نولد في الحياة وقلوبنا نقيه محمله بالشغف والحب والتناغم مع كل شيء مفعمين بالنشاط والحيوية وتحمسين لتلقي الحب ومنحه للاخرين وللحياة من خلال كل مظاهر الوجود ، وتمر الايام والسنين وتضمحل هذه الصورة داخلنا شيئا شيئا وتتحول الى صورة مغايره تماما عما عهدنا بسبب فهمنا الذهني والشخصي لتجربه الحياة المحصورة بذواتنا المحدوده وتجربتها الارضية ، واول مانعتقدة تجاة الحياة وذواتنا لاحقا هو الشعور بنقص الحب تجاة ذاتنا وحياتنا والاخرين
شعور نقص الحب يبدء من معاملة الاهل لنا وشعورنا إننا غير مرغوبين ومحبوبين بسبب اخطائنا او عيوبنا الشخصية وذلك يولد فينا عقدة نقص واهتزاز في قيمتنا الذاتيه واحتياج عاطفي يؤدي الى تشوة في صورتنا الذهنيه وطريقه تعاملنا الغير سويه مع انفسنا والاخرين وانعكاسات الحياة . ويؤدي الى كرة الذات والصراع معها والبحث عن قيمه تغطي هذا الشكل المشوة من خلال تزويق الظاهر الشكلي بالمظاهر الماديه او الباطن بالمظاهر الاخلاقيه والمثاليه او من خلال العمل والنجاح في مجالات مرموقه بالحياة لنغطي قليلا على هذا الالم المغروس فينا وان لم نثق بوجود هذا الالم فالنشعر ماهي قيمة حياتنا بدونه عند زواله تلك اللحظه سيتفجر الالم كبركان هائج يصرخ بكل تعلق لا تأخذوا مني هذا المنصب او هذا الشخص او هذا الشيء لأنه يغطي على نقصي ،أو على جرحي ،أو على احتياجي الخفي للحب والاهتمام من الاخرين ،نحن مجبولين على الحب والحب هو مصدرنا ومنه نستمد قيمتنا ،والمشكله ليست بهذا ، المشكله تكمن بإنفصالنا عن هذا الحب بأعتقادنا اننا غير محبوبين واننا لسنا تعبير عن الحب وان هذا العالم لايعكس إتجاهنا هذا التعبير بل نشعر بالعكس تماما.
اذ نشعر اننا غير محبوبين وان هذا العالم لا يَكُن تجاهنا غير الُكرة والرفض والامبالاة ، واننا يجب ان نُصارع من اجل الحصول على هذا الحب الثمين بكل قوة ،وسندرك ان كل آلامنا وجراحنا وحاجاتنا وأغلب مشاكلنا يكمن خلفها الاحتياج للحب والافتقار لمعنى الحب في حياتنا ، حتى اغترابنا عن ذواتنا وبحثنا عن معنى لحياتنا وشعورنا بالاكتئاب وعدم وجود معنى لها ورفضها كما هي والبحث عن ذات وحياة جديدة افضل، سببه انعدام قيمتنا وقيمة حياتنا الحاليه بسبب انعدام الحب فيها فنراها كئيبه وغير ملونه .
وان حاولنا التعمق بمعنى الحياة نجد ان اغلب المكتئبين اكبر مشاكلهم هو فقدان المعنى والعبثية والبحث عن قيمة لذواتهم ولحياتهم والشعور بالإحباط لإنعدام هذا ألمعنى. وعندما نتسائل ماهو هذا المعنى الذي نبحث عنه لجعل حياة ذات قيمة سنكتشف انه الحب لاغير ،ان نشعر بالحب واننا محبوبين ونمنح الحب وكل مايحيطنا يمنحنا هذا الشعور لان الحب هو قيمتنا الحقيقيه وهو جوهرنا السامي الذي يشع داخل ارواحنا وبأحساسنا به نضيء وتنجلي تلك الغربه وذلك الاكتئاب ونخرج من تلك المتاهه والعبثية الى صورة اكبر من الصورة الشخصية الضيقة للحياة وسندرك ان الحياة ماهي الا تعبيرات عن الحب بكل تجلياتها ونحن جزء من هذه التجليات وتعبير عن الحب ،والا لماذا تجلينا في هذا الوجود إلا لنزهر ونجمل الحياة بشتى تنوعاتها لخدمة هذه العائلة الواحده الكبيرة ،عندما ننظر للحياة من الزواية الاكبر من ذواتنا سنرى الحياة رؤية كونية قلبيه لا شخصانية محدودة وضيقه وستتهاوى اوهام الذات الزائفه ويشع جوهرنا ونفهم ان قيمتنا تكمن في جوهرنا الخالد وإننا كما كل الكائنات من جماد وحيوان ونبات وإنسان كلنا متصلين بنفس المصدر وكلنا نشع ونتغذى من نفس النور وكلنا تعبير وتجلي من تجليات الحب الالهي .وكل افعالنا واعمالنا هي اغلبها للصالح العام ولإتمام مسيرة الحياة وخدمة الوجود ، وبالرغم من الإطار الشخصي الذي نضعهُ على حياتنا وافعالنا ونتصرف اغلب الوقت لصالحنا الشخصي من خلال الاعمال والافعال لكن عندما نرى الامر من اطار اكبر سنجد ان اغلب افعالنا تصب في صالح كل الكائنات وتخدم الحياة والوجود سواء وجودنا او وجود الاخرين ،وان ابسط الافعال ان قمنا بها بوعي سندرك انها تعبيرات عن الحب حتى غسلنا لوجوهنا صباحا هو تعبير عن الحب ، تلك القطعه من الصابون التي تخدمنا في غسل بشرتنا هي تعبير عن الحب وذلك الشخص الذي صنع الصابونه هو تعبير عن الحب ،ذلك العطر الذي نضعه هو تعبير عن الحب من خلال زجاجة العطر ومن خلال صانع العطر وان خلال وضعنا للعطر وشم الاخرين لتلك الرائحه الذكيه ماهو الا تعبير عن الحب ايضا،
طهونا للطعام وتناولنا له لتغذية اجسادنا تعبير عن الحب وكل مايرزقنا الله به من ثمار وبركات من خلال خلقه ومخلوقاته اليس ذلك تعبير عن الحب،الجسد الذي يحتوينا ايدينا واقدامنا واعيننا اليست كيانات محبه خلقت لخدمتنا ،أليست هي ايضا تعبيرات عن الحب الذي يحيط بنا ، عندما نتأمل الحياة بهذه الطريقه ونراها بهذه الكيفيه سنشعر بالامان واننا موجودين في هذا العالم كتعبير عن الحب عن الاخذ والعطاء ونحن نجسد دورا جليلا في هذا الوجود واننا غارقين بهبات الحياة ومغمورين بالحب والرعايه من كل الكائنات حولنا ونحن لسنا وحدنا ولسنا غير محبوبين ولسنا غير ذوي قيمه، بل العكس تماما لكن وعينا الذاتي هو المسؤل عن الرؤية سواء كانت ضيقه او كونيه شاسعه شامله تجعلنا نتوحد سويا ككيانات طاقيه مخلوقه من نور المحبه ، نحن احرار في توجيه دفة وعينا الى اي توجه سواء كان شخصي ضيق محدود او كوني حر لامحدود ،نحن من نبني اقفاصا لارواحنا وبأمكاننا ان نحلق خارج اقفاصنا ونتحرر من تلك الاوهام بسهوله
وعلينا دائما ان نتحرر من كل القيود التي تقمعنا في قماقم مظلمة ونتوسع في منظورنا للوجود لجعله شاملا مزدهرا اكثر واكثر لنستطيع ان نتناغم مع التعبير الصادق لحقيقتنا العظمى كأرواح وكيانات ساميه لامحدودة ونحترم قيمة وجودنا في هذه الحياة المقدسة.
اتمنى ان تشاركوني آرائكم في التعليقات