كل شخص يولد على الفطرة النقية الجميلة المحررة من كل شيء ..و لكن ..هذا المولود لم ياتي لوحده بل جاء نتاج رجل و امراة على الاغلب يعيشون دون وعي كمعظم البشر فيحمل هذا الطفل خللا نفسيا في تكوينه والذي يبدأ يظهر واضحا كلما كبر الطفل بتأكيد البيئة الخارجية لما فيه من بعض المعلومات التي اكتسبها و هو في بطن أمه من خلال طريقة التنشئة التقليدية اللاواعية والتبعية في الصفات والاهداف والتصرفات التي يرغب الأهل بزراعتها بابنائهم .. لو انتبهتم قليلا لوجدتم الجيل الجديد يتقن التكنولوجيا و البحث في الهواتف الذكية و تشغيل التطبيقات بعمر سنتين و فوق اكثر من رجل عمره 50 عام اقتنى هاتف ذكي في عمر كبير .. لماذا ؟ طاقيا لان ذبذبات هذه التكنولوجيا تملأ الدنيا و عليه ستكون معرفة في هالة هذا الطفل فهي ليست غريبة عليه كما كانت غريبة علينا ..فما انتشر من ذبذبات في محيطنا لا تتعدى ألعاب يدوية صنعت باليد او الالعاب الحركية التي توارثناها من والدينا . كذلك الأمر بالنسبة للصفات والسلوك و كل ما يخص البنية النفسية والفكريه للطفل .
فأول صنم وجد في حياة الطفل هو أمه الذي تشرب خوفها و تعلقها به فتعلق هو بها عاكسا شعورها فأصبح الطفل محدود الحركة والتطور لانشغاله بتعلقه بأمه و إشغالها له بهذا التعلق ود ون وعي منها ..فتجدها لا تستطيع أن تنام الا بجانبه علما أن الطفل بعد ثلاثة اشهر من ولادته يمكن أن ينام بغرفة منفصلة عن والديه ولكن الام هي التي ترفض تحريره من سريرها ليكبر و يبقى لسنوات ماسكا ثوبها تجره و رائها خائفا باكياً من فقدانها عن بصره ..كل هذه الحركات تعيق تقدم و نمو الطفل بل تركز نموه على تعلقه بمصدر أمنه و سعادته الوحيدة و كأنها تقول له إزرع فكرة ان ثمن حريتك وحركتك خسارة من تحب وخسارة مصدر السعادة و الأمن ..وتردد الأمهات بثقة ابني متعلق بي ..والحقيقة هي العكس .. فينشأ للطفل صنم الأم و مفهوم التعلق . و هي المشكلة الأكبر التي يعاني منها معظم البشر وتسببت في فشلهم في الحياه وشقائهم بها ...
وكنتاج طبيعي لصنم الأم ..تبدأ تتكاثر الأصنام في حياة الطفل صعودا بكل ما يصادف طريقه ..الى التعلق بالألعاب و خوف الحرمان منها والتعلق بأي شخص يقدم له الحب و الحنان او التعلق بمشاهدة مسلسل و لا نستطيع النوم أو التركيز إن فاتتنا منه حلقة .. أو التعلق بمدرسة ما لأن الاصدقاء موجودين فيها على سوئها ..ثم يكبر و يتعلق بهدفه و يتألم لعدم الوصول له و يتألم لانه لا يملك الدنيا كلها او على حبيبته التي رأها مصادفة والتعلق بأطنان الملابس و الأغراض المكدسة في الخزائن دون استخدام سوى 20% منها او أقل و لا يستطيع الاستغناء عنها ..بل و يطمئن علي كثرتها كل قترة و الامثلة كثيرة على الأصنام التي تملأ حياه الناس ويتالمون منها و لأجلها .. .
وكل ذلك بدأ بانعكاس لشعور الأم أو الأب ولكن الغلبة للأم في ذلك و الذي ينشأ من تعلقها بطفلها هي على أولادها و ألمها الناتج عن هذا التعلق خوفا و حباً ومن الحب ما قتل .. و هذا القتل النفسي حاصل فعلياً.. و أنشيء جيلاً لا يتقن إلا التعلق والألم و الحرمان و الفشل ..
فأول معنى للحرية يتعلمه الطفل هو حريته عن أمه و تخليصه من شعور الحاجة المستمر لها ويبدأ من الأم لا من الطفل ليتعلم فك الأرتباط و التدريب على الاستغناء عن المصادر الخارجية للسعادة والأمان .ففي لحظات هدوء الطفل تقوم الأم بحمله و ملاعبته و هو بين يديها بدلا من وضعه على السرير ليستمتع باللعب والحركة الطفوليه حرا بل تقييده بين يديها بل وبين ايدي كل السعداء به حتى يعتاد القيود رغم مقاومته الشديدة لها حسب فطرته النقية .
نحن جيل تعبت أيدينا و قلوبنا و نحن نقاوم ذلك اللفاع الذي التف حول أجسادنا حتى أعناقنا مقيدين برباط شديد منعنا التنفس والحركة خوفا علينا من برد عارض و حسب المعتقد حتى تشتد عظامنا و لا نملع و لكن الفرق شدة داخل أسر ..لنجد أنفسنا محاطين بالقيود من كل حدب و وصوب .
عزيزتي الأم .. أنت أول صنم بحياة أطفالك وكما أنت مصدر التكاثر البشري أيضا أنت مصدر تكاثر الأصنام في قلوب أولادك ..فك تعلقك بهم و اوقفي الشعور بالخوف عليهم حتى تنتجي أطفالا أحرار عن كل ما يستعبد القلب و النفس ويدمرها .
حتى في الرضاعة حاولي أن ترضعي طفلك و أنت نائمة على جانبك و اتركيه يحرك قدميه و يده مستمتعا بشعوره بامتلاك طعامه و هو حراً و ليس مقيدا .. لا تقولي صعب و مستحيل بل هذه تجربتي الخاصة جدا ..و تجربة كثيرات أيضا ربما لم تلتقي بهن بعد ..قيمتك لن تستمديها من تعلق أبنائك بك بل كل متعلق محروم .. و لابد أن تعي جيدا أن أطفالنا سيواجهون الكثير من الأصنام في حياتهم يعبدونها على المستوى الفكري والديني و الاجتماعي فعليك أن تعديهم على الحرية من نعومة أظفارهم علهم يكسرون ما استطاعوا من تلك الأصنام لينعموا بحرية العقل والقلب و الهداية .عندها فقط تكوني أما حقيقية ..الامومة عالم كبير وجب عليك تعلمه ...
عيشها صح
غادة حمد