تربينا منذ الصغر على أن الخجل شيء جميل, وخلق حميد....
تربينا أن نقول حاضر ونعم... لا يهم مانريده نحن لكن علينا ألا نرفض طلبا لأحد....
أن هدفنا في الحياة هو إسعاد الآخرين ولو على حساب سعادتنا.... أن نعطي بلا حدود...و لو جلب ذلك لنا العوز و الفقر....... علينا البذل للآخرين.... مساعدتهم المطلقة, طلبوا ذلك أم لا....
وعلى الجانب الآخر... أن نظل صامتين.... لا نشكوا مهما ساء حالنا, ولا نطلب مهما احتاجنا المساعدة.... لأن الطلب ذل والعطاء عزة....
ثم انطلقنا في الحياة بهذين المبدئين ظنا منا أن الجميع كذلك....فإذا بنا نساعد الناس ولايساعدوننا, نعاونهم ولا نجد منهم العون.... لماذا اذن؟ما الخلل الذي حدث في المعادلة كي لا تتحقق؟
في مرحلة سابقة من حياتي كنت أشبه نفسي والأشخاص الخجولين بتشبيهين.... طفل رضيع أو حيوان أليف
فالطفل الرضيع, والحيوان الأليف لا يمكنهما التعبير عما بداخلهما.... لا يستطيعان طلب أي شيء أو الشكوى من أي شيء.... فالرضيع ينتظر أن تشعر أمه بجوعه و عطشه... أن تعرف متى يكون بكائه مرض... أو جوع... أو مجرد جلب لانتباهها.... هو ببساطة لا يستطيع طلب أي شيء ولا يمكنه الشكوى من أي ألم....وعلى صاحب الحيوان الأليف أن يفهم شعوره بمجرد النظر إليه... لكن المشكلة أن الخجول لا يتعامل مع أمه أو مربيه فحسب... وإنما يتعامل مع المجتمع بأسره... ويظن أن على كل من حوله يشعر به ... وأن يساعده بغيرطلب... وأن يعرف أي الأشياء تضايقه فلا يفعلها أحد مرةأخرى.....لكن عزيزي الخجول... تذكر أنك لست رضيعا ولست حيوان أليف.... أنت تمتلك لسانا, وتستطيع الكلام.... يمكنك التعبير عن نفسك ببساطة شديدة... يمكنك أن تقول لزميلك الذي يلقي عليك الشغل كله أنك لا تستطيع عمل كذا أو كذا... يمكنك اخبار صديقك الذي يضايقك أن فعله الفلاني يضايقك... وتستطيع أيضا أن تطلب المساعدة عند احتيياجك.... أنت لم تُخلق لتتحمل متاعب الآخرين... ولم يُخلق الآخرين ليشعروا بك بدون أن تتكلم أو تعبر عما بداخلك.....
خُلقنا جميعا لنتبادل المنافع بيننا...لنعطي ونأخذ.... لنستمع إلى الآخرين ويستمعون إلينا.... وهكذا... فإذا حاولت أنت العيش بأحد الطرفين على حساب الآخر لن تجني إلا حياة بائسة... تعود أن تحب العطاء... وأن تقبل الأخذ...
تقبل مساعدة الآخرين لك واطلبها, فهذا ليس عيبا.....
وأخيرا... لا تعطي فقط, ولا تأخذ فقط...... اجعل حياتك متوازنة بين هذا وذاك...
إلى اللقاء يا أصدقائي