من صفات المؤمن أنه دائم التفكير في الأمور الخارجة عن نطاقه الحسي و المادي.
و أحد أكبر هذه الأمور جنَّة الخُلد بعد يوم الحساب.
أنت الآن تعيش في الدنيا و لكن حياتك الدنيوية ما هي إلا صورة مصغرة جدًا لما ينتظرك بعد موتك.
✔ يقول الله : "وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ"
فالدار الآخرة هي الأصل و هي الأساس و هي النهاية و هي الحقيقة.
و الموت هو الفاصل بين ما كنت فيه و بين ما ستكون عليه في الدار الآخرة.
خلقنا الله و جعل لنا السمع و البصر و الفؤاد و أمرنا بأن نكون عبادا له لا يلتفتون لدنيا و زينتها و يعملون صالحا اتجاه كل صغيرة و كبيرة استخلفوا فيها.
من سيحقق العبادة و يحقق العمل الصالح فهو لا شك سيكون مِن مَن رضي الله عنهم و أدخلهم في رحمته الأبدية في جَنَّة الخُلد.
عجيب أمر الإنسان الذي ينغمس في الدنيا و ينسى نهايته و الهدف من وجوده في أرض الله.
و كأن الله خلقه لكي يكون حِمْلاً على نفسه و على الأرض و على الناس.
الله خلقك لكي تُعلِّم نفسك و تعلِّم الناس كيف يصبحون عبادا لله، يؤثرون و لا يتأثرون، يصلحون و لا يفسدون، يجاهدون و لا يتكاسلون، ينظمون و لا يشتتون، يؤلفون و لا يفرقون، يبنون و لا يهدمون، يشجعون و لا يستهزؤون، يعلمون و لا يجهلون.
الله خلقك لتُعلِّم نفسك و تعلِّم الناس كيف يرجون رحمة الله و لقائه و كيف يعملون بجهد و صدق ليدخلوا إلى جنَّة الخلد سالمين و منعمين و مرضيين.
⁉ سؤال : ماذا يوجد في جنَّة الخُلد؟
كلنا نعلم الحديث القدسي الذي رواه النبي عن الله : "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر"
فهذه هي جنّة الخُلد.
?ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر.
ألوان جديدة مختلفة عن الألوان التي رأيناها في الدنيا.
أشكال جديدة.
أصوات جديدة.
صور جديدة.
أجسام جديدة.
مناظر جديدة.
طعام جديد.
مذاق جديد.
شراب جديد.
رزق جديد.
لباس جديد.
مشاعر جديدة.
أفكار جديدة.
مساكن جديدة.
حيوانات جديدة.
كل شيء سيكون جديدا و مختلف عن الدنيا و زينتها.
الناس هناك لا يقولون لغوًا و لا تأثيمًا إلا سلامًا سلامًا. سمعك و بصرك سيتنعمون بأعلى درجات السلام.
هناك لا ملل.
لا تعب.
لا نوم.
لا ألم.
لا موت.
لا خوف.
لا فُرقة.
لا جوع.
لا حَر.
لا بَرد.
هناك ستعيش أعظم تجربة في حياتك. و هي تجربة رؤية الله عز و جل، تجربة رؤية من خلق الدنيا و ما فيها، من خلق جنَّة الخُلد بكل ما فيها من جديد.
رؤية الله هي منتهى السعادة و منتهى الأحاسيس و منتهى الأفكار و منتهى الحركة و منتهى كل شيء.
فليس هناك تجربة أعظم من رؤية الله.
نحن في الدنيا نشعر بالله و نفكر فيه و نتعلَّم منه و نتحرك إليه و لكننا لا نراه و لا نسمعه.
ففي الجنة ستراه و ستسمعه.
هل زُرْتَ أماكن جميلة على سطح الأرض؟ كالجبال مثلا أو البحار أو الشلالات؟
لا شك أنك تستمتع و أنت تنظر إلى هذه المخلوقات الجميلة و تسمع إلى هدوئها و طبيعتها.
مخلوقات الله ما هي إلا جزء صغير جدا من جمال الله و صوت الله.
فرؤية الله في جنّة الخُلد ستكون تجربة لم يسبق لك أن استشعرت جمالها أبدا و كل المشاعر البشرية ستقف عاجزة أمام شعور الإنسان و هو داخل إلى جنّة الخُلد التي سنرى فيها الله و نسمع فيها صوت الله.
فركز مع نفسك و جسمك و أرضك بكل ما أتاك الله من إيمان و من عمل صالح حتى تكون مِن مَن تَقُلت موازينه في يوم الحساب.
✔ يقول الله : "وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ"
------------------------------------------------------------
كتبه "أسامة حنف"