التغيير ذلك المصطلح الذي ملأنا به مواقع التواصل الاجتماعي و قاعات التدريب و قلب رؤوس معظم المتدربين و كيانهم و جعلهم يتخبطون من وقع هذه الكلمة على أنفسهم و حجم ثقلها عليهم . و رجوعا الى قوله تعالي :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " .
في حقيقة الأمر أن هذا التغيير المطلوب حتى تصبح أفضل و أراده الله لنا و من هذه الاية الكريمة خلقت علوم كثيرة تتحدث عن أليات التغيير و التطوير و من خلال هذه التقنيات و خبرتي في هذا المجال تبين لي ان التغيير في الحقيقة ليس هو بمعناه المجرد " تغيير " بل هو تنظيف ما علق بالبشر من طفولتهم بل و قبل ولادتهم من قناعات و صدمات و ما وضع على كينونتهم الأصيلة من أقنعة و مفاهيم وبرمجات جعلتهم لا يكونوا هم على فطرتها و سجيتها وكما أرادها الله أن تكون .
لذلك وقع هذه الكلمة مؤثر جدا و عنيف على العقل البشري الذي يحفظ كل تلك الأقنعة والبرمجة التي تعيش بها الآن و تحجبك عن كينونتك الأصيلة فتنشأ المقاومة الكبيرة جراء هذه الكلمة و تفاعلات الإنسحاب لهذه البرامح و الأقنعة تكون قوية مما يجعلك تيأس أو تمل من كثرة التعب و المقاومة التي يبديها عقلك و تظهر على جسدك من ألام مختلفة و ارهاق غير واضحة أسبابه بالنسبة لك .
في النسخة الحالية لطالبي التغيير كان مصدرها الرئيسي البشر بامتياز . و النسخة الجديدة المطلوب تغييرها هي كينونتك و مصدرها الرئيسي فطرتك التي خلقها الله و وحييها من روح الله التي بك جزءا منها
ما أود قوله هو أن لا ترهق عقلك و تكرهه بفكرة التغيير بل قل لنفسك بحب
أنا أريد أكون أنا و فقط نستختي الأصلية التي فطرني الله عليها نقية صافية متصلة بمصدرها الحقيقي
عندما ترغب بفعل شيء قم به دون أن تخرج برأسك مئات الافكار الطاردة لفكرتك أو لرغبتك
عندما تريد أن تحقق هدف أن تسير نحوه بعزم و حب و وحي من روحك لا من المجتمع
عندما تريد أن تعلب و تلهو و تقفز تفعل دون أن تخاف من الناظرين إليك و من كلامهم عنك
عندما تحب و تعشق تعلن و تحلق نحو من تحب دون إذن من أحد سوى روحك
عندما تريد أن تعرف خالقك و تعبده .. تعرفه بوعيك و روحك أنت لا بوعي الآخرين
لا نريد أن نتغير بل نريد أن نكون نحن
لا أريد أن أتغير بل أريد أن أعود أنا
لا أريد أن أشبه أحد بل أريد أن أكون أنا
لا أريد أن اكون تابعاً لأحد أريد أن أتصل بمصدري لأكون أنا ..
اجلس و هديء من روعك خذ نفس عميق و عميق جدا و كرر اغمض عيونك و انوي الاتصال بمصدرك بالعالم الأكبر الذي بداخلك .. استمر سترى في البداية ظلام دامس تلك هي أقنعتك .. لا تخاف منها و لا تخشاها ..كرر أنوي الاتصال بمصدري أنوي أن أرى عالمي الأكبر ذلك النور الذي يحجبه ظلام برمجتنا وا وهامنا رويدا رويدا سيختفي عندما تركز على أن هذا الظلام يخفي و رائه نور عظيم .وابداعات لكائن مذهل خلقه الله وقدرات لا محدودة وجمال متفرد .. استمر بالمحاولة .. ستعنادك نفسك قليلا قليلا .. لا بأس استمر ..
كل يوم اغمض عيونك و تأمل ذلك الظلام و ناقشه بهدوء و حب اشكره و امتن له و اطلب منه مغادرتك بسلام .. كل يوم جلسة هادئة محبة مع نفسك ستصل إليك .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
[ سورة الحديد: 28 ]
فالتغيير ليس تغيير بل عودة للأصل ..
عيشها صح
غادة حمد