح من المتقين و بالتالي تصبح من من أحبهم الله.

• الصابرين : الصبر بكل بساطة هو إحساسك أن هناك شيء جميل ينتظرك خلف هذه الأمور المزعجة التي تعيشها في حياتك، فصبر جميل و الله يحب الصابرين، الله يحب الصابرين لأن الصابرين لا يقنطوا أبدا من رحمة الله و لا ييأسوا من روحه (أي تدبيره و تخطيطه).

• المتوكلين : التوكل على الله، هو الدليل الوحيد على إيمانك بقدرات الله عز و جل، عندما تقوم بعمل و أنت مستحضر و معتمد على قدرات الله أكثر من اعتمادك على قدراتك و ممتلكاتك و الناس من حولك فأنت هنا تصبح من المتوكلين و الله يحب المتوكلين.

جرب أن تسوق السيارة بقدراتك و لكن بنفسية تعظم قدرات الله أكثر من قدرتك على سياقة هذه السيارة .... صراحة شعور جميل و مريح .... المتوكل على الله يرى الأمور بشكل أوسع و هذا فضل الله على المتوكلين .... حتى هذا المقال هو جزاء بسيط من صفة التوكل التي أسعى إليها دائما و أبدا.

هناك مرحلة متقدمة جدا عند المتوكلين، و هي أنهم عندما يقومون بالعمل يستشعرون أن الله هو الذي قام به و ليس هم، مثلا تشتري ملابس و تستشعر أن الله هو الذي اشتراهم لك و ليس أنت ... حاول أن تصل لهذا الإحساس فعلا أمر رائع جدا و هذا هو عمق قول النبي "لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" (هذا ليس تكاسل، بل هو حركة نافعة كثيرة فيها استشعار لله أكثر من استشعارك لنفسك).

• المقسطين : خطأ كبير يقع فيه الناس هو أنهم لا يقسطون عندما يصدرون أحكاما على الناس، راجع حكمك اتجاه والديك و كن من المقسطين لا تظلمهم بأشياء ليست فيهم، لا تظلم أحد بحكمك المبالغ فيه، الثقافة الغربية لا تمجدها أكثر من الازم، الثقافة العربية لا تظلمها بما ليس فيها، كلما تحكمت في نظرتك للآخرين و بدأت ترى الأمور على حقيقتها دون زيادة أو نقصان كلما أصبحت من المقسطين، حتى مع نفسك و حياتك كن من المقسطين.

هذه هي الصفات الكبرى التي يحب الله أن يراها فيك يا أيها الإنسان، كلما جسدت هذه الأمور في حياتك كلما زاد حب الله اتجاهك و زادت قدرتك على فهم كلام الله عز و جل.

- الطريقة الرابعة : عدم الإستعجال.

لا تستعجل من أجل فهم الأمور، قلت لكم في بداية المقال أن الله هو الذي يفهم الإنسان، فالفهم عملية بيد الله و ليست بيدك، مثل الرزق و الزواج و الأبناء و السفر و الوظيفة كل هذه المسائل علينا أن لا نستعجل فيها بل ننتظر ظهورها في وقتها المناسب.

فالله سيفهمك كل شيء في وقته المناسب فلا تستعجل، الإستعجال يأتي بنتيجة عكسية و قد لا يعجبك الأمر فيما بعد حتى و إن فهمته.

✔ يقول الله : "لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"

✔ يقول الله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ"

✔ يقول الله : "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"

✔ يقول الله : "خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" ..... أي الحقيقة ستظهر ستظهر فلا تستعجل.

أعتقد أن هذه الطرق كافية لتفتح قلبك على الفهم السليم لكتاب الله، جرب على مهل و لا تستعجل، خذ المقال خطوة خطوة، و إن شاء الله تحقق كل كلمة كتبتها لك في هذا البيان.

نقطة أخيرة، كن على احتكاك دائم مع قراءة القرآن أو سماعه و أنت في حالة نفسية طاهرة لا تعاني من أي اضطرابات أو تعلقات أو أحزان أو مخاوف (معالجة إضطراباتك هذا سهل، الأمر يحتاج فقط لصدق)، و بإذن الله ستدرك الغاية من وراء وجود هذا الكتاب في حياتك ألا و هي أن تعرف الله و تحيا حياة طيبة فيها اليسر و السلام و الأمان و الإطمئنان على الدوام و السلام عليكم و رحمة الله.

  • أفضل منصة تداول
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    كيف تفهم القرآن؟

    مدة القراءة: 8 دقائق

    أهلا بكم تريدون فهم القرآن؟

    بإذن الله ستدرك طرق فهم كتاب الله عز و جل بشكل عملي أكثر.

    أولا قبل أن ندخل في موضوع فهم القرآن، أريد أن أبدأ الموضوع بنقطتبن أساسيين :

    النقطة الأولى : ما الهدف من القرآن؟

    القرآن له عدة أهداف من أهمها :

    - التخفيف عليك، كمية الأحمال و الهموم التي أتقلت ظهرك، هذه الأمور تحتاج لمن يلاشيها، و الحمد لله الكتاب أنزل الله فيه كمية كبيرة من المعلومات التي جربها الكثير من الناس و كانت سببا في التخفيف من ضعفهم و عجزهم. إذا فأحد أهداف القرآن أن يخفف عنك من ضعفك.

    - أن تحيا حياة طيبة، كثير من الناس تتعذب في حياتها، هذا العذاب الذي تعانيه هو دليل على وجود خلل في الطريقة التي تتعامل بها مع أحداث حياتك، القرآن الكريم يعلمك كيف تتعامل مع أحداث حياتك بشكل طيّب و بالتالي لا تعقّد الأمور و لا تتألّم. أن تحيا حياة طيبة هذا هدف كبير من أهداف وجود كتاب الله عز و جل بين أيدينا.

    - أن تدرك الرحمة في حياتك، الفرق بينك و بين الله أنك تحتاج و هو لا يحتاج، الفرق بينك و بينه أنه هو الغني و أنت هو الفقير، حاجتك لزواج و الأكل و السكن و العزة و النصر و الغنى، هذه الأمور لكي تتصل بها و تدركها في حياتك، عليك أن تصل إلى رحمة الله الواسعة، هذه الرحمة الواسعة تصل إليها عندما تفهم كتاب الله عز و جل، ففهم القرآن و تطبيقك لذلك الفهم، هذا الأمر يجعلك مؤهل لكي تستقبل رحمات الله التي تنفعك و لا تضرك.

    - أن تشفى من الأمراض بداخل صدرك، هناك نوع من العذاب لا تستطيع أن تشفى منه إلا عن طريق الفهم الصح للأمور، بما أن القرآن كتاب الله، فمعلوماته معلومات أصلية، مثلا تريد الزواج و لكن عدم فهمك لهذا الموضوع يجعل صدرك ضيقا و يجعل كمية من المشاعر تتكون بداخلك فتمرضك و تمنعك من رؤية الخير، عندما تفهم مواضيع الحياة بشكل سليم فصدرك سينشرح و ستختفي كل الأحاسيس التي تمرضك و تمنعك من رؤية الفرص و رؤية الخير، الحمد لله القرآن فيه كل ما نحتاج لنشفى من الأمراض بداخل صدورنا.

    - و أخيرا أكبر هدف من القرآن هو أنه يعيد صلتك بالله و باليوم الآخر، أن تعرف الله هذا أمر لا يصل إليه الجميع، أن تعرف أحداث اليوم الآخر هذا الأمر لن تقرأه إلا في القرآن، بفضل الله القرآن يفتح عينيك على معرفة الله حق المعرفة و معرفة الآخرة بكل تفاصيلها العظيمة، الإنسان الذي يعرف الله و يعرف اليوم الآخر و يعيش حياته وفق هذه المعرفة هذا الإنسان تختفي جميع معاناته، فمعرفة الله و اليوم الآخر هي الغاية الكبرى من خلق الإنسان، و من يدرك الغاية تتبخر كل الأمور المزعجة من حياته بقدرة كن فيكون.

    النقطة الثانية : ليس أنت من يفهم و لكن الله هو الذي يفهمك.

    الناس تعتقد أنها هي التي تفهم، و هذا شيء غير صحيح، أنت لا تفهم الله هو الذي يفهمك، لهذا عندما تتعامل مع القرآن عليك أن تتخلص من الفكرة بداخلك التي تقول "سأفهم سأفهم" بل قل "الله برحمته و فضله سيفهمني و سيحييني حياة طيبة".

    نبدأ الموضوع الآن : كيف تفهم القرآن؟

    سأعطيك طرق أساسية و مجربة و ستستشعر حقيقتها عندما ستطبقها بإذن الله :

    - الطريقة الأولى : القدرة على قراءة حروف اللغة العربية و كلماتها و فهم الكثير من معانيها المتداولة و التي يستخدمها الناس في حديثهم اليومي.

    لسان القرآن هو مفتاحك الأول الذي يربطك بما يقوله الله، الحمد لله كلكم تستطيعون قراءة هذا اللسان و الدليل أنكم تقرؤون هذا الكلام و تفهمونه.

    فلا عذر لأحد، كلكم قادرون على فهم القرآن لأنكم تربيتم في بيئة عربية و الحمد لله رب العالمين.

    - الطريقة الثانية : علاقتك بالله و باليوم الآخر تفتح قلبك لفهم الكتاب.

    ذكرنا فوق أن أهم موضوعين يعالجهم كتاب الله هم الله و اليوم الآخر، فلا ينفع أن تدخل لساحة القرآن و أنت غير مرتبط فكريا و شعوريا بالله و باليوم الآخر، هذا الأمر يمنع عنك الهداية، و يمنعك من رؤية الأمور على حقيقتها.

    لمن يسأل عن كيف يصحح علاقته بالله و باليوم الآخر؟ لا تسأل، اسأل نفسك، فأنت تعلم جيدا من هو الله و ما هو اليوم الآخر، فقط كن صادق في إحساسك بالله و باليوم الآخر و كل شيء سيتضح بشكل يسير و بدون أي تعب.

    لدي مقالات كثيرة و فيديوهات كثيرة تتحدث عن الله و عبادته، راجعها و إن شاء الله تجد جزء من الجواب الذي تبحث عنه.

    عندما ستعود صلتك بخالقك إلى صراطها المستقيم، فالله عز و جل سينعم عليك بالفهم السليم لكتابه.

    - الطريقة الثالثة : أن يحبك الله.

    عندما سيحبك الله، فالله سيبدأ يعطيك حتى ترضى، و الفهم جزء أساسي من العطاء الذي يمن به الله على من يحبهم.

    السؤال هو كيف يحبني الله؟

    فكرة أن الله يحب الجميع هذه فكرة خاطئة .... لماذا؟ .... لأن الله عرّف نفسه بأنه لا يحب الكافرين و المعتدين و المفسدين و كل مختال فخور و من كان خوانا أثيما و المسرفين و الله لا يحب من لا يحبه.

    إن شاء الله في مقال مقبل نناقش الصفات التي لا يحبها الله.

    موضوعونا الآن هو كيف نحقق حب الله لنا؟

    أولا عليك أن تحب الله، عندما تحب الله بشكل صادق فمباشرة سوف يحبك الله. يقول الله "يحبهم و يحبونه" فالعملية متبادلة بينك و بين الله، عندما ستحب الله فالله سيحبك، و عندما سيحبك الله فأنت سوف تحب الله.

    ثانيا عليك أن تجسد الصفات التي يحبها الله في الإنسان :

    • الله يحب المحسنبن
    • الله يحب التوابين و يحب المتطهرين
    • الله يحب المتقين
    • الله يحب الصابرين
    • الله يحب المتوكلين
    • الله يحب المقسطين
    • الله يحب الذين يقاتلون صفا كأنهم بنيان مرصوص (هذه تخص الجيش في حالة حصول أي اعتداء و كتب القتال و بالتالي لن ندرس هذه الصفة في هذا المقال).

    عندما ستجسد الإحسان و التوبة و الطهارة و التقوى و الصبر و التوكل و القسط في حياتك اليومية، و في فكرك و مشاعرك و حركتك فهنا سينعم عليك الله بحبه و ستبدأ تفهم كل شيء بإذن الله.

    في الخطوط القادمة سنشرح هذه الصفات :

    • المحسنين : هو أن تفعل أحسن شيء يمكنك فعله اتجاه فكرك و مشاعرك و حركتك، من بين كل الإحتمالات المتاحة لك اختر دائما أحسن احتمال، مع الممارسة اليومية ستصبح من المحسنين و سيحبك الله لأنك أصبحت من المحسنين.

    • التوابين : هو إصلاح الخلل بداخلك و اعترافك بالخلل، لديك عادة سلبية توقف عن فعلها و حولها إلى عادة إجابية و هكذا ستصبح من التوابين، تستيقظ دائما في وقت متأخر استيقظ باكرا هذه توبة، تأكل بسرعة كل ببطئ هذه توبة، تسيء الظن كثيرا تعلّم كيف تحسن الظن هذه توبة، يضيق صدرك من كل شيء تعلّم أن تشرح صدرك و تبدأ تتقبّل الأمور التي تعيشها في حياتك هذه توبة ... اعكس سلبياتك و تب إلى الله و ستصبح من التوابين الذين يحبهم الله.

    • المتطهرين : الطهارة هي الطهارة الباطنية و الخارجية، الله يحب الإنسان الطاهر داخليا و خارجيا، فلا ينفع أن تكون مهمل لنظافة جسمك و تيابك و باطنك، يقولون هذا شخص قلبه أبيض أي قلبه سليم و خال من الأمراض و التعقيدات، سأحكي لك عن سر بسيط يساعدك على تطهير قلبك بشكل فوري يجعل كل الأمراض تختفي في كن فيكون، الله هو السر، عندما ستبدأ تعبد الله فقلبك سيتطهر بشكل تلقائي، رغم التشويه الذي حصل في موضوع علاقة الإنسان بخالقه، إلا أن مسؤوليتك اتجاه هذه العلاقة ما زالت قائمة فلا تجعل الناس سبب في إهمال هذه العلاقة، كلما صلحت العلاقة كلما زادت طهارتك الداخلية و الخارجية، و الله يحب المتطهرين.

    • المتقين : التقوى بكل بساطة هي حماية حياتك و حياة غيرك من الضر، كنت صاحب شركة احمي موظفيك و شركتك من الضر هذه تقوى، كنت أب أو أم احمي أبنائك من الضر هذه تقوى، الأزواج احموا أنفسكم من الضر، كنت تملك سيارة احمي سيارتك من الضر، مالك احميه من الضر، جسمك احميه من الضر، ممتلكاتك احميها من الضر، فكرك احميه من الضر، مشاعرك احميها من الضر، عندما تبدأ تتحرك بمبدأ التقوى فأنت هنا تصبح مؤهل لكي تصبح من المتقين و بالتالي تصبح من من أحبهم الله.

    • الصابرين : الصبر بكل بساطة هو إحساسك أن هناك شيء جميل ينتظرك خلف هذه الأمور المزعجة التي تعيشها في حياتك، فصبر جميل و الله يحب الصابرين، الله يحب الصابرين لأن الصابرين لا يقنطوا أبدا من رحمة الله و لا ييأسوا من روحه (أي تدبيره و تخطيطه).

    • المتوكلين : التوكل على الله، هو الدليل الوحيد على إيمانك بقدرات الله عز و جل، عندما تقوم بعمل و أنت مستحضر و معتمد على قدرات الله أكثر من اعتمادك على قدراتك و ممتلكاتك و الناس من حولك فأنت هنا تصبح من المتوكلين و الله يحب المتوكلين.

    جرب أن تسوق السيارة بقدراتك و لكن بنفسية تعظم قدرات الله أكثر من قدرتك على سياقة هذه السيارة .... صراحة شعور جميل و مريح .... المتوكل على الله يرى الأمور بشكل أوسع و هذا فضل الله على المتوكلين .... حتى هذا المقال هو جزاء بسيط من صفة التوكل التي أسعى إليها دائما و أبدا.

    هناك مرحلة متقدمة جدا عند المتوكلين، و هي أنهم عندما يقومون بالعمل يستشعرون أن الله هو الذي قام به و ليس هم، مثلا تشتري ملابس و تستشعر أن الله هو الذي اشتراهم لك و ليس أنت ... حاول أن تصل لهذا الإحساس فعلا أمر رائع جدا و هذا هو عمق قول النبي "لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" (هذا ليس تكاسل، بل هو حركة نافعة كثيرة فيها استشعار لله أكثر من استشعارك لنفسك).

    • المقسطين : خطأ كبير يقع فيه الناس هو أنهم لا يقسطون عندما يصدرون أحكاما على الناس، راجع حكمك اتجاه والديك و كن من المقسطين لا تظلمهم بأشياء ليست فيهم، لا تظلم أحد بحكمك المبالغ فيه، الثقافة الغربية لا تمجدها أكثر من الازم، الثقافة العربية لا تظلمها بما ليس فيها، كلما تحكمت في نظرتك للآخرين و بدأت ترى الأمور على حقيقتها دون زيادة أو نقصان كلما أصبحت من المقسطين، حتى مع نفسك و حياتك كن من المقسطين.

    هذه هي الصفات الكبرى التي يحب الله أن يراها فيك يا أيها الإنسان، كلما جسدت هذه الأمور في حياتك كلما زاد حب الله اتجاهك و زادت قدرتك على فهم كلام الله عز و جل.

    - الطريقة الرابعة : عدم الإستعجال.

    لا تستعجل من أجل فهم الأمور، قلت لكم في بداية المقال أن الله هو الذي يفهم الإنسان، فالفهم عملية بيد الله و ليست بيدك، مثل الرزق و الزواج و الأبناء و السفر و الوظيفة كل هذه المسائل علينا أن لا نستعجل فيها بل ننتظر ظهورها في وقتها المناسب.

    فالله سيفهمك كل شيء في وقته المناسب فلا تستعجل، الإستعجال يأتي بنتيجة عكسية و قد لا يعجبك الأمر فيما بعد حتى و إن فهمته.

    ✔ يقول الله : "لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ"

    ✔ يقول الله : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ"

    ✔ يقول الله : "فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"

    ✔ يقول الله : "خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ" ..... أي الحقيقة ستظهر ستظهر فلا تستعجل.

    أعتقد أن هذه الطرق كافية لتفتح قلبك على الفهم السليم لكتاب الله، جرب على مهل و لا تستعجل، خذ المقال خطوة خطوة، و إن شاء الله تحقق كل كلمة كتبتها لك في هذا البيان.

    نقطة أخيرة، كن على احتكاك دائم مع قراءة القرآن أو سماعه و أنت في حالة نفسية طاهرة لا تعاني من أي اضطرابات أو تعلقات أو أحزان أو مخاوف (معالجة إضطراباتك هذا سهل، الأمر يحتاج فقط لصدق)، و بإذن الله ستدرك الغاية من وراء وجود هذا الكتاب في حياتك ألا و هي أن تعرف الله و تحيا حياة طيبة فيها اليسر و السلام و الأمان و الإطمئنان على الدوام و السلام عليكم و رحمة الله.

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين