نظرتنا للأم تحمل الكثير من التشوه النفسي لصورة الإنسان. نحن نرى بأن الأم هي تلك المرأة الكئيبة المتشحة بالسواد تعمل ليل نهار في خدمة أولادها. تضحي بحياتها من أجلهم، تتعذب من أجلهم، لا تخرج إلا إلى بيت أمها لتتبادلان الأحزان وتستمتعان بالكئابة.
عالم الأمهات عالم بائس حقا. لأنها أم يجب أن لا تكون أنثى، لأنها أم يجب أن تمتنع عن الإحتفال بالحياة، لأنها أم يجب لا تتابع الموضة، لأنها أم لا يجب أن تكون ديناميكية ومنطلقة ومتحررة.
لم يبقى إلا أن نعلن، الموت للأمهات.
أو ربما نحن قد فعلنا فعمليا المرأة تتوقف عن الحياة بعد الزواج والذي قد يكون مبكرا جدا في بعض الأحيان. في الثامنة عشرة أو في العشرينات من العمر تعتزل الأم العربية الحياة وتصبح فجأة عجوز شمطاء.
يا ويلها من تفكر أن تعود للحياة فأولادها سيكونون لها بالمرصاد وكأنها الأمة التي ولدت سيدها. فجأة أولادها يصبحون رجال ولهم كلمة عليها وكأنهم هم ولدوها لا هي التي ولدتهم، تعيسة تلك الأم التي تعتمد على أولادها في معيشتها. ليس لها إلا الذل والهوان وفي أفضل الأحوال إن أنفقوا عليها فهي مطالبة بأن تحترم كل أفكارهم المنحرفة عن الأم. تصبح أمهم عارا عليهم إن هي أقبلت على الحياة.
ماذا لو تطلقت تلك الأم؟ أوووووووه هذا سيكون أسوأ بكثير. هنا سيتفنن الأولاد في كسر شوكتها. إنها سيندريلا البيت تكنس وتطبخ وتغسل دون تقدير. آه نسيت سيهدونها خلاط كهربائي في عيد الأم. سيحتفلون بها. سيكرمونها بما يخدمهم ويريحهم أكثر.
أحذر كل النساء من الأمومة لأنها نهاية المطاف بالنسبة لأكثر النساء. كوني أما واعية وأنشيء أولادك على الإستقلالية. كوني مستقلة تماما عنهم وربيهم على أنك إنسانة وإلا فإنهم سيكونون محرجين أمام الناس من حياتك. ستكونين عارا عليهم. هكذا سينظرون إليك.
إن كنتِ في هذا الوضع الآن فلا تيأسي من المحاولة. إستعيدي حياتك، فكي الإرتباط ومن لا يعجبه أنك عدتِ للحياة فليشرب من البحر. في زيارتك القادمة للبحر لا تنسي أن تجلبي معك قنينة ماء البحر المعطر بالطحالب النتنة. إسقيهم منها لعلهم يرشدون.
