من سيدخل الجنة؟

»  من سيدخل الجنة؟
شكرا لزيارتك! المحتوى متوفر بعد تسجيل الدخول
تسجيل جديد
مدة القراءة: 3 دقائق

باعتقادي يجب أن يجد كل إنسان جوابه الخاص على هذا السؤال، وذلك لأن الجواب يحدد للإنسان أولوياته في الحياة وبناء عليها يتحدد الكثير من خياراته.

إذا نظرنا إلى كتاب الله نجد أن دخول الجنة لمن أتى الله بقلب سليم، وكذلك من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا ومن يعمل مقدار ذرة خير ومن أفلح وزكا نفسه ذلك صاحب النفس المطمئنة، باختصار الجنة في الآخرة تعتمد على سلامه القلب التي بدورها تعتمد على النية تجاه الأشخاص والأعمال، فعندما نحمل نية صالحة ونعمل عمل صالح نقترب بقلوبنا من الجنة ونكون مهيؤون لها

لكن ماذا عن العبادات والشعائر أليست هي مفتاح الجنة؟ قد تساعد العبادات مثل الصلاة والصوم وغيرها على تطهير القلب الا انها ليست الغاية بحد ذاتها ولا تغني الإنسان في الآخرة إن كانت أعماله ونيته غير صالحة، فالعبادات كالتدريبات العسكرية تجعل الجندي أكثر استعدادا للمعركة ولكنه لا يعتبر منتصرا إلا إذا خاض المعركة وهزم خصمه الحقيقي وهو وساوس الشيطان التي تبعد الإنسان عن إحقاق الحق والصدق والأمانة وأداء الأعمال الصالحة.

إذا كانت الجنة لأصحاب القلب السليم فما هي علاقة أعمال الإنسان بدخوله إلى الجنة؟ كل عمل يقوم به الإنسان يترك أثر في قلبه إما يطهره أو يدنسه، هذا الأثر حقيقي ويدركه الانسان في قرارة نفسه، بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، ففي المحصلة إما يطير قلب الإنسان به إلى الجنة أو يكون مثقلا فيسقط به إلى الجحيم، وهذا الاثر تراكمي وتمسح الحسنه أثر السيئة فعندما يقوم الانسان بعمل سيئ ثم يتبعه بعمل صالح فإن العمل الصالح يمسح أثر العمل السيئ، وهذا لا يعني أن يتعمد الانسان أن يقوم بالعمل السيئ ثم يلجئ إلى أداء العمل الصالح، وذلك انه يعرف انه نوى على ذلك في قرارة نفسه فتكون المحصلة وقوع الأثر السيء ولا يستفيد شيئا من عمله "الصالح" هذا لأنه قام به بنية سيئة.

السؤال يقودنا ما هو العمل الصالح، وكيف نعرفه؟ هل هو مطلق؟ هل هو متساوي عند كل الناس؟ الجواب في رأيي أن العمل الصالح نسبي لكل إنسان حسب منظومة القيم الخاصة به وهنالك تقاطع كبير بين الناس، وهو ما يسمى بالمعروف، وتتكون منظومة العمل الصالح عند الانسان من مجموعة من العوامل، فهنالك مجموعة الأوامر والنواهي والتي اشتركت بها جميع الاديان والبعض يسميها الفطرة، مثل الصدق والعدل والامانة وغيرها، وكذلك يحدد للإنسان منظومته القيمية ما أتاه من علم وقدرته على الاستيعاب، بحيث تكون محصلة هذه المدخلات جميعا منظومة قيمية يعرف بها الانسان العمل الصالح ويعرف في قرارة نفسه أنه يتخذ القرارات السليمة فيطهر قلبه أو العكس فيدنس قلبه، وتجدر الملاحظة هنا أن الانسان لا يحاسب في الأخرة إن قام بعمل يضر به الأخرين دون علم ولأنه لا يدنس قلبه عندما يعمل عمل لا يعرف أنه سيئ، لكن لا يمنع ذلك أنه سيحصل على نتيجة العمل السيئ في حياته، فكون الانسان لا يدرك فذلك لا يجعل منه برئا فكما هو معروف قوانين الكون تعمل سواء علم الانسان بها أم لم يعلم.

ما علاقة خواتيم الأعمال؟ هل من أمضى حياته يسئ إلى هذا ويؤذي ذلك، ثم قبل وفاته بنى مسجدا او قام بحجة، أو قام بغيرها من الأعمال هل تمسح خاتمة أعماله هذه ما قام به خلال حياته؟ الجواب يعتمد على الطريقة التي وصل بها إلى هذه الأعمال، إن الله سبحانه ترك الباب مفتوح للإنسان المسرف في تدنيس نفسه ليعود إلى الله ويصلح نفسه، وقد جعل هذا الباب من خلال التوبة الصادقة، ولا تتحقق إلا إذا طبق الانسان اركانها الثلاثة، ندم أشد الندم على ما فعل، لم يعد لتلك الأعمال السيئة، وأعاد الحقوق لأصحابها، هذه الشروط الثلاثة صعبة جدا لكن لو طبقها الإنسان فعلا فسيطهر قلبه ولو بشكل نسبي، عندها فقط ممكن أن تكون خاتمة أعماله منقذة له، ليس لأنه حج او بنى مسجد بل لأنه صادق النية في تطهير نفسه.

وخلاصة القول من أراد أن يدخل الجنة فعلية بالتقوى، أي تحري الصدق والصلاح في كل قول وفعل، ونصرة المظلوم وإحقاق الحق مهما كان الباطل قويا ومقنعا ومهما تضارب الحق مع مصلحتنا الشخصية، وإن ذلك لشديد إلا على عباد الله الصالحين

هذه خواطري أحببت أن أشاركها معكم وأرحب بوجهات نظركم.

  • Weight loss product
  • مقالاتي المفضلة

    • لم يعثر على أي تفضيلات
  • تعلّم الإنجليزية بسرعة

    تعلّم الإنجليزية بسرعة

  • شبكة أبرك للسلام - جميع الحقوق محفوظة
    Developed by WiderSite

    من سيدخل الجنة؟

    مدة القراءة: 3 دقائق

    باعتقادي يجب أن يجد كل إنسان جوابه الخاص على هذا السؤال، وذلك لأن الجواب يحدد للإنسان أولوياته في الحياة وبناء عليها يتحدد الكثير من خياراته.

    إذا نظرنا إلى كتاب الله نجد أن دخول الجنة لمن أتى الله بقلب سليم، وكذلك من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا ومن يعمل مقدار ذرة خير ومن أفلح وزكا نفسه ذلك صاحب النفس المطمئنة، باختصار الجنة في الآخرة تعتمد على سلامه القلب التي بدورها تعتمد على النية تجاه الأشخاص والأعمال، فعندما نحمل نية صالحة ونعمل عمل صالح نقترب بقلوبنا من الجنة ونكون مهيؤون لها

    لكن ماذا عن العبادات والشعائر أليست هي مفتاح الجنة؟ قد تساعد العبادات مثل الصلاة والصوم وغيرها على تطهير القلب الا انها ليست الغاية بحد ذاتها ولا تغني الإنسان في الآخرة إن كانت أعماله ونيته غير صالحة، فالعبادات كالتدريبات العسكرية تجعل الجندي أكثر استعدادا للمعركة ولكنه لا يعتبر منتصرا إلا إذا خاض المعركة وهزم خصمه الحقيقي وهو وساوس الشيطان التي تبعد الإنسان عن إحقاق الحق والصدق والأمانة وأداء الأعمال الصالحة.

    إذا كانت الجنة لأصحاب القلب السليم فما هي علاقة أعمال الإنسان بدخوله إلى الجنة؟ كل عمل يقوم به الإنسان يترك أثر في قلبه إما يطهره أو يدنسه، هذا الأثر حقيقي ويدركه الانسان في قرارة نفسه، بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، ففي المحصلة إما يطير قلب الإنسان به إلى الجنة أو يكون مثقلا فيسقط به إلى الجحيم، وهذا الاثر تراكمي وتمسح الحسنه أثر السيئة فعندما يقوم الانسان بعمل سيئ ثم يتبعه بعمل صالح فإن العمل الصالح يمسح أثر العمل السيئ، وهذا لا يعني أن يتعمد الانسان أن يقوم بالعمل السيئ ثم يلجئ إلى أداء العمل الصالح، وذلك انه يعرف انه نوى على ذلك في قرارة نفسه فتكون المحصلة وقوع الأثر السيء ولا يستفيد شيئا من عمله "الصالح" هذا لأنه قام به بنية سيئة.

    السؤال يقودنا ما هو العمل الصالح، وكيف نعرفه؟ هل هو مطلق؟ هل هو متساوي عند كل الناس؟ الجواب في رأيي أن العمل الصالح نسبي لكل إنسان حسب منظومة القيم الخاصة به وهنالك تقاطع كبير بين الناس، وهو ما يسمى بالمعروف، وتتكون منظومة العمل الصالح عند الانسان من مجموعة من العوامل، فهنالك مجموعة الأوامر والنواهي والتي اشتركت بها جميع الاديان والبعض يسميها الفطرة، مثل الصدق والعدل والامانة وغيرها، وكذلك يحدد للإنسان منظومته القيمية ما أتاه من علم وقدرته على الاستيعاب، بحيث تكون محصلة هذه المدخلات جميعا منظومة قيمية يعرف بها الانسان العمل الصالح ويعرف في قرارة نفسه أنه يتخذ القرارات السليمة فيطهر قلبه أو العكس فيدنس قلبه، وتجدر الملاحظة هنا أن الانسان لا يحاسب في الأخرة إن قام بعمل يضر به الأخرين دون علم ولأنه لا يدنس قلبه عندما يعمل عمل لا يعرف أنه سيئ، لكن لا يمنع ذلك أنه سيحصل على نتيجة العمل السيئ في حياته، فكون الانسان لا يدرك فذلك لا يجعل منه برئا فكما هو معروف قوانين الكون تعمل سواء علم الانسان بها أم لم يعلم.

    ما علاقة خواتيم الأعمال؟ هل من أمضى حياته يسئ إلى هذا ويؤذي ذلك، ثم قبل وفاته بنى مسجدا او قام بحجة، أو قام بغيرها من الأعمال هل تمسح خاتمة أعماله هذه ما قام به خلال حياته؟ الجواب يعتمد على الطريقة التي وصل بها إلى هذه الأعمال، إن الله سبحانه ترك الباب مفتوح للإنسان المسرف في تدنيس نفسه ليعود إلى الله ويصلح نفسه، وقد جعل هذا الباب من خلال التوبة الصادقة، ولا تتحقق إلا إذا طبق الانسان اركانها الثلاثة، ندم أشد الندم على ما فعل، لم يعد لتلك الأعمال السيئة، وأعاد الحقوق لأصحابها، هذه الشروط الثلاثة صعبة جدا لكن لو طبقها الإنسان فعلا فسيطهر قلبه ولو بشكل نسبي، عندها فقط ممكن أن تكون خاتمة أعماله منقذة له، ليس لأنه حج او بنى مسجد بل لأنه صادق النية في تطهير نفسه.

    وخلاصة القول من أراد أن يدخل الجنة فعلية بالتقوى، أي تحري الصدق والصلاح في كل قول وفعل، ونصرة المظلوم وإحقاق الحق مهما كان الباطل قويا ومقنعا ومهما تضارب الحق مع مصلحتنا الشخصية، وإن ذلك لشديد إلا على عباد الله الصالحين

    هذه خواطري أحببت أن أشاركها معكم وأرحب بوجهات نظركم.

    رأيك مهم، شارك بفكرة تثري تجربة الآخرين