هل تشعر بأن خصوصيتك منتهكة؟ إن كان كذلك فأهلا وسهلا بك في عصر التكنولوجيا. نحن نعيش في عصر المعلومات حيث كل شيء معروف لكثير من الناس. يستطيع أي إنسان الحصول على معلومات كثيرة عنك بطرق متعددة، سواء من المواقع على شبكة الإنترنت أو من خلال المؤسسات التجارية أو المؤسسات الحكومية. بياناتك الشخصية متوفرة حول العالم ويمكن لأي باحث قليل الخبرة أن يكشف عنك أشياء لم تتوقع أنها متوفرة بتلك السهولة. فمثلا إسمك الكامل، عمرك، عنوان سكنك، أفراد عائلتك ووظيفتك وحتى مستوى دخلك. هذة معلومات متوفرة لدى الكثير من المؤسسات وإن بشكل متفرق ولكن يمكن جمعها من بضعة مصادر لتكوين صورة شبه كاملة عمن تكون.
لا تستطيع أن تختفي عن الأنظار ولا تستطيع التعتيم على شخصيتك إلا بالتخلص من التكنولوجيا بالكامل وهذا صعب جدا في وقت لا تستطيع فيه إجراء أي معاملة مع أي جهة دون إدخال بياناتك الشخصية الصحيحة. الكل يجمع معلومات عنك. هذا الشيء لا يجب أن يخيفك أبدا لأن هذا هو الطبيعي. من الطبيعي أن يعرف الناس رقم بريدك ورقم هاتفك، من الطبيعي أن يمكن العثور على صورتك بألف طريقة مختلفة، من الطبيعي أن يتمكن أي إنسان إستخراج معلومات تعتقد أنها سرية من مكان عملك أو المسجد الذي تصلي فيه.
دعني أعطيك مثال بسيط على سهولة إستخراج رقم هاتف شخص لا يريد إعطائك رقم هاتفه. إتصل بمكان عمله وقل لهم أنك تريد الإتصال به ضروري لأن عندك طرد بإسمه وصل لك عن طريق الخطأ. لتتواصل مع مدير شركة يحاول التخفي عنك، إتصل بقسم الهاتف وأطلب منهم معلومات عن منصبه الرسمي. مثلا المدير العام، أو الرئيس الفخري أو رئيس مجلس الإدارة، إلخ... إطلب كل المعلومات التي تريدها وأخبر الموظف أنك من مؤسسة كذا وكذا وتريد أن توجه له دعوة رسمية لحضور ندوة أو مؤتمر معين وهذا ما يجعلك تطلب المعلومات.
يمكن الحصول على معلومات كثيرة وصور شخصية من خلال الأصدقاء المشتركين. معظم موظفي الدولة يستطيعون الوصول إلى معلومات كثيرة عن أي مواطن وهذا عمليا يعني أنها متوفرة لأشخاص عاديين في إدارة الهجرة والجوازات، والصحة، والتعليم، ومراكز الشرطة، وديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل وغيرها من مؤسسات ومنظمات خدمية مختلفة. في الحقيقة أن معلوماتك الشخصية متوفرة في كل مكان فلا داعي للقلق أو حتى الحذر فأنت تحاول إخفاء معلومات معروفة وموثقة.
ما يمكنك إخفاءه أو التحفظ عليه هو يومياتك، أحداثك الشخصية، أهدافك وطموحاتك. هذة تحتفظ بها لنفسك إن كان هذا من مصلحتك ويخدم أغراضك. العالم هذة الأيام مبني على الوضوح وتوفر المعلومة وليس من الحكمة التحفظ على ما يمكن الوصول إليه بسهولة لأن هذا سيزيد نسبة التوتر لديك بلا فائدة. شخصية جيمس بوند لا تخدم أغراضك كما في السابق، بل بالعكس هناك من سيمتنع عن التعامل معك لأنك مبهم الشخصية في زمن تتجه فيه الأشياء نحو الوضوح.
